في ظل انتشار موجة من الكراهية العالية بين المواطنين اليهود إزاء العرب والفلسطينيين وبين المواطنين العرب إزاء اليهود، وتدفق عشرات آلاف المواطنين على طلب رخص سلاح، اتخذت لجنة السلوك في الكنيست (برلمان إسرائيل) قراراً بفرض عقوبات على اثنتين من النواب العرب بسبب تصريحات مناهضة للحرب على قطاع غزة.
فقد فرضت اللجنة البرلمانية عقوبات على النائبتين إيمان خطيب ياسين من القائمة العربية الموحدة للحركة الإسلامية وعايدة توما سليمان من الجبهة الديمقراطية للسلام، بقطع الراتب لمدة أسبوعين، وتعليق النشاط البرلماني لشهر لإيمان خطيب ولشهرين لعايدة سليمان.
وكانت إيمان خطيب صرحت خلال مقابلة في قناة الكنيست بأن مسلحي حماس «لم يذبحوا أطفالاً أو يغتصبوا نساء»، بعكس ما ورد في فيلم للجيش الإسرائيلي عن هجوم الحركة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وهي تراجعت لاحقاً عن تصريحها وقالت إنها تستنكر الجرائم التي ارتكبتها «حماس» واعتذرت وقالت إنها «لم تقصد إنكار هذه الأفعال الشنيعة». أما العقوبة على النائبة عايدة سليمان، فجاءت لأنها اتهمت الجيش الإسرائيلي بارتكاب جرائم حرب، خصوصاً بعد مهاجمة المستشفيات في غزة، وإطلاق نار على نازحين. وأشار قرار اللجنة إلى أن عايدة توما سليمان في ظهورها وردها أمام لجنة الأخلاقيات لفتت إلى أنها في التغريدة التي نشرتها كانت تعيد نقل شهادات، وهذا ما يشكل جزءاً من حرية التعبير السياسية الواسعة الممنوحة لعضو الكنيست.
وبحسب بيان اللجنة: «تعتقد اللجنة أن اتهام الجيش الإسرائيلي بارتكاب جرائم حرب من قبل عضو كنيست، يساهم بجهود أعداء دولة إسرائيل للمساس بشرعيتها، سواء عن قصد أو غير قصد. كذلك تأسف اللجنة لأن النائب عايدة توما سليمان اختارت التمسك بموقفها، ولم تتراجع، أو تتأسف أو تتحفظ عن كلامها، رغم البيان الرسمي للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي».
وقد جاء هذا القرار متأثراً بموجة العداء للعرب المنتشرة في المجتمع الإسرائيلي، التي تشير الاستطلاعات إلى أنه يبلغ أوجه منذ اندلاع الحرب، إذ تبين أن نحو 90 في المائة من الجمهور في إسرائيل يقدرون، باحتمالية عالية ومتوسطة، أنه في القريب ستندلع أعمال عنف بين اليهود والعرب، كما حدث في شهر مايو (أيار) 2021، مقابل 70 في المائة من العرب يعتقدون ذلك. وجاء في مقدمة الاستطلاع، الذي أجراه معهد «إيكورد» في الجامعة العبرية في القدس، بعد أسبوعين على اندلاع الحرب، أن «90 في المائة من اليهود و98 في المائة من العرب أجابوا بأنهم يعارضون بشكل واضح العنف ضد المجموعة الأخرى. ولكن في المقابل، نصف المستطلعين في المجموعتين قدروا أن أبناء القومية الأخرى يؤيدون العنف ويمكن أن يمارسوه».
وقال البروفسور عيران هالبرين، من قسم علم النفس في الجامعة، إن الصورة التي تظهر من الاستطلاع تشير إلى التوتر الشديد بين اليهود والعرب في إسرائيل. وأضاف: «المذبحة في 7 أكتوبر هي حدث تأسيسي، له تأثير نفسي كبير جداً. فاليهود والعرب يعيشون خوفاً جماعياً وشخصياً حقيقياً، وهذا يستند إلى صدمات الماضي – الكارثة والنكبة. هذه الرؤية يمكن أن تؤدي إلى رخصة أخلاقية، تسهّل الانزلاق إلى أعمال العنف». وأضاف: «يوجد عدم تفهم مطلق، أكثر بكثير مما كان في السابق، للطرف الثاني. التيار اليهودي العام لا يفهم، ضمن أمور أخرى، لماذا يخاف العرب من التعبير عن أنفسهم بحرية في الشبكات الاجتماعية، أو لماذا لا يقفون بشكل علني ضد (حماس)؛ العرب يشعرون بالإهانة من المطالبة المستمرة بإدانة أعمال القتل، التي هم أنفسهم تضرروا منها، وبالتأكيد لم يؤيدوها. وهكذا فإن 89 في المائة من اليهود يؤمنون بأن معظم السكان في قطاع غزة يؤيدون هجوم (حماس). النسبة الموازية بخصوص الفلسطينيين في المناطق هي 84 في المائة، وبالنسبة للمواطنين العرب في إسرائيل فإن النسبة هي 54 في المائة».
وتزداد المخاوف بانفجار العنف مع المعطيات التي نشرت الأربعاء ودلت على أن وزارة الأمن القومي الإسرائيلية تلقت منذ بداية الحرب على غزة، 236 طلباً من مواطنين للحصول على رخصة سلاح، وأصدرت خلال هذه الفترة القصيرة أكثر من 31 ألف رخصة سلاح، واشترى 18 ألف مواطن مسدسات بعد حصولهم على الرخص. وبحسب هذه المعطيات، فإن عدد الطلبات للحصول على رخصة سلاح منذ بداية الحرب على غزة يفوق عدد الطلبات التي قُدمت خلال العشرين عاماً الماضية. ومنذ بداية الشهر الحالي تم إصدار نحو 1700 رخصة سلاح بالمعدل يومياً.
يذكر أن رخص السلاح صدرت بهذه الكميات بسبب التسهيلات التي تمت وفقاً لسياسة وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، الذي كان قد دعا «كل من يستوفي الشروط ولم يبدأ بإجراءات تقديم طلب لرخصة سلاح أن يفعل ذلك». وقد وضعت في عهده معايير جديدة متساهلة لاستصدار رخصة سلاح لغرض التسهيل.