الوساطة القطرية تسعى لتقريب وجهات النظر بين إيران والولايات المتحدة
الوساطة القطرية تسعى لتقريب وجهات النظر بين إيران والولايات المتحدة

الوساطة القطرية تسعى لتقريب وجهات النظر بين إيران والولايات المتحدة

أكد خبراء وأكاديميون أمريكيون أن قطر تحافظ على سياسة خارجية متوازنة، تنشط لكن بعناية، وتتبنى مسارات الوساطة القطرية، والمصالح الإيجابية الثنائية، مشيرين إلى أن ذلك برز في جولتها الدبلوماسية التي يقوم بها سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، والذي استهل فيها رحلته إلى الولايات المتحدة الأمريكية في لقاءات مهمة جمعته بالمسؤولين بالبيت الأبيض والخارجية والكونغرس والمدراء التنفيذيين للمنظمات العالمية التي تتخذ مقرها في واشنطن، وكان من اللافت أن يتوجه وزير الخارجية من واشنطن صوب طهران، خاصة في خضم الملفات والتحديات العديدة ومخرجاتها الإيجابية والمكانة التي تتمتع بها قطر ومحوريتها لكل من الجانبين، ما طرح أجندة الوساطة التي تدعمها قطر لاستعادة الاتفاق النووي الإيراني، ودورها في التهدئة، حينما احتدمت حدة التصعيد بوتيرة خطيرة في
عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والتي أثرت على استقرار المنطقة، وهددت
منظومة شحن وتوريد الطاقة، وعاش خلالها العالم في حالة فزع من سيناريوهات مواجهة
تترك الجميع خاسرين.

أدوار محورية

يقول تريتا بارسي، الخبير المتخصص في العلاقات الأمريكية- الإيرانية، وأستاذ السياسة الدولية بجامعة جونز هوبكينز: إن العلاقات ما بين الدوحة وطهران تم تعزيزها بصورة مكثفة
في السنوات الماضية والمهم أنها جاءت بتفهم دولي ببعض من التعقيد الجيوسياسي
الذي اعترى المنطقة في سنوات عصيبة مضت، ولكن توجهات الصدام عموماً تحولت
بعد رحيل إدارة ترامب ومجيء إدارة بايدن ليحدث تغير في التوجهات الدولية والإقليمية
نحو منطق حماية المصالح وبراغماتية الأهداف المشتركة، والتغيير الكبير في المشهد العام
لم يختلف عن تغيير في
الأنظمة الداخلية للدول، خاصة إن هناك تغيرات إستراتيجية في منظومة الإدارة والرئاسة
في كل من واشنطن وطهران معاً، في حين كسبت قطر معركتها طويلة المدى في موازنات النفوذ
الإقليمي الدولي، فهي الأنشط دبلوماسياً، وملتقى للفعاليات الدولية والشراكة الأممية
والأجدر بأدوار الوساطة المحايدة، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات الأمريكية- الإيرانية، فقطر
وعمان والكويت كلها دول تجمعها علاقات إستراتيجية مع إيران، وتتبنى دائماً نهج التقريب
واحتواء التصعيد،

والدور القطري محوري وأكثر اتصالاً بالجانبين من حيث كونها تحتفظ بأكبر القواعد الأمريكية
في المنطقة، في منقطة العُديد بالقرب من الدوحة، ولكنها لديها علاقات ثقة جيدة للغاية
مع إيران التي تشترك معها في حقول الغاز تحت البحر في حقل الشمال في الخليج العربي، وفي
ظل الجهد الدولي لاستعادة الاتفاق النووي الإيراني بين الولايات المتحدة وإيران والتي
كان آخرها محادثات فيينا، تعرض الدوحة وساطة دائمة بين واشنطن وطهران على مدار السنوات
القليلة، وتحظى قطر بثقة الولايات المتحدة خاصة بعد الجهود الإيجابية الرائعة التي قامت
بها في ملف محادثات السلام الأفغانية، كما تتفهم إيران وضع قطر المتميز والمغاير لأي مخاوف
وانعدام ثقة يجمعها مع أطراف أخرى منهم تل أبيب وجبهاتها وأنشطتها التحريضية لمواصلة التصعيد وتقويض استعادة الاتفاق النووي.

رصيد دبلوماسي

ويتابع تريتا بارسي، أستاذ السياسة الدولية بجامعة جونز هوبكينز: إن قطر عموماً لديها
رصيد تاريخي في دعم ملف الاتفاق النووي والتهدئة مع إيران منذ طرحه في عام 2015، وكانت في صدام مع التوجهات الإسرائيلية في الحكومة السابقة في ظل نتنياهو والتي سعت
بكل الطرق إلى التحريض الأمريكي ضد إيران وبصورة كانت بارزة في عهد الرئيس ترامب، في مراهقات ومغامرات سياسية فاشلة طالبت بقطع شامل للعلاقات بل دق طبول الحرب
مع الجانب الإيراني، وقد حاول نتنياهو أن يقوم بدور مخرب للاتفاق النووي الإيراني
في عام 2015، ومن المتوقع مواصلة حكومة نفتالي بينيت النهج ذاته في ممارسة الدور التخريبي
للمساعي الدبلوماسية لاستعادة الاتفاق النووي في 2021، وبالتأكيد ستكون الحكومة
الإسرائيلية الجديدة لديها أجندة من عرقلة التوجه العالمي والدولي لاستعادة الاتفاق النووي.

اقرأ ايضاً
سمو الأمير يعزي الرئيس الجزائري

الحوار الإقليمي

أمّا جيمس إم جولديجير، المسؤول السابق في البيت الأبيض للسياسة الخارجية والأمن القومي
في عهد الرئيس بيل كلينتون، وعميد كلية الخدمة الدولية بالجامعة الأمريكية بواشنطن، والأكاديمي المتخصص بالعلاقات الخارجية فيؤكد: إن دور وساطة قطر بين واشنطن وطهران ينقلنا في عرف السياسة الدولية إلى نهج الإستراتيجية الإقليمية، بمعنى أن الجهد الدولي
والأوروبي والدول ذات المصالح ناقشت العديد من الأمور المتعلقة باستعادة الاتفاق النووي الإيراني والوساطة بين طهران وواشنطن في ملفاتها الأبرز من ضمن منطق النفوذ والقوى والانخراط المباشر للأطراف، ولكن كان هناك انتظار لنتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية،
ومن الممكن تفهم أن مباحثات وزير الخارجية القطري في واشنطن مع صناع القرار تسرب منها توجه بانفتاح لبداية خط جديد إيجابي للتقارب استدعى تفعيل الإستراتيجية الإقليمية لأنها
بكل تأكيد خط أخير مباشر تتصاعد الحاجة إليه مع قرب استعادة توقيع الاتفاق من جهة،
والآثار المباشرة بحكم الطبيعة الجغرافية لقطر والدول الخليجية مع إيران في السيناريوهات الخاصة بمستقبل العلاقات، ولكن تفعيل الإستراتيجية الإقليمية بين واشنطن وطهران
لا بد أنه التقى مع خط جديد تبنته إيران وقطر معاً وبدت بعض مؤشرات انفتاح منه في دول
خليجية عديدة، لضرورة الحوار الخليجي-الإيراني،

أهمية الوساطة القطرية



وأهمية أن يكون هناك حوار وتواصل دبلوماسي يجمع بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي، ينتقل من الحديث عن مجرد الاتفاق النووي الإيراني، للتحديات الأخرى التي من المهم أيضاً أن
ندرك أنها من الأكثر إلحاحاً في منظومة العلاقات مع إيران والمرتبطة بالملف النووي بالطبع،
ولكن الأهم بالنسبة للدول الإقليمية هو ما يتعلق بالدور الإقليمي والهجمات الصاروخية ووكالة النفوذ في دول المنطقة، وتلك القضايا الإقليمية يجب أن تكون محور حوار مشترك من
أجل العمل على احتوائها، ولكن بصفة عامة فإن خطوة البدء في الحوار وتضافر جهود
قطر مع المجتمع الدولي يجب أن تتمثل في استعادة الاتفاق النووي مع إيران كخطوة
أولية تحظى بتوجه عالمي إيجابي، وذلك في ظل تزايد المساعي الدبلوماسية العالمية
وأيضاً توجه إدارة بايدن وأيضاً الدوائر الإيرانية بالاستعداد للمضي قدماً في خطوة استعادة المباحثات الإيجابية لاستعادة الاتفاق النووي الإيراني، ويأتي ذلك ضمن موقف من التنازل
المشترك أو طرح سياسة الالتزام
المشتركة، والتي تتمثل في أن الموقف الحالي لإدارة الرئيس جو بايدن يرغب في أن
تظهر إيران مبادرة أو بتعهد واضح بالرجوع عن تلك الخطوات، والتي يكون التراجع عنها
شرطا لرفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية الموقعة على إيران، وبصورة طبيعية
على الجانب المقابل ترغب إيران في النقيض من الطرح الأمريكي بالتمسك برفع
العقوبات الاقتصادية أولاً، حسبما صرحت القيادات الإيرانية.

المصدر: الشرق

شاهد أيضاً

غرفة قطر تدعو لإنشاء شركة للنقل البري تحت نظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص

غرفة قطر تدعو لإنشاء شركة للنقل البري تحت نظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص

دعت لجنة الخدمات بغرفة قطر إلى إنشاء شركة للنقل البري تحت نظام الشراكة بين القطاعين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *