يواجه المستشار الألماني أولاف شولتس، ضغوطا متزايدة بسبب سياسته تجاه الحرب الأوكرانية، والتي يصفها سياسيون ألمان بأنها “مترددة”، رغم الدعم المتواصل الذي يقدمه شولتس وحكومته إلى كييف منذ بداية الحرب في فبراير الماضي.
وقبل أيام، انتقد تحالف إشارة المرور المكون من الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي)، سياسة الرئيس الألماني في التعامل مع ملف الدعم المقدم لأوكرانيا، وطالبوه باتخاذ مواقف أكثر قوة فيما يتعلق بتسليم أسلحة ثقيلة لأوكرانيا.
من جانبه، أعرب أندريه ميلنيك، السفير الأوكراني في ألمانيا، الجمعة، عن استيائه مجددا من آلية تعامل حكومة بلاده مع الملف الأوكراني، ووصفها بالتخاذل، قائلا: “ببساطة فإن برلين خذلت أوكرانيا.” فيما أعرب عن شكوكه برغبة برلين تسليم أي أسلحة ثقيلة لكييف، ودعا إلى اتخاذ قرارات “شجاعة“.
وفي السياق، قال فلوريان هان، عضو الاتحاد الديمقراطي المسيحي المعارض في البوندستاغ وعضو لجنة الدفاع، في مقابلة مع مجلة سيسيرو، إن المستشار شولتز “يريد تأخير تسليم الأسلحة“.
وبالفعل تأخرت برلين في تسليم شحنة الأسلحة الثقيلة إلى كييف، والتي تمت الموافقة عليها قبل شهر، في ضوء ضغوط قوية تعرض لها المستشار شولتز من الأحزاب السياسية داخل البلاد وأيضا من أوكرانيا والحلفاء الأوروبيين.
ويرجع المراقبون السبب في ذلك للضغوط التي تمارسها روسيا على كل من فرنسا وألمانيا لمنع تقديم أي دعم إضافي إلى كييف، ووقف القرار الألماني بتوريد مزيد من الأسلحة الثقيلة والدبابات إلى أوكرانيا.
وفي السياق، حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، خلال محادثة هاتفية مع المستشار الألماني أولاف شولتز والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، من تسليم أسلحة ثقيلة إلى أوكرانيا.
وفي المقابل، تواجه ألمانيا ضغوطا أخرى تتعلق بمدى كفاءة الدبابات التي أعلنت تسليم 15 منها خلال شهر يوليو المقبل، حيث يصفها الخبراء بأنها “عديمة النفع”، خاصة أنها من طراز غيبارد، التي تم إيقاف تشغيلها منذ فترة طويلة في ألمانيا، كما أنها تفتقر إلى الذخيرة.
ويرى الخبير الأمني رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، جاسم محمد، أن المستشار الألماني يواجه في الوقت الراهن تحديات مضاعفة على المستوى الدولي، ومن جانب الحلفاء الأوروبيين لتزويد أوكرانيا بدفعات من الأسلحة الثقيلة التي طالبت بها مرارا.
وفي تصريح لـسكاي نيوز عربية، يقول محمد إن المستشار الألماني، رغم الضغوط التي يتعرض لها لا يزال يلتزم بسياسة تتسم إلى حدّ كبير بالحكمة والرصانة في التعامل مع تداعيات الأزمة الراهنة.
ويشير محمد إلى أن ألمانيا ما زالت تحت ضغط دول الناتو خصوصا من أوروبا الشرقية، التشيك وبولندا إلى جانب الولايات المتحدة والانتقادات الحادة من أوكرانيا.
لكن رغم ذلك يبدو، وفق محمد، أن المستشار الألماني يظهر سياسة رصينة ومتزنة رغم هذه الضغوطات، فهو لا يريد أن يخسر مصداقيته أمام الناتو والغرب، وفي نفس الوقت يحاول “فرملة” مطالب حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي وحزب الخضر والأحزاب الأخرى بشأن إرسال الأسلحة والمعدات الثقيلة إلى أوكرانيا.
ويرفض المستشار الألماني الانتقادات التي وجهت إليه حول تردده في دعم كييف منذ بدء الغزو الروسي.
وقال شولتز لقناة “زد دي إف” التلفزيونية، الأسبوع الماضي: “لقد قررت دائما بشكل سريع، مع الجميع، التنسيق مع الحلفاء”، مضيفا أن استراتيجيته الثابتة هي أن تتصرف ألمانيا “بحكمة وبعقل واضح“.
وشدد شولتز على أن المساعدات المالية والعسكرية التي قدمتها ألمانيا والدول الأخرى أسهمت في النجاحات التي حققها الجيش الأوكراني، الذي قال إنه “قادر الآن على الصمود لفترة طويلة ضد مثل هذا الخصم العتيد“.
وقال المستشار الألماني إن ألمانيا ستواصل دعم الجيش الأوكراني في هذا الشأن.
المصدر:سكاي نيوز