تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل
تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل

محادثات جادة وتقدم في تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل “مسألة وقت”

تزامنا مع الكشف عن جهود ومساعي لتطبيع العلاقات بين السعودية و”إسرائيل” ووجود مفاوضات بهذا الشأن مع الطرفين، أعلنت صحف أمريكية وإسرائيلية عن وجود محادثات جادة بين الرياض و”تل أبيب” لدفع هذه المساعي قدما وبناء علاقات تجارية وإيجاد ترتيبات أمنية جديدة وأن مسألة لم تعد تتعلق بالموافقة بل بالتوقيت، وكل ذلك وسط جهود لحل وإصلاح الخلاف المستمر بين السعودية والإدارة الأمريكية برئاسة جو بايدن.

وقالت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية في مستهل تقريرها أن السعودية دخلت في محادثات جادة مع “إسرائيل” لبناء علاقات تجارية وخلق ترتيبات أمنية جديدة، حيث باتت تشعر (السعودية) بتحول بين جمهورها لصالح إقامة علاقات رسمية مع “الدولة” ذات الأغلبية اليهودية.

وذكرت الصحيفة الأمريكية أنه بالرغم من عدم اعتراف السعودية بإسرائيل، إلا أنها توسع محادثاتها السرية مع القادة الإسرائيليين وهو ما يمكن أن يعيد تشكيل سياسات الشرق الأوسط وينهي عقودا من العداء بين الطرفين اللذان هم من أكثر الدول نفوذا في المنطقة.

وأشارت إلى أنه بمساعدة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، تحاول السعودية و”إسرائيل” الاتفاق على منح الطائرات التجارية الإسرائيلية حقوقا موسعة للطيران فوق المملكة، وفي المقابل تمهيد الطريق للمملكة للسيطرة الكاملة على تيران وصنافير في البحر الأحمر.

ولفتت “وول ستريت جورنال” إلى أن الرياض سمحت لمجموعة من رجال الأعمال الإسرائيليين بزيارتها حيث يتطلع الجانبان إلى تعميق العلاقات الاقتصادية فيما بينهم.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين سعوديين قولهم “إذا أقامت حركة حماس علاقة مع إيران لحماية نفسها، فلماذا لا تكون لدينا علاقة مع إسرائيل ضد إيران لحماية أنفسنا؟”، وذلك خلال تعبيرهن عن خيبة أملهم من السلطة الفلسطينية، حيث تستاء المملكة من الدعم الإيراني لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية “حماس”.

كما ذكرت الصحيفة الأمريكية أن مسؤولين سعوديين وإسرائيليين صرحوا أن بإمكانهم اتخاذ خطوات تدريجية نحو التطبيع حتى قبل حل النزاع مع الفلسطينيين “لأن دعم الفلسطينيين لا يتردد صداه لدى الشباب بالطريقة التي كان عليها في السابق”، حيث تعتبر السعودية (وفق الصحيفة) أن تأييد العلاقات مع “إسرائيل” يتزايد بين جمهورها في حين أن العلاقات الدبلوماسية الرسمية قد لا تزال بعيدة، إلا أن سلسلة الخطوات السياسية والعسكرية والاقتصادية السرية يمكن أن تسرعه.

ولفتت إلى أن العلاقات السرية بين الطرفين تعود إلى سنين طويلة لكنها تسارعت منذ عام 2020 عند عقد اتفاقيات أبراهام بوساطة أمريكية، مشيرة بذات الوقت إلى زيارة مسؤولين إسرائيليين للسعودية من أجل عقد اجتماعات سرية خلال السنوات الماضية، بما فيهم رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو.

تيران وصنافير

وتحدثت صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية في تقرير لها عن تفاصيل الاتفاق بشأن نقل ملكية جزيرتي تيران وصنافير في البحر الأحمر بالكامل إلى السعودية مقابل منح الطائرات التجارية الإسرائيلية حقوقا موسعة للطيران فوق المملكة.

وذكرت الصحيفة أن “إسرائيل” وافقت على ترتيبات أمنية جديدة تسمح لمصر بنقل السيطرة على الجزيرتين إلى السعودية.

وبموجب الاتفاق الذي (من المتوقع بحسب الصحيفة أن يعلن عنه بايدن خلال زيارته المقررة إلى المنطقة الشهر المقبل)، ستوافق “إسرائيل” على تمركز القوة متعددة الجنسيات -التي لاترغب السعودية ببقائها- على بعد عدة كيلومترات داخل الأراضي المصرية.

وأشارت إلى أن الرئيس الأمريكي جو بايدن سيقدم هذه الاتفاقية على أنها إنجاز لإدارته خلال زيارته إلى المنطقة.

وفي المقابل، سيكون لدى الرحلات الجوية الإسرائيلية المتجهة إلى الإمارات والبحرين إمكانية التحليق فوق الأجواء السعودية، إضافةً إلى رحلات شركة طيران الهند المتجهة من إسرائيل وإليها.

وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن السعودية كانت قد منحت مصر السيطرة على الجزيرتين في الخمسينيات من القرن الماضي، ووافقت مصر على إعادتها في السنوات الأخيرة، كما وافقت إسرائيل من حيث المبدأ في عام 2016، لكن لم تُنجز الترتيبات الأمنية البديلة.

صفقات تجارية

أما بما يتعلق بالجانب الاقتصادي فقد كشف كاتب إسرائيلي خلال مقال له في صحيفة “المونيتور” بأن التطبيع الاقتصادي بين الطرفين قد بدأ فعليا.

وقال الكاتب في مقاله -الذي رصده وترجمه “قطر عاجل” ونستعرض هنا بعضا منه- بعد تغيير شروط دخول المملكة العربية السعودية، وصل العشرات من رجال الأعمال الإسرائيليين مؤخراً إلى الرياض وأبرموا الصفقات هناك.

أدت العلاقات الاقتصادية والتجارية بين “إسرائيل” والإمارات العربية المتحدة والبحرين، في أعقاب اتفاقيات أبراهام، التي جلبت نمواً سريعاً في التجارة (بمقدار خمسة أضعاف وأكثر) إلى ما يقرب من مليار دولار عام 2021، وأدت أيضاً إلى بدء نشاطٍ اقتصادي وعلاقات تجارية بين “إسرائيل” والمملكة العربية السعودية، أو بشكل أكثر دقة، بين رجال أعمال وشركات من البلدين.

قد يستغرق تطبيع العلاقات مع المملكة العربية السعودية بعض الوقت، لكن يبدو أن التطبيع الاقتصادي قد بدأ.

وبحسب مصادر إسرائيلية وسعودية، يظهر ذلك في صفقات كبيرة تم توقيعها مؤخراً، في زيارات رجال أعمال إسرائيليين يحملون جوازات سفر إسرائيلية بتأشيرات خاصة إلى السعودية، وفي اتصالات متقدمة بشأن استثمارات رجال أعمال سعوديين وصناديق استثمار سعودية في إسرائيل. رجال الأعمال هؤلاء هم في الأساس ممثلون ومدراء لشركات تكنولوجية إسرائيلية تمت دعوتهم من قبل السعوديين.

أصبحت زيارات رجال الأعمال ممكنة بعد إلغاء الحظر الشامل الذي كان قائماً في المملكة العربية السعودية، والسهولة الجديدة في الحصول على تأشيرة خاصة. كما ذكرنا سابقاً، استغل العشرات من رجال الأعمال هذه الفرصة وزاروا الرياض، المركز الاقتصادي للمملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى أماكن أخر ، مثل مدينة نيوم المستقبلي ، التي يتم بناؤها بالقرب من شواطئ البحر الأحمر.

وقد أسفرت هذه الزيارات عن عدد قليل من الصفقات، من بينها صفقتان كبيرتان بملايين الدولارات في مجال الزراعة الصحراوية.

علامة أخرى على تعزيز هذه العلاقات هي رحلة جوية مباشرة من تل أبيب إلى الرياض أقلعت في 31 مايو / أيار مع رجال أعمال يهود أميركيين على متن طائرة خاصة.

وتقول الدكتورة نيريت أوفير، الرئيس التنفيذي لغرفة التجارة بين “إسرائيل” ودول مجلس التعاون الخليجي، لـ”المونيتور” إن النقطة المثيرة للاهتمام هي أن القطاع الخاص على كلا الجانبين هو الذي يدفع العلاقات إلى الأمام بسرعة. وتقول إن رجال الأعمال غير مقيدين بالقضايا الدبلوماسية وأنه عندما تجتمع المصالح الشخصية، فإنهم يمضون قدماً. وتؤكد أنه على عكس الإمارات العربية المتحدة، فإن هذه الصفقات تتم بين رجال الأعمال والقطاع التجاري الخاص وليس بين البلدين.

التطبيع قادم في النهاية

وكان وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، قد أكد في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا مايو الماضي، أن التطبيع بين بلاده و إسرائيل سيحصل في نهاية المطاف، قائلاً: “التطبيع الكامل بيننا وبين إسرائيل وبين المنطقة بأسرها وإسرائيل سيحقق فوائد كبيرة للجميع وللقضية الفلسطينية”، ولكنه اعتبرأن ذلك لن يتحقق دون حل القضية الفلسطينية، على حد قوله.

فيما قال وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد الأسبوع الماضي إن “إسرائيل بحاجة إلى تعزيز التطبيع مع السعودية، هذا في مصلحة إسرائيل، وستكون عملية منظمة وطويلة، ومن الممكن أنه حتى بعد أن يوقع ثلاثة من وزراء الخارجية الذين يأتون بعدي اتفاقية مع المملكة العربية السعودية”.

ويستمر إعلان المملكة السعودية بشكل رسمي على أن أي تقدم أو تطبيع للعلاقات مع إسرائيل مشروط بإحراز تقدم سياسي بين إسرائيل والفلسطينيين، ولكن على مايبدو أن التطبيع والتقدم في العلاقات بين السعودية وإسرائيل يتزايد ويتقدم بشكل سري وأقرب إلى أن يكون علنيا حتى بسبب التقارير والتصريحات المتزايدة حوله.

المصدر: قطر عاجل + متابعات

شاهد أيضاً

هل يمكن أن يؤدي الصراع بين إسرائيل وإيران إلى حرب عالمية ثالثة؟- الإندبندنت

هل يمكن أن يؤدي الصراع بين إسرائيل وإيران إلى حرب عالمية ثالثة؟- الإندبندنت صدر الصورة، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *