في موسم الحج الجديد و في كل موسم للحج تبقى هي الكعبة تجمعنا من كل حد وصوب
الكعبة تجمعنا …. مع عودة موسم الحج للعام الجديد بدأت التقارير الحقوقية المتعلقة بتسييس الحج من قبل السلطات السعودية بالظهور من جديد في هدم لمبدأ المساواة والوحدة الإسلامية التي يؤكد عليها الحج واستغلاله كأداة للقمع وتصفية الحسابات والابتزاز السياسي.
في عام 2017 سمحت السعودية لأحد الصهاينة بتنديس المسجد النبوي الشريف ولكنها اعتقلت حجاجاً من المسلمين الإيغور ممن قدموا إلى الحج في استغلال واضح للحج من أجل دعم أنظمة قمعية، كما أنها تمنح التأشيرات لمن تريد وتمنعها عن الآخرين على أساس المصالح السياسية أو الاقتصادية لتعزيز مواقفها بحيث تمنحها لمن يدعمها وتحظرها عن معارضيها.
وسلط تقرير حقوقي مطول لمنظمة “سند” لحقوق الإنسان حمل عنوان “لم يعد الحج آمناً، حجاج بيت الله بين الاعتقال التعسفي والترحيل القسري” الضوء على استخدام السلطات السعودية للحج كأداة للابتزاز السياسي.
وينقسم تقرير المنظمة الحقوقية إلى قسمين أساسين هما:
- اعتقال الحجاج وترحيلهم قسراً
- الممنوعون من الحج
وبين التقرير من خلال هذين القسمين ما يقوم به النظام السعودي من اعتقال تعسفي وإخفاء قسري للحجاج الآمنين، وما يتبع ذلك من تسليمهم قسراً للدول والحكومات ليواجهوا مصيراً مظلماً. وكذلك الاستغلال السيء لإدارة الحرمين من خلال حظر حق زيارة الأراضي المقدسة لعدد من الفئات أو الشخصيات بسبب التمييز العنصري أو الانتماء السياسي أو الفكري.
وأوضح في القسم الأول أن الحكومة السعودية تضرب بكل تعاليم الإسلام وعادات العروبة والقوانين والعهود الدولية عرض الحائط بالترصد لكل من كانوا على قوائمه الأمنية أو قوائم حلفائه المستبدين، ليقوم باعتقالهم وتسليمهم إلى جلاديهم. يأتي هذا الانتهاك بعد منح الحكومة السعودية لهؤلاء الحجاج تأشيرات قانونية لزيارة الأراضي المقدسة، والتي تحتم علي البلد المضيف حماية الزائرين أثناء زيارتهم، وليس انتهاك حقوقهم في ممارسة عبادتهم واعتقالهم وإخفاؤهم قسرياً من دون السماح لذويهم بمعرفة وضعهم أو زيارتهم.
كما أوضح في القسم الثاني أن أداء الحج والعمرة أصبح مستحيلاً في هذا الوقت دون أن يكون الشخص خالياً من كل الشروط التي تضعها الحكومة السعودية حسب هواها ومزاجها. وبدل أن يكون الحج “لمن استطاع إليه سبيلا“، فقد بات لمن رضيت عنه الحكومة السعودية ووافق هواها. وفي انتهاك صريح للقوانين الدولية التي تنص على حرية أداء الشعائر الدينية، والمواثيق التي تؤكد على حرية التنقل وعدم التمييز على أسس عنصرية، تصر المملكة العربية السعودية على منع كل من يخالف توجهاتها السياسية أو يخاف توجهات حلفائها المستبدين في المنطقة.
كيف يكون الحج آمناً لمن دخله مع وجود ما حصل فيه من قتل وإيذاء ؟
هناك عدة آيات في القرآن تتحدث عن أمن مكة، كالآية التي تقول بأن مكة هي البلد الأمين، وقيل أيضا في أحد الأحاديث بأن الدجال لن يتمكن من دخول مكة، وبأن الملائكة تحرس طرق الدخول للمدينة.
صحيح أن الكعبة تجمعنا نحن المسلمين من كل أصقاع الأرض ولكن في الماضي حدث قتال داخل مكة، وقد روي عن قتل مسلمين داخل الكعبة المشرفة . ولهذا فإن السؤال هو : هل ” الأمن ” المذكور في القرآن والسنَّة يعنى : تحريم القتل داخل المنطقة الحرام وليس وعداً بأمن مادي ؟ . نحن – والحمد لله – أبعد ما أكون عن الشك في مصداقية وعود الله – والعياذ بالله – لكننا فقط غير متأكد من الفهم الصحيح للمعنى.
أولاً :
1. قال تعالى ( وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ . وَطُورِ سِينِينَ . وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ ) التين/ 1 – 3 .
قال البيضاوي – رحمه الله – :
( وهذا البلد الأمين ) أي : الآمن ، من أمُن الرجل أمانة فهو أمين ، أو المأمون فيه ، يأمن فيه من دخله ، والمراد به مكة .
” تفسير البيضاوى ” ( 5 / 507 ) .
2. ( إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ . فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً ) آل عمران/ 96 ، 97 .
3. عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَيْسَ مِنْ بَلَدٍ إِلَّا سَيَطَؤُهُ الدَّجَّالُ إِلَّا مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ ؛ لَيْسَ لَهُ مِنْ نِقَابِهَا نَقْبٌ إِلَّا عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ صَافِّينَ يَحْرُسُونَهَا ، ثُمَّ تَرْجُفُ الْمَدِينَةُ بِأَهْلِهَا ثَلَاثَ رَجَفَاتٍ ، فَيُخْرِجُ اللَّهُ كُلَّ كَافِرٍ وَمُنَافِقٍ ) .
رواه البخاري ( 1782 ) ومسلم ( 2943 ) .
النقاب : الطرق .
الكعبة تجمعنا … لا لتسييس الحج
وفي السادس عشر من يونيو، أطلقت مؤسسات حقوقية وسياسية وعلماء ودعاة والعديد من الشخصيات البارزة، حملة لمواجهة تسييس الحج من قبل السلطات السعودية، حيث أصدر المشاركون بيانا حمل عنوان “الحج ليس آمنا“، تحدثوا فيه عن جعل الحج والعمرة أداة للقمـع ووسيلة لتصفية الخصوم، وعن استخدام منبر الحرمين الشريفين كأداة لتلميع سياسات محمد بن سلمان وجعله لوحة دعائية له.
وبتأكيد الإسلام على الوحدة والتضافر والتعاون والتكامل يجب أن يكون هناك قانون يفصل بين الأراضي العادية الخاضعة للسعودية وبين الأراضي المقدسة بحيث تدار هذه الأراضي المقدسة من قبل اتحادات إسلامية ولاتبقى تحت تسلط السعوية التي تستغلها كأداة لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية غير آبهة بقدسية هذه المشاعر وأهميتها للإسلام والمسلمين.
في النهاية لا يسعنا سوى التأكيد على أن الكعبة تجمعنا، تجمع كل مسلمي العالم على دين الحق الظاهر كعين الشمس مهما طغى من بيده مفاتيحها و له السلطة على أرضها، ف لله مردها و مرد أصحابها.