يلعب موسم الحج دورا مهماً في ازدهار الاقتصاد السعودي و الحركة المالية في البورصة والأسهم في المملكة. فلا شك أن للنفط والسياحة أثرا استراتيجيا وحيويا يعطي للسعودية قوة منافسة لأكبر اقتصادات العالم، ولكن لو تعمقنا قليلا في واردات الحج والعمرة والتدفقات النقدية الهائلة التي يتم جنيها خلال عام واحد لتوجهت أنظارنا نحو هذا الموسم وللتبعات القاسية والخطيرة التي ستهدد الاقتصاد السعودي في حال تم اعتماد إلغاء موسم الحج أو تسليم شرعية حكمه وإدارته لدولة إسلامية أخرى.
ماذا لو توقف موسم الحج؟
قبل ما نسميه اليوم بالعولمة والتكنولوجيا والسفر السريع، كان يتمّ أداء فريضة الحج بشكل رئيسي عن طريق الجِمال، مع الإقامة في الخيام وسط حرارة الصحراء الشديدة، وكان الحجاج يأخذون معهم بضاعة للتجارة لتغطية تكاليف سفرهم الكبيرة، وفي ذلك الوقت كان عدد الحجاج جدا محدود بسبب مشقّة السفر إلى مكة وطول الرحلة.
ووفق احصاءات لوزارة الحج والعمرة السعودية، في سنة 1950 كان عدد الحجاج يُقدَّر بنحو 50 ألف حاج فقط، ومع ذلك كانت السياحة الدينية أكبر مورد مالي للمملكة العربية السعودية قبل النفط.
وبفضل التقدُّم التكنولوجي، قلّ وقت السفر الجوي والبري والبحري وانخفضت مشقّته وازدهر استعمال وسائل الراحة، وهذا ما أدَّى إلى ارتفاع عدد الحجاج الذي وصل إلى نحو مليوني حاج من خارج المملكة في السنوات الأخيرة.
اقرأ ايضا
بالفيديو: محمد بن سلمان يستخدم موسم الحج كأداة لتلميع سياسته وجعله لوحة دعائية له
وفي 2012 حقَّقت المملكة رقما قياسيا في عدد الحجاج تخطَّى 3 ملايين حاج. ليس ذلك فحسب، فهناك أيضاً ملايين الناس الذين يسافرون إلى المملكة لأداء مناسك العمرة طوال أشهر السنة، ففي 2017 استقبلت المملكة حوالي 7 ملايين معتمر من الخارج، ويمكن القول إنّ المملكة تستقبل سنوياً حوالي 9 ملايين شخص لأداء مناسك الحج والعمرة من 168 دولة حول العالم، وبالطبع هذا العدد في تزايد مستمرّ. بحسب العربي الجديد.
واردات موسم الحج تذهب لمشروع رؤية 2030
يعتبر الدين الإسلامي الأسرع نمواً في العالم، ووفق دراسات أجرتها منظمات مجتمعية، بحلول سنة 2050 سيصل عدد المسلمين إلى 2.7 مليار نسمة، أي ما يقارب ثلث سكان الأرض، بسبب ارتفاع حالات الولادات وانخفاض أعداد الوفيات بين أوساط المسلمين. ووفقاً لمركز Pew Research Center بحلول سنة 2070 سيصبح الإسلام أكبر ديانة على وجه الأرض، وبالطبع ارتفاع عدد المسلمين يعني ارتفاع عدد الحجاج والمعتمرين وهذا يصب في مصلحة السعودية.
ومن هذا المنطلق وبناءا على هذه الدراسات تستنبط السعودية رؤية استباقية للأرباح التي ستجنيها من خلال هذا الموسم، فهي تعرف أن ارتفاع عدد المسلمين يعني زيادة أعداد ضيوف الرحمن، وبالتالي ارتفاع التدفقات النقدية من الحج والعمرة.
اقرأ ايضا
مع بداية الترويج لرؤية 2030 أعلنت وزارة الحج والعمرة أن لدى السعودية الآن مليون و800 ألف حاج، والمستهدف 5 ملايين حاج في 2030. ولديها 7 ملايين معتمر، والمستهدف 15 مليوناً في 2022، ثم 30 مليوناً في 2030. ما يعني تحقيق 50 مليار ريال إيرادات من موسم حج 2030.
كيف ستبدو السعودية بدون موسم الحج؟
العائد المباشر من الحج والعمرة يشكل حوالي 60% من الإيرادات السياحية السعودية، وهي بين 20 و26 مليار ريال في 2017. في حين توفّر مواسم الحج والعمرة نحو 900 ألف فرصة عمل موسمية بحسب المجلة، بما يمثل 7.7% من إجمالي العاملين في المملكة.
وبدون الخوض في تفاصيل عائدات الحج، وما توفره للسعودية ولخدمة العائلة الحاكمة لوحدها بمعزل عن غيرها، فإن توقف هذا الموسم كما حصل أثناء جائحة كورونا له تبعات سلبية خطيرة على الاقتصاد السعودي الذي ينشط ويجتهد بفضل تدفقات الحج النقدية، من طيران وحجوزات فنادق وشقق سكنية ومطاعم ويد عاملة وغيرها الكثير.
ايضا يمكن القول أن محمد بن سلمان لن يستغني بهذه السهولة عن انتهاز الفرص لوضع خطط من شأنها أن تدر عليه أرباح مضاعفة من خلال هذا الموسم، بما فيها رفع أسعار حجوازت الفنادق والطعام والاستثمارات والمحال التجارية المحيطة بالمملكة.
على العموم تعتبر إيرادات الحج والعمرة مصدرا ماليا في غاية الأهمية والحيوية، والذي لن ينضب إلى حين قيام الساعة، على عكس أي مورد مالي آخر، بما في ذلك النفط والغاز وغيرهما.
المصدر: قطرعاجل