“أمريكا لن تتخلى عن الشرق الأوسط “هذا ما أكده الرئيس الأمريكي قبيل مغادرته السعوديّة في ختام جولة شرق أوسطيّة شملت أيضًا إسرائيل والأراضي الفلسطينيّة.
وفي كلمة أمام الرؤساء والملوك والمسؤولين الممثّلين لستّ دول خليجيّة بالإضافة إلى الأردن ومصر والعراق، شدّد بايدن على أنّه أوّل رئيس أميركي يزور الشرق الأوسط دون أن يكون الجيش الأميركي منخرطا في حرب في المنطقة منذ هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001. وقال “لن نتخلّى (عن الشرق الأوسط) ولن نترك فراغًا تملؤه الصين أو روسيا أو إيران”.
وأضاف “اسمحوا لي أن أختتم بتلخيص كلّ هذا في جملة واحدة: الولايات المتحدة ملتزمة ببناء مستقبل إيجابي في المنطقة، بالشراكة معكم جميعًا، ولن تغادر” تحت تصفيق الحاضرين.
وكان بايدن عقد السبت لقاءات منفصلة مع كلّ من الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ودعاه لزيارة واشنطن، ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي والرئيس المصري عبد الفتّاح السيسي.
انتقادات لقاء بايدن – بن سلمان
وتعرّض لقاء الرئيس الأمريكي جو بايدن مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي تتّهمه الاستخبارات الأميركيّة بالوقوف وراء جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي في 2018، لانتقادات عدّة في وسائل الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي. وتحدث بايدن للحاضرين قائلا “المستقبل للبلدان التي تطلق العنان للإمكانات الكاملة لسكّانها (…) بحيث يمكن للمواطنين استجواب القادة وانتقادهم بلا خوف من الانتقام”.
وبعد ساعات، صدر بيان مشترك تعهد فيه القادة بـ “الحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليميين” وتعميق تعاونهم الدفاعي والاستخباري.
وشدد البيان أيضا على الجهود الدبلوماسية لمنع إيران من تطوير سلاح نووي، داعيا على وجه الخصوص إلى تعزيز قدرات الردع المشتركة “ضد التهديد المتزايد” الذي تشكله الطائرات المسيّرة، في إشارة إلى طهران التي كشفت الجمعة عن سفن قادرة على حمل هذا النوع من الطائرات.
وفي بيانهم المشترك، أقر القادة “بالجهود المستمرة (التي تبذلها) منظمة البلدان المصدرة للبترول )أوبك( لتحقيق الاستقرار في سوق النفط العالمية”، مرحبين بالإعلان الأخير للمنظمة الذي يحث على “زيادة المعروض على مدار شهري تموز/يوليو وآب/أغسطس”.
وتقول إدارة بايدن إنّها تريد الترويج لـ “رؤية” جديدة في للشرق الأوسط تقوم على الحوار والتعاون الاقتصادي والعسكري، مدعومة بمحاولات لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربيّة.
لكن لم يمنع ذلك بايدن من الإصرار خلال زيارته على أنّ الولايات المتحدة “لن تتسامح مع محاولة دولة واحدة الهيمنة على دولة أخرى في المنطقة من خلال التعزيزات العسكريّة أو التوغّل أو التهديدات”، في إشارة واضحة إلى إيران التي يتّهمها جيرانها بمحاولة زعزعة استقرار المنطقة.
الصورة
وأعلن بايدن خلال اللقاء، مساعدة أميركيّة بقيمة مليار دولار للأمن الغذائي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وسط تصاعد أزمة الغذاء على وقع الحرب في أوكرانيا.
وقرّرت الولايات المتحدة تقديم مساعدات سنويّة للأردن بقيمة 1,45 مليار دولار ابتداء من العام 2023 إلى غاية 2029.
أما الحدث الأبرز في الرحلة فقد تمثّل في الصورة التي جمعت الرئيس الأمريكي بولي العهد السعودي الذي كان يستقبله عند مدخل قصر السلام في جدّة، ويُسلّم عليه بقبضة اليَد. وقد التقى بايدن في القصر، الملك سلمان بن عبد العزيز وعقد جلسة عمل مع وليّ العهد.
وقال بايدن مساء الجمعة إنّه أثار مع بن سلمان مسألة جريمة قتل الصحافي وأبلغه بأنّه “إذا حدث أمر مماثل مجدّدًا، سيكون هناك ردّ وأكثر”.
في المقابل، شكّك وزير الدولة للشؤون الخارجيّة السعودي عادل الجبير في الخلاصة التي توصّلت إليها الاستخبارات الأميركيّة، قائلا في مقابلة مع شبكة “سي إن إن” الأميركيّة، “نحن نتذكّر خلاصة مجموعة الاستخبارات في ما يتعلّق بامتلاك صدّام حسين أسلحة دمار شامل”، في إشارة إلى أنّ هذه الخلاصة التي لعبت دورًا أساسيًا في الاجتياح الأميركي للعراق لم تُثبت على الأرض. مضيفا، إنّ المملكة تعتقد أنّه تمّ التعامل مع القضيّة بشكلٍ كاف، على الرغم من عدم العثور على رفات خاشقجي.
وتابع الجبير “حقّقت السعودية في هذه الجريمة، وحاسبت المسؤولين عنها، وهم يدفعون ثمن الجريمة التي ارتكبوها”، مؤكدا “حقّقنا وعاقبنا واتّخذنا إجراءات لضمان عدم تكرار ذلك. هذا ما تفعله الدول في مثل هذه المواقف”.
تقارب مع إسرائيل
ونشرت صحف أميركيّة كبرى عدّة على صفحاتها الأولى صورة التحيّة التي أصبحت رائجة منذ انتشار فيروس كورونا. واتّهم ناشطون الرئيس الأميركي بالتنازل من أجل قليل من النفط، إذ حاول بايدن إقناع المملكة بضخّ مزيد من النفط لمواجهة الأسعار المرتفعة على خلفيّة الغزو الروسي لأوكرانيا.
وقال بايدن أمام الصحافة مساء الجمعة “أفعل كلّ ما في وسعي لزيادة الإمدادات للولايات المتحدة”، مشيرا إلى أن نتيجة سعيه لن تظهر “قبل أسبوعين آخرين”.
وفي بيان مشترك نشره الإعلام الرسمي السعودي، جدّدت الولايات المتحدة والسعودية “التزامهما باستقرار أسواق الطاقة العالميّة”. واتّفق الطرفان على “التشاور بانتظام بشأن أسواق الطاقة العالميّة على المديين القصير والطويل”.
كما وقّع الجانبان خلال الزيارة 18 اتّفاقيّة ومذكّرات تعاون مشترك في مجالات الطاقة والاستثمار والاتّصالات والفضاء والصحّة، من بينها تعزيز تطبيق الجيل الخامس من الإنترنت، بحسب للإعلام الرسمي السعودي.
ووقّع أيضا وزير الطاقة السعودي ووزير النفط العراقي المحضر التنفيذي الخاص بمبادئ اتفاق الربط الكهربائي بين المملكة والعراق.
وأثارت زيارة بايدن إلى الشرق الأوسط تكهّنات حول تقارب محتمل بين الدولة العبريّة والسعوديّة، بعد تطبيع أربع دول عربيّة خلال السنتين الماضيتين علاقاتها مع إسرائيل، وبعد مؤشّرات إلى محاولات لإحداث تغيير إيجابي في الرأي العام السعودي إزاء هذه المسألة.
وقبل وصوله إلى المملكة قادما من إسرائيل على متن أوّل رحلة مباشرة لرئيس أميركي من الدولة العبريّة إلى السعودية، أعلنت الرياض فتح أجوائها “لجميع الناقلات الجوّية”، بما فيها الطائرات الإسرائيليّة. وسارع بايدن إلى الإشادة بهذا القرار، واصفًا إيّاه بـ “التاريخي”.
لكنّ وزير الخارجيّة السعودي فيصل بن فرحان أعلن السبت أنّ قرار السعوديّة رفع القيود المفروضة على جميع شركات الطيران لاستخدام مجالها الجوّي ليس إشارة إلى أيّ دفع باتّجاه إقامة علاقة مستقبليّة مع إسرائيل.
وقال بن فرحان في مؤتمر صحافي “هذا لا علاقة له بالعلاقات الدبلوماسيّة مع إسرائيل”، مضيفًا أنه “ليس في أيّ حال من الأحوال تمهيدًا لخطوات لاحقة”
فرانس24/أ ف ب
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
المصدر: فرانس 24