7202226223137937

قراءة في نتائج الاستفتاء بتونس.. إلى أين تتجه البلاد؟

بلغت نسبة المشاركة في التصويت على استفتاء الدستور الجديد بتونس ما يقارب ربع مجموع الناخبين، الذي يقدر بـ9 ملايين ناخب، حيث لم يذهب منهم إلا أكثر من مليونين ونصف للتصويت.

وبلغت نسبة التصويت على “نعم” للموافقة على الدستور الجديد أكثر من 94 بالمئة، مقابل 5.4 بالمئة من الأصوات ضد، وهي أرقام اعتبرها مختصون أنها نسبة ضعيفة جدا وليس لها أية مشروعية حتى تشرع للدستور الجديد الذي قاطع التصويت عليه أكثر من 70 بالمئة من التونسيين.

وتشير الأرقام من ناحية الفئة إلى عزوف كبير عند الشباب ورفضهم المشاركة مقابل إقبال من كبار السن، فيما كان هناك تفاوت كبير في التصويت بحسب الجهات وأيضا بحسب الجنس (رجالا ونساء).

وقال الدكتور في علم الاجتماع سامي نصر في حديث خاص لـ”عربي21” إن “العزوف يعد حالة اجتماعية مرضية وغير طبيعية وكذلك غير ثابت”، معتبرا أن “الشباب لم يعد له أي اهتمام بالشأن السياسي، وما يحدث بالبلاد هو آخر اهتماماته بالنظر إلى وضعه الاجتماعي”.

وأوضح نصر قائلا: “نعيش اليوم أمام جماهير الممتنعين عن التصويت وليس جمهور الممتنع عن تصويت: صنف مقاطع أخذ قراره منذ البداية، وآخر ليس من مساندي المقاطعة ولكنه لم يشارك فقط لأنه فقد الرغبة في المشاركة باعتبار أن النتيجة منتظرة مسبقا وأن صوته لن يغير النتيجة”.

وتابع المتخصص في علم الاجتماع: “صنف آخر مساند لقرار ’نعم’ ولكنه لم يلمس خطرا يمكن أن يحصل من جماعة ’لا’، وصنف المتخمر بمشاكل حياته اليومية وصعوبة الحياة، أولوية اهتمامه هي كيف يعيش يومه”.

وبحسب سامي نصر، “فهو صنف معبر عن ظاهرة العزوف أو ما نعبر عنها بالأغلبية الصامتة التي عجزت القوى السياسية في إخراجها من دائرة عزوفها، أو دفعتها نحو العزوف والبقاء فيه واستثماره باعتبار أن تلك الأغلبية الصامتة غير مضمونة ولا تنتمي للمخزون الانتخابي لأي جهة وقادرة على قلب كل الموازين.. فئة يغازلها الجميع لكن الكل يخاف منها”.

بدورها قالت أستاذة علم الاجتماع صابرين الجلاصي، في قراءة خاصة لـ”عربي21” إن “ظاهرة العزوف هي ليست بالجديدة وخاصة عزوف الشباب الذي لم يعد له ثقة في الأنظمة السياسية”.

وفسرت الجلاصي ذلك بأن “هذه الأنظمة تقصيه كفاعل سياسي، خاصة أن النظام السياسي في تونس ليس له برنامج هادف للشباب.. ونقصد هنا معالجة ظاهرة البطالة، وتوفير مواطن الشغل، والحد من الهجرة غير النظامية، وكذلك هجرة الكفاءات وغيرها من المسائل المتعلقة به”.

وتابعت: “ثانيا، إن نسبة العزوف هذه المرة جاءت بنسبة كبيرة لأن أتباع الأحزاب السياسية رافضون لهذا المشروع، وبالتالي فقد انتهجت هذه الأحزاب وقواعدها سياسة المقاطعة بل وحثهم عليها باعتبار الدستور الجديد مشروعا لاديمقراطيا وفاقدا للشرعية السياسية”.

اقرأ ايضاً
مقتل 4 من عناصر الجيش العراقي في هجوم لداعش على نقطة عسكرية في كركوك

وأضافت الجلاصي: “ثالثا تأتي المقاطعة من قناعة البعض بأنه سواء صوت بـ”لا أو نعم”، فإن الدستور سيمر لأن الاستفتاء هو مجرد إجراء شكلي لا غير، والحقيقة أن التونسي بصفة عامة كره السياسة ولم يعد يهمه إلا كيف يحقق أمنه الغذائي وكيف يوازن بين دخله وبين الغلاء الذي ساد البلاد”.

وخلصت أستاذة علم الاجتماع إلى تأكيد أن “الشباب أحلامه كلها تتمحور حول العمل وكسب المال خاصة الثراء، والصراع السياسي قد أضعف هويته الوطنية”.

من جهته، قال الوزير السابق والسياسي خالد شوكات، في حديث خاص لـ”عربي21“، إن الاستفتاء هو بجميع المقاييس خسارة لصاحبه، فمن حيث المشاركة وبالمقارنة مع جميع المحطات الانتخابية بعد الثورة فإن هذه المحطة هي الأقل وبفارق كبير”.

ورأى شوكات أنه ومن حيث معيار الشعبية هي أقل قياسا لما حصل عليه قيس سعيد في انتخابات 2019، وكذلك وبمعيار المقاييس الدولية فإن نسبة المشاركة التي تقل عن 30 بالمئة؜ لا يعتد بها ناهيك عن أن تكون استفتاء على دستور، مؤكدا أنه “بمعايير النزاهة والشفافية فهي الانتخابات الأكثر تشكيكا في نزاهتها والأقل التزاما بمقاييس الشفافية”. 

واعتبر الوزير السابق الاستفتاء بأنه ضمن الانتخابات الأسوأ في تاريخ الجمهورية من حيث عدم انخراط غالبية النخب والقوى السياسية فيها، كما أنها ستفضي إلى تركيز نظام رئاسوي سلطاني لا مثيل له في تاريخنا المعاصر.

وختم شوكات: “بمعايير الصحافة العالمية والمنظمات الدولية هي انتخابات صوت فيها التونسيون بأقدامهم لفتح المجال أمام ديكتاتور”.

 

اقرأ أيضا: تواصل رفض الاستفتاء بتونس.. الأمم المتحدة: سنراجع الدستور

وعن مستقبل البلاد بعد استفتاء 25 تموز/ يوليو، يرى خالد شوكات أنه “بصرف النظر عن النتيجة، فأنا من الذين يرون أن العناد والاحتقار وخرق قواعد التشاركية وترذيل الحوار الوطني وسواها من الممارسات السلطوية المتخلفة لن تقود البلاد إلى حل بل ستديم أزماتها وستعمّق ومشكلاتها ويستقوي انقسام مجتمعها وصدام مكوناتها وستضيع وقتها وتهدر مواردها”.

وأكد شوكات أن “السياقات المشبوهة لا يعتمد عليها في بناء شرعيات حكم فاعلة وقوية، ولهذا فهذا الاستفتاء الذي بني على باطل لن يرتب إلا باطلا، وفي النهاية لن يصح إلا الصحيح وستعود الديمقراطية رغم أنف لينين وستالين.. والفاتح من 25 تموز/ يوليو”.


المصدر: العربي 21

شاهد أيضاً

1 1756956

سابقة.. أول صورة مفصّلة لنجم في مجرّة أخرى غير درب التبانة

نجح علماء من المرصد الأوروبي الجنوبي في التقاط صورة مفصّلة لنجم في مجرّة أخرى غير …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *