تسببت الحرائق في القضاء على آلاف الهكتارات من الغابات والأدغال في الجزائر، في الوقت الذي طالت 55 هكتارا جديدا من الغابات في المغرب.
ووفق بيانات رسمية السبت، فقد أدت الحرائق المندلعة منذ أيام، في الجزائر، إلى تسجيل خسائر قدرت بـ 846 هكتار غابات، و252 هكتار أدغال و12 هكتار أحراش، إلى جانب 650 حزمة تبن، و1189 شجرة مثمرة و44 نخلة.
لكن أبرز ما طالته هذه الحرائق، حديقة “القالة” الوطنيّة، أحد الخزانات الرئيسية للتنوع البيولوجي في حوض البحر المتوسط، والتي احترق أكثر من 10% من مساحتها، وهي المصنّفة من اليونسكو في شمال شرق الجزائر.
وتناهز مساحة الحديقة 80 ألف هكتار، وقد “احترق أكثر من 10 آلاف هكتار منها في الأيام الماضية”، وفق الجامعي “رفيق بابا أحمد”.
وبلغت حصيلة الخسائر البشرية الناجمة عن الحرائق الهائلة، الأربعاء والخميس، في شمال الجزائر 37 قتيلا وفق السلطات، فيما أفادت وسائل إعلام محلية بمصرع رجل آخر يبلغ 72 عاما في قالمة (شرق)، فضلا عن وجود مفقودين.
وقالت الحماية المدنية الجزائرية في بلاغ نشرته على صفحتها على “فيسبوك”، إنها تدخلت خلال آخر 48 ساعة “من أجل إخماد 51 حريقا من الغطاء النباتي” في 17 ولاية، وأضافت أنها تواصل العمل على إخماد حريقين في ولاية تلمسان غرب البلاد.
وتعد حديقة مدينة القالة موطن مئات من أنواع الطيور والثدييات والأسماك التي تمنحها “ثراء بيولوجيا استثنائيا”، كما أكد “بابا أحمد” الذي تولى سابقا إدارة الحديقة.
ويورد موقع اليونسكو الإلكتروني، أن “محمية القالة موطن مهم للغاية للطيور ويزورها أكثر من 60 ألف طائر مهاجر كل شتاء”.
وتضيف الوكالة التابعة للأمم المتحدة: “إنها فسيفساء من النظم البيئية البحرية والكثبان والبحيرات والغابات، بشريطها البحري الغني بالشعاب المرجانية والأعشاب البحرية والأسماك”.
ويتأثر شمال الجزائر كل صيف بحرائق الغابات، وهي ظاهرة تتفاقم من عام الى آخر بتأثير تغير المناخ، ما يؤدي إلى تزايد الجفاف وموجات الحر.
ويؤكد “رفيق بابا أحمد”، أنه “رغم بعض الاستثناءات، لطالما أثرت الحرائق على الحديقة”، مؤكدا أن “الغابة لا تتعافى، تصبح أقل كثافة وتتطور نحو شجيرات متفرقة، لينتهي بها الأمر إلى تربة جرداء محكوم عليها بالتعرية”.
ويردف الخبير حول مستقبل الحديقة، أن “الأثر الآخر للحرائق هو تناقص إن لم يكن اختفاء حيوانات ونباتات، ويمكننا أن نرى ذلك من خلال الأيل البربري الذي يعد رمزا للمنطقة والذي انقرض تمامًا منذ عشرين عامًا أو نحو ذلك، وكذلك الأمر بالنسبة الى الوشق”.
ويرى “بابا أحمد”، أنه “بمرور الوقت تضعف الحرائق الغابة ما يجعلها عرضة لهجمات أخرى مثل هجمات الحشرات الضارة، ولكن قبل كل شيء تجعلها عرضة لمخاطر الأنشطة البشرية”.
وبالإضافة إلى الأضرار التي تسببت بها الحرائق “تمت تجزئة الغابات بمدّ شبكة طرق كثيفة كجزء من فكّ العزلة (عن مناطق) ما شجع الإنشاءات المتناثرة وظهور مناطق جديدة مع مدّ شبكات الكهرباء والغاز الطبيعي”.
ويخلص الخبير إلى أن الثراء البيولوجي للأراضي الرطبة في الحديقة “تعطل لا سيما من خلال مشاريع الاستزراع المائي مثل إدخال سمك الشبوط الذي أضر بالنباتات المائية التي تتغذى عليها الطيور والأسماك وقشريات ورخويات أخرى”.
وفي المغرب، قالت السلطات، إن الحرائق المندلعة منذ 3 أيام (شمالي البلاد)، قضت على نحو 55 هكتارا جديدا من الغابات، في وقت تواصل جهودها لإخماده.
ووفق وكالة أنباء المغرب الرسمية، فإن “جهود السلطات تتواصل للسيطرة على حريق غابوي اندلع الأربعاء الماضي، بغابة جبل “أغاندرو” المحاذي لدوار (قرية) تالغونت دائرة كتامة بإقليم الحسيمة (شمال)”.
وذكرت أن “الحريق أتى حتى الآن على نحو 55 هكتارا من الغابات”.
وأضافت أن “طائرات كنادير المتخصصة في إطفاء الحرائق نفذت أمس الجمعة، مجموعة من الطلعات الجوية في محاولة للسيطرة على الحريق ومنع اتساع رقعته”.
وأوضحت أن “وعورة تضاريس المنطقة وارتفاع درجات الحرارة وهبوب الرياح، ساهمت في صعوبة عملية السيطرة على الحريق في وقت قياسي”.
وتابعت الوكالة: “لم تخلف الحرائق أي خسائر في الأرواح البشرية، كما فتحت السلطات المختصة تحقيقا لتحديد أسباب اندلاعها”.
والجمعة، اشتعلت الحرائق في غابات محافظة الحسيمة بعد يومين من السيطرة على أخرى التهمت أكثر من 125 هكتارا بمحافظة المضيق الفنيدق شمالي المملكة.
وفي 22 يوليو/تموز الماضي، أعلنت الحكومة رصد 290 مليون درهم (نحو 29 مليون دولار) لدعم سكان القرى المتضررة من الحرائق التي طالت 5 محافظات شمالي المملكة.
وأتت نيران الحرائق التي شهدتها محافظات العرائش ووزان وشفشاون وتطوان وتازة والحسيمة في الأسبوع الثالث من يوليو/تموز الفائت، على 10 آلاف و560 هكتارا من الغابات، وشردت سكان عدد من البلدات وأحرقت منازلهم، فيما تمكنت فرق الإنقاذ من السيطرة عليها بشكل تام خلال الأيام الماضية.
وسنويا، يتعرض المغرب لحرائق في الغابات التي تغطي نحو 12% من مساحة البلاد، وشهد نحو 165 حريقا منذ بداية 2022، وحتى 13 يوليو/تموز الماضي.
المصدر : وكالات + متابعات قطرعاجل