علمت “عربي21” من مصادر عراقية خاصة،
أن قوى الإطار التنسيقي تمارس ضغوطا على رئيس البرلمان محمد الحلبوسي من أجل عقد
جلسة للبرلمان، لانتخاب رئيس الجمهورية، وتكليف مرشحهم النائب محمد شياع
السوداني بتشكيل الحكومة.
ومنذ شهر لم ينعقد البرلمان جراء سيطرة أنصار
زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر على المبنى داخل المنطقة الخضراء وسط بغداد، رفضا
لتسمية قوى الإطار التنسيقي، السوداني مرشحا لرئاسة الحكومة، مطالبين بحل البرلمان
وإجراء انتخابات مبكرة.
تهديد بالإقالة
وقالت المصادر لـ”عربي21″ طالبة عدم
الكشف عن هويتها إن “الإطار التنسيقي أوصل رسالة إلى رئيس البرلمان محمد
الحلبوسي، أثناء لقاء جمعه بفالح الفياض رئيس هيئة الحشد الشعبي، زعيم كتلة العقد
الوطني ضمن الإطار، بضرورة عقد جلسة خلال مدة أقصاها أسبوع”.
وأوضحت المصادر أن “الفياض أبلغ الحلبوسي
تهديد الإطار التنسيقي، بإقالته من منصبه في حال لم يدعو البرلمان إلى الانعقاد
خلال أسبوع، وذلك لانتخاب رئيس للجمهورية، وتكليف السوداني بتشكيل حكومة جديدة
مدتها عام كامل تعد خلالها لانتخابات مبكرة”.
ولفتت إلى أن “قوى الإطار التنسيقي جمعت
نحو 170 توقيعا من أجل انعقاد جلسة البرلمان، وإذا لم يستجب الحلبوسي لذلك،
يطالبون النائب الأول شاخوان عبد الله بعقدها، وإقالة الحلبوسي بأغلبية
الحاضرين”.
ورجحت المصادر أن “يدعو الحلبوسي لانعقاد
البرلمان، في حال لم يفاجئهم التيار الصدري بخطوات تصعيدية تربك الوضع
أكثر، لأن الأخير توعد بذلك، وأن تحالف السيادة الذي ينتمي إليه الحلبوسي،
والحزب الديمقراطي، الذي ينتمي إليه شاخوان عبد الله، هما حليفان للصدر”.
وأوضحت المصادر أن “الإطار التنسيقي يعتقد
أن الحلبوسي ورئيس الحكومة مصطفى الكاظمي متواطئان مع الصدر في الخطوات التي
يتخذها، فالأول علق جلسات البرلمان، والثاني لم يمنع أنصار التيار الصدري من
اقتحام المنطقة الخضراء والسيطرة على مبنى البرلمان”.
وكان المكتب الإعلامي لرئيس البرلمان العراقي،
قد أعلن الخميس، أن الحلبوسي التقى رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض وبحث
اللقاء الوضع السياسي في البلاد، مؤكدا أن “اللقاء ناقش ضرورة إيجاد الحلول
التي تنسجم مع المرحلة ومتطلباتها وتسهم في تجاوز الأزمة”.
مخرج وحيد
من جهته، رأى الباحث في الشأن السياسي العراقي،
عماد باجلان، في حديث لـ”عربي21″ أن “ممارسة الضغوطات على رئيس
البرلمان محمد الحلبوسي وتهديده بالإقالة للإسراع بعقد الجلسة، لن تجدي نفعا، لأنه
لا قيمة للجلسة من دون تحقيق نصاب الثلثين”.
وأوضح باجلان أن “الإطار التنسيقي لم يضمن
حتى الآن حضور تحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني للجلسة حتى يكتمل
النصاب، وأن السنة والأكراد ليسوا طرفا أساسيا في الأزمة الحالية، وإنما المشكلة
داخل البيت الشيعي”.
وأشار إلى أن “الضغوطات ليست جديدة، وإنما
أيام التحالف الثلاثي (الكتلة الصدرية، السيادة، الديمقراطي الكردستاني) فقد كانت
تمارس ضد أربيل والأنبار حتى يتراجع الحلبوسي أيضا”.
وتابع: “الآن لن يستطيعوا ممارسة الضغط،
فأين يعقدوا الجلسة؟ لذلك لا أعتقد أن تصل الأمور بهم إلى تهديد الحلبوسي وإقالته،
لأن الإقالة تحتاج أيضا إلى جلسة، فكيف يتم ذلك إذا لا توجد هناك جلسة”.
وأكد باجلان أن “الأمر كله مرتبط بزعيم
التيار الصدري، مقتدى الصدر، وقد صرح مؤخرا أنه لا جلوس مع الفاسدين إلا
للإصلاح”، لافتا إلى أن “المخرج الوحيد الذي يحقن دماء العراقيين هو حلّ
البرلمان”.
وأوضح أن “المحكمة الاتحادية من المقرر أن
تنظر في الدعوى المقدمة لها بخصوص حل البرلمان يوم 30 آب/ أغسطس الجاري، ولا بد من
حله لأسباب عدة، منها الخروقات وتجاوز المدد الدستورية، لأن التوقيتات الزمنية
للجلسة الأولى وانتخاب الرئيس كلها ضُربت عرض الحائط”.
وشدد باجلان على أن “حل البرلمان هو الخيار
الوحيد لإنهاء الأزمة، وبعد ذلك تبقى حكومة تصريف الأعمال الحالية برئاسة مصطفى
الكاظمي للإعداد لإجراء انتخابات مبكرة كما حصل 10 تشرين/ أكتوبر من العام
الماضي”.
اقرأ أيضا: معهد واشنطن: سياسة بايدن منحت إيران اليد العليا في العراق
تصعيد محتمل
في المقابل، توقع الباحث والأكاديمي العراقي،
الدكتور وحيد عباس لـ”عربي21″ أن “الأوضاع في العراق مقبلة على
تصيد كبير، ولاسيما أن أنصار التيار الصدري يتحدثون حاليا عن إجراء اعتصامات
مفتوحة في الموانئ وآبار النفط بالمحافظات الجنوبية”.
ولفت عباس إلى أن “التيار الصدري لديه
إمكانية كبيرة في تنفيذ العديد من الخطوات التي تربك الوضع في العراق، وأن إيقاف
تصدير النفط يعني ضرب عصب الاقتصاد العراقي، ودفع أطراف خارجية للتدخل، ولاسيما
الولايات المتحدة الأميركية”.
ولم يستبعد الباحث أن “تتدخل أطراف مغرضة
لإشعال صدام مسلح نوعي، أي بمعنى حصول اغتيالات تطال قيادات من الطرفين
المتصارعين، ولا سيما بعد استهداف عدد من قادة وأعضاء التيار الصدري عن طريق
القضاء وإصدار مذكرات قبض بحقهم”.
وحذر عباس من أن “الأزمة الحالية قابلة
للانفجار في أي لحظة، وإذا حصل ذلك، فمن الصعوبة بمكان تهدئة الوضع من دون تدخل
خارجي، لأن جميع الأطراف تمتلك السلاح، ولن يتوقف أحد منهم حتى ينهي قوة الآخر،
وهذا ما لا نتماه أن يحصل لأن البلد يعاني أساسا من أزمات كثيرة”.
يشار إلى أن نصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية،
يجب أن يتحقق بثلثي عدد مقاعد البرلمان، والبالغ 220 نائبا، وفقا لقرار المحكمة
الاتحادية العليا، فيما يبلغ الثلث المعطل لهذه الجلسة 111 مقعدا، فهي لن تعقد ما
لم يحضر هذا العدد من النواب.
وسبق للإطار التنسيقي الشيعي أن شكل مع حلفائه
من السنة والأكراد ما سماه “الثلث الضامن” حيث تمكن من ضم 120 نائبا له،
ما تسبب بعرقلة عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية ثلاث مرات متتالية.
المصدر: العربي 21