كانت نسخة مونديال فرنسا 1998 علامة فارقة في مسيرة حارس مرمى منتخب تونس آنذاك، شكري الواعر. فبجانب قيادته “نسور قرطاج” للتأهل لتلك النهائيات بعد غياب امتد 20 عاما (بين 1978 و1998) فإنه اختير في ذلك المونديال أفضل حارس مرمى بالدور الأول رغم فشل تونس في بلوغ ثمن النهائي.
وفي حوار خاص للجزيرة نت، يتحدث الواعر، الذي يعد ـبحسب النقاد والملاحظين- واحدا من أفضل اللاعبين في تاريخ الكرة التونسية والعربية، عن حظوظ منتخب بلاده في كأس العالم 2022 في قطر، وفرص الكرة العربية في تحقيق إنجاز عالمي للمرة الأولى.
ويقرأ الواعر تاريخ المشاركات التونسية والعربية في كأس العالم، كما يكشف عن المنتخبات التي يرى أنها ستنافس على الأدوار الأولى في المونديال.
وفي ما يلي نص الحوار:
-
المحتويات اخفاء
كيف تنظر إلى مونديال قطر كأول نسخة ينظمها بلد عربي؟
ستكون البطولة المقبلة محط أنظار العالم ورهانا لقطر ولكل الشعوب العربية، المونديال سيجمع أفضل 32 منتخب كرة قدم في دولة عربية، أمر يدعو إلى الفخر وحدث فارق ستنتظره جماهير كرة القدم وعشاقها في كل مكان من العالم.
لكن بجانب جاهزية الملاعب والاستعدادات التنظيمية واللوجستية، أعتقد أن الوقت حان لتستثمر الكرة العربية هذه الفرصة رياضيا وتقدم مستوى لافتا يليق بها ويساير التطور الذي تشهده على مستوى المنشآت والتجهيزات.
من ناحية أخرى ستكون نسخة مونديال قطر حافزا لأكثر من دولة عربية للسير على الطريق ذاته ونيل شرف تنظيم تظاهرات رياضية دولية سواء كأس العالم أو غيرها من المسابقات.
-
هل حان الوقت لنشاهد بلدا عربيا يحقق نتائج غير مسبوقة في تاريخ كأس العالم، ومن من هذه المنتخبات تراه الأقرب للخروج بإنجاز؟
آمل أن يحالف التوفيق المنتخبات العربية، وأن يتمكن أكثر من منتخب من التأهل للدور الثاني، لكن كرة القدم ليست أمنيات بل هي عمل جاد وواقعية وتخطيط مدروس قبل سنوات من خوض مسابقة بحجم كأس العالم، الكرة العربية تحتاج إلى الواقعية حتى لا تستمر في مراكمة الخيبات مثلما حدث بالنسخة الأخيرة من النهائيات عندما عجزت الكرة العربية عن تخطي الدور الأول.
الواقعية أساس النجاح في الرياضة بوجه عام وكرة القدم خاصة، أرجو أن تلعب المنتخبات العربية دون خوف أو حسابات وأن يكون لها حضور لافت في المونديال حتى وإن لم يحالفها الحظ في بلوغ أدوار متقدمة، فجماهير الكرة في العالم العربي وفي أفريقيا لا تزال مثلا تذكر بفخر كبير مشاركة تونس في مونديال الأرجنتين 1978، أو ما قدمه المنتخب الجزائري في نسخة إسبانيا 1982 أو العروض المغربية في فرنسا 1998، لقد كان القاسم المشترك بين هذه المنتخبات أنها ظهرت بوجه مشرف وحازت إعجاب العالم وتركت أطيب الانطباعات رغم أنها لم تتأهل للدور الثاني.
-
ما هي استعدادات المنتخب التونسي وإلى أي حد تتوقع أنه قادر على تحقيق حلم التأهل لثمن النهائي لأول مرة؟
كل الفرضيات ورادة، فمنتخبنا لم يكن في كل مشاركاته السابقة مرشحا بارزا للتأهل عن مجموعته، علينا أن ندرك حقيقة مستوانا مقارنة بالمنتخبات الأخرى خاصة في أوروبا، هذا الرأي لا يعني التقليل من حظوظنا ولكن دعنا نكون واقعيين. ففي النسخة الماضية في روسيا 2018، ذهبت أغلب الآراء في تونس إلى ترشيح “نسور قرطاج” حتى لبلوغ الدور ربع النهائي، لكننا وقفنا على محدودية إمكانياتنا في مباريات البطولة.
علينا أن نضع أقدامنا على الأرض ونلعب دون حسابات، سيكون أمرا جيدا لو ندخل كأس العالم بهدف تقديم أسلوب لعب مميز وحينها قد نحدث المفاجأة ونحقق أشياء يحفظها تاريخ الكرة.
منتخب تونس قادر على إحداث المفاجأة في المجموعة الرابعة، رغم أن حظوظه لا تبدو كبيرة في مجموعة تضم فرنسا والدانمارك.
-
أين تضع منتخب تونس في تصنيف المنتخبات العربية والأفريقية؟
في مكانة مرموقة جدا، بالنظر إلى ما تعيشه تونس، هذا البلد الصغير في مساحته، والذي يعيش منذ سنوات أزمات اقتصادية وسياسية واجتماعية كانت الرياضة دوما في نجدته، سأفتح قوسا بعيدا عن المونديال، لأقول إن تونس عندما كانت تعاني أزمة كبرى في صائفة 2021، كان تتويج السباح البطل أيوب الحفناوي بالميدالية الذهبية لأولمبياد طوكيو مصدر فخر وفرحة نجحت في أعقابها البلاد في توحيد كل التونسيين على اختلاف ألوانهم السياسية والاجتماعية.
الرياضة وكرة القدم كانتا دوما عنصر فخر لتونس وأعتبر شخصيا أنه في مثل هذه الظروف التي تعيشها البلاد يعتبر التأهل لكأس العالم علامة على النجاح في وقت عجزت منتخبات أخرى تملك كل الإمكانيات للتأهل.
-
سيكون “نسور قرطاج” وجها لوجه أمام فرنسا بطلة العالم يوم 30 نوفمبر/تشرين الثاني، هل تبدو مواجهة صعبة؟
لا أعتقد ذلك، تاريخ كأس العالم حافل بالمفاجآت، والمنتخبات الأفريقية كثيرا ما خرجت بعلامة الامتياز أمام أبطال العالم، نحن نذكر مثلا كيف نجح المنتخب التونسي في إجبار ألمانيا بجيلها الذهبي على التعادل في مونديال 1978 وكيف أطاح منتخب الكاميرون بنظيره الأرجنتيني في كأس العالم إيطاليا 90، وحينها كان منتخب التانغو (الأرجنتيني) بقيادة مارادونا هو بطل العالم.
منتخب فرنسا بدوره وعندما كان حامل اللقب خسر أمام نظيره السنغالي بافتتاح مونديال كوريا الجنوبية واليابان 2002، وبالتالي فمباراة تونس وفرنسا قد تكون امتدادا لتألق الأفارقة أمام المنتخبات الكبرى، ولكن ذلك يتوقف على مدى استعداد “نسور قرطاج” وجاهزيتهم.
-
من ترشح عن المجموعة الرابعة التي تضم تونس للعبور إلى الدور الثاني؟
التوقع صعب.. كل المنتخبات ستدافع عن حظوظها، لكن دعني أقول إنني أتمنى تأهل فرنسا وتونس.
-
هل تعتقد أنه من الأفضل التعويل على لاعبي الدوري؟ أم المحترفين بعدد من الأندية الأوروبية حتى وإن كانوا بعيدين عن المشاركات؟
المقياس الأول لتحديد قائمة اللاعبين في كرة القدم هو الجاهزية بدنيا وفنيا، وبحسب متابعتي للمنتخب التونسي فإن المدرب جلال القادري لم يحد عن تلك القاعدة، أعتقد أيضا أنه من المهم الحفاظ على استقرار المجموعة التي خاضت مرحلة التصفيات ودورة اليابان الودية مع متابعة جاهزيتهم لأن اللاعب الذي لا يشارك باستمرار لن يكون جاهزا.
-
كنت أحد نجوم الدور الأول خلال مونديال 1998 وتم اختيارك ضمن التشكيلة المثالية.. كيف تعلق على ذلك الإنجاز؟
المشاركة في كأس العالم علامة فارقة في مسيرة أي لاعب، فما بالك إذا اقترنت بالتألق فرديا، اختياري أفضل حارس مرمى بالدور الأول من بين 32 حارس مرمى يلعبون ضمن أقوى المنتخبات وأكبر الأندية كان مصدر فخر لي وللمنتخب، ودليلا على أن هناك نقطة ضوء في تلك المشاركة التي لم تكلل للأسف بالتأهل للدور الثاني.
في مونديال فرنسا لعبنا ضد منافسين أفضل منا خبرة وحضورا في النهائيات: المنتخب الإنجليزي الذي كان واحدا من أقوى منتخبات أوروبا والعالم، المنتخبان الروماني والكولومبي كلاهما يملك لاعبين مميزين. لم تكن مشاركتنا جيدة بسبب الأجواء المشحونة بالتوتر داخل معسكر “النسور” وبروز خلافات حادة بين المدرب آنذاك البولندي هنري كاسبارجاك واللاعبين مما أثر على حظوظنا في الخروج بنتيجة أفضل خاصة بعد مشوار رائع بالتصفيات الأفريقية عندما تصدرنا مجموعة قوية ضمت منتخب مصر القوي ونظيره الليبيري المدجج بنجومه وعلى رأسهم جورج وياه.
-
ماذا بقي عالقا في ذاكرتك بافتتاحية مونديال 98 أمام منتخب إنجلترا بملعب “فيلودروم” في مارسيليا؟
الكثير من الذكريات، كانت برمجة تلك المباراة في مارسيليا بمثابة الحافز لنا للظهور بوجه مشرف أمام نجوم إنجلترا خصوصا لما نعلم أن تلك المدينة تعد موطنا للآلاف من التونسيين المهاجرين الذين وجدنا منهم دعما كبيرا، لكن على المستطيل الأخضر كان الأمر مختلفا إذ واجهنا لاعبين من الصعب السيطرة عليهم مثل المهاجم آلان شيرر، صاحب الهدف الأول، بول إينس وتيدي شيرنغهام وبول سكولز، ولم يكن سهلا الصمود أمام الإنجليز رغم أننا قدمنا شوطا أول مميزا.
-
ما أفضل نسخة للكرة التونسية بتاريخ المونديال خلال 5 مشاركات سابقة؟
كرة القدم تتطور باستمرار، والمونديال عام 1978 ليس كعام 1998 ولا أيضا 2018، وبالتالي المقارنة لا تجوز بين مختلف أجيال الكرة التونسية، لكن هناك إجماعا بأننا قدمنا عروضا لافتة بمونديال الأرجنتين 1978 وتركنا انطباعات جيدة، وبالتالي أعتقد أنه الأفضل حتى الآن.
-
ختاما ما هي المنتخبات التي تتوقع تألقها في قطر ومن ترشح للقب المونديال؟
على غرار النسخ السابقة من المونديال، ستكون هناك عديد المفاجآت التي لم يتوقعها أحد، كرة القدم تتطور وتتغير باستمرار، والمنافسة على تحقيق نتائج مميزة يظل رهين عديد العوامل، لكن هناك ثوابت في بعض المسابقات الكروية.
وبالتالي أعتبر المنتخب الأرجنتيني حامل لقب “كوبا أميركا 2021” ونظيره البلجيكي الذي يملك لاعبين يقودون أكبر الأندية في العالم، مثل الحارس كورتوا في ريال مدريد، دي بروين في مانشستر سيتي، ولوكاكو في إنتر ميلان. وغيره من المنتخبات التي ستراهن على اللقب العالمي، هذا إلى جانب منتخبات فرنسا والبرازيل وإنجلترا وألمانيا التي ستكون لها كلمتها في مونديال قطر.