تشهد مدينة جرجيس جنوب شرقي تونس، احتجاجات وحالة غضب واستياء كبيرين؛ إثر دفن السلطات المحلية جثث مهاجرين غير شرعيين، في مقبرة “الغرباء” المخصصة للمهاجرين مجهولي الهوية.
وبدأت الحادثة التي باتت تُعرف بـ”فاجعة 18/18″ قبل نحو أسبوعين حين غرق مركب يحمل 18 شخصا من أبناء جرجيس، قبل أن تقوم السلطات بدفن عدد من الجثث في المقبرة المخصصة لمجهولي الهوية، وهو ما أثار غضبا كبيرا في المدينة.
و”مقبرة الغرباء” ويطلق عليها أيضا اسم “جنان إفريقيا”، تقع في مدينة جرجيس الواقعة في محافظة مدنين جنوب تونس، وتضم أكثر من 500 قبر، وهي مكان لدفن المهاجرين مجهولي الهوية الذين لفظتهم أمواج البحر المتوسط على الشواطئ التونسية، وأغلبهم من إفريقيا جنوب الصحراء.
ونظم أهالي جرجيس، الأربعاء، مسيرة كبيرة بعنوان “يوم غضب”، مرددين شعارات من قبيل “أحضروا أبناءنا” و”الشعب يريد أولاده المفقودين” في محاولة للضغط على السلطات التونسية لإعادة جثامين الضحايا لذويهم.
#جرجيــــــــس
التلاميذ في #مسيرة_احتجاجية للمطالبة بالبحث عن أبناء الجهة المفقودين لأكثر من 20 يوما pic.twitter.com/1HiBTmDr0M— محمد ضيف الله (@qr8SXClCAd0Tndc) October 12, 2022
وارتفعت وتيرة الغضب بعد اكتشاف ذوي المفقودين جثث ثلاثة من أبنائهم تم دفنها في “مقبرة الغرباء” من قبل السلطات دون محاولة التأكد من هويتها.
في متابعة لمركب “الحرقة” في جرجيس. pic.twitter.com/v63tmSrgbe
— Kashf Media – كشف ميديا (@KashfMedia) October 12, 2022
أكثر من 13 ألف مهاجر تونسي وصلوا إلى إيطاليا خلال 2022
ونشرت وسائل إعلام وصفحات اجتماعية صورا لملابس الضحايا وتصريحات لذويهم الذين اتهموا السلطات بمحاولة التعتيم على القضية.
فيما أشاد آخرون بالجهود الكبيرة التي بذلها بحارة جرجيس للبحث عن المفقودين في ظل “تقاعس” السلطات.
مسلسل “#الحرقة” النسخة الأصلية من #جرجيس pic.twitter.com/hjnOPYLcSC
— tunisia_daily (@tunisia_daily) October 12, 2022
وقال عضو خلية الأزمة الخاصة بعائلات المفقودين “شمس الدين مرزوق” في تصريحات صحفية، إن القصة بدأت منذ الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، عندما فقدت العائلات الاتصال بأبنائها الذين هاجروا بطريقة غير نظامية إلى إيطاليا.
وأوضح أن العائلات أعلمت السلطات بالأمر من أجل البحث عن القارب الذي يقل 18 شخصا من بينهم نساء وأطفال ورضيعة، وفق ما نقلته قناة “العربية”.
وأضاف “مرزوق”، “قبل انطلاق عمليات البحث، لفظت أمواج البحر جثّتين على سواحل جزيرة جربة، فقامت السلطات المحليّة بدفنهما مباشرة في “مقبرة الغرباء” بأمر من النيابة العامة دون إخضاعهما لإجراء التحاليل الجينية أو استدعاء عائلات المفقودين للتعرف على هوياتهما”.
وأردف أنه تبين فيما بعد أن الجثتين تعودان لاثنين من المهاجرين الذين كانوا على متن القارب المنكوب، ويتم التأكد من غرقه ووفاة كل من كان على متنه.
قبالة سواحل تونس.. مصرع 8 مهاجرين بعد غرق قارب
واعتبر “مرزوق” أن إعطاء إذن بدفن جثث دون إجراء تحاليل جينية “خطأ كبير”، خاصة في ظل وجود مفقودين من المنطقة.
وأشار إلى أن “ما حصل تقصير واحتقار للذات البشرية ولأوجاع عائلات الضحايا”، داعيا إلى محاسبة المسؤولين عن ذلك.
وأكد “مرزوق” أنّ هذه الخطوة صبّت النار على الزيت وزادت من غضب أهالي مدينة جرجيس، خاصة بعدما تم فتح المقابر والتعرّف على الضحايا من قبل عائلاتهم، ومن بينهم رضيعة تدعى “ملاك الوريمي”.
ولفت “مرزوق” إلى أن مدينة جرجيس تشهد منذ أمس الثلاثاء، حالة احتقان واسعة، حيث تم إضرام النار في عدد من الإطارات المطاطية وغلق بعض الطرقات.
كما توقفت الدراسة في عدد من المؤسسات التربوية، تنديدا بتقاعس السلطات في البحث عن المفقودين ولا مبالاتها بمعرفة هوية المتوفين وبآلام العائلات، حسب عضو خلية الأزمة الخاصة بعائلات المفقودين.
وأشار “مرزوق” إلى محاولة أطراف سياسية استغلال هذه الظروف لتجييش الشارع، مقابل وجود محاولات لتهدئة الأوضاع.
منظمة تونسية: أكثر من ألفي مهاجر قاصر وصولوا إيطاليا منذ بداية 2022
وفي مسعى لاحتواء الاحتجاجات، أعلن محافظ مدنين، “سعيد بن زايد”، عن انطلاق فريق من الطبّ الشرعي في استخراج جثث مجهولة الهوية دفنت بمقبرة “جنان إفريقيا”، من أجل إخضاعها للتحليل الجيني والنظر في مدى مطابقة عيّناتها مع عيّنات أفراد من عائلات مفقودين في رحلة هجرة غير نظامية، على ألا تتجاوز مدة صدور النتائج 72 ساعة.
وأكد أنه سيتمّ مراجعة سجلات الدفن لدى بلديات الولاية بداية من يوم 21 سبتمبر، خاصة المتعلقة بعمليات دفن الجثث المجهولة، إلى جانب التنسيق مع ولايات ساحلية أخرى من أجل عدم دفن الجثث المنتشلة منذ ذلك التاريخ قبل إجراء التحليل الجيني.
من جهة أخرى، يواصل صيّادو مدينة جرجيس عملية التمشيط والبحث عن المفقودين في البحر لانتشال جثثهم ودفنها.
وفي الأسابيع الماضية، تزايدت وتيرة محاولات الهجرة غير القانونية للتونسيين، حيث تحبط السلطات الأمنية المختصة يوميا عشرات الرحلات غير الشرعية، كما تمكن آلاف المهاجرين هذا الصيف من الوصول إلى السواحل الأوروبية.
تونس.. انتشال 24 جثة جديدة لمهاجرين غرقت قواربهم في أبريل