“علاقة صعبة ولكنها تقوم على مصالحها الخاصة”.. هكذا سلطت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، الضوء على بناء روسيا علاقات مع كل من الغريمين التقليديين السعودية وإيران، لبناء تحالفات مستقبلية.
تقرير الصحيفة الأمريكية، قال إن هذه العلاقات يمكن أن تعيد رسم التحالفات الإقليمية لعقود مقبلة، حيث يوازن الكرملين بين العلاقات مع إيران للحصول على الأسلحة والحفاظ على استمرار الحرب، ومع السعودية، المنافس اللدود لإيران، للحفاظ على أسعار النفط مرتفعة.
وبالنسبة للصحيفة، فقد نمت علاقة الملاءمة بشكل متزايد بالنسبة لروسيا، التي عانت من نكسات شديدة في حربها في أوكرانيا.
وعلى الرغم من تموضعها كقوة عظمى طموحة، فإنها تلجأ إلى إيران من أجل هجوم الطائرات بدون طيار والصواريخ، في انتهاك محتمل لعقوبات الأمم المتحدة.
وتمثل مبيعات الأسلحة الإيرانية إلى روسيا تحولًا زلزاليًا، أول تدخل للجمهورية الإسلامية في حرب أوروبية، ودور عسكري يشكل مخاطر غير مؤكدة للولايات المتحدة وإسرائيل وتركيا وغيرها.
إيران تلمح لامتلاك روسيا طائراتها المسيرة.. وتؤكد: لم ولن نبيعها لها
يقول محلل الشأن الإيراني في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى “هنري روما”: “هذا فصل جديد تمامًا في العلاقات الإيرانية الروسية”، معتبرا أنها “خطوة حاسمة للغاية من الإيرانيين لحقن أنفسهم بقوة في حرب على الأراضي الأوروبية”.
وقاتلت موسكو وطهران في نفس الجانب في سوريا، ودعمتا نظام “بشار الأسد”، وهو حليف مشترك بينهما.
لكن العلاقة نمت بشكل أوثق هذا العام، ونشأت في سلسلة من الاجتماعات بين المسؤولين الروس والإيرانيين، كان أبرزها لقاء الرئيس الروسي “فيلاديمير بوتين” في يوليو/تموز مع المرشد الأعلى لإيران آية الله “علي خامنئي”، الذي تبنى الرواية الروسية بأن موسكو ليس لديها خيار سوى غزو أوكرانيا للدفاع عن نفسها من هجوم محتمل.
وفي اجتماع هذا الشهر، زار النائب الأول للرئيس الإيراني “محمد مخبر” ومسؤولون أمنيون إيرانيون موسكو، حيث اتفقوا على شحنات أسلحة جديدة.
كيف تدعم أسلحة إيران الهجمات الروسية على أوكرانيا؟
وفي السياق، قالت الولايات المتحدة أيضا إن الإيرانيين يدربون مشغلي الطائرات المسيرة الروسية في قاعدة في شبه جزيرة القرم التي تحتلها روسيا.
وأفاد مركز المقاومة الوطنية الأوكراني، وهو جزء من قوات العمليات الخاصة الأوكرانية، هذا الأسبوع، بأن مدربي الطائرات بدون طيار الإيرانية يساعدون الروس في تنسيق ضربات الطائرات بدون طيار في ميكوليتشي، بالقرب من جوميل في جنوب بيلاروسيا.
وتقول أوكرانيا منذ أسابيع، إنها تتعرض لسلسلة من الهجمات الروسية باستخدام طائرات بدون طيار إيرانية الصنع من طراز “شاهد-136”.
ونفت إيران تزويد روسيا بالطائرات المسيرة، وكذلك نفى الكرملين، أن تكون القوات الروسية قد استخدمت طائرات إيرانية مسيّرة في أوكرانيا.
وتواجه روسيا عقوبات اقتصادية بسبب عدوانها على أوكرانيا، وهي حرب لا تسير على ما يرام بالنسبة لموسكو.
ذا هيل: السعودية تحاول إيجاد التوازن المفقود في علاقاتها مع أمريكا وروسيا
ويخضع النظام الإيراني أيضاً للعقوبات بسبب برنامجه النووي وسجله في مجال حقوق الإنسان، ويواجه موجة استياء هائلة في الداخل.
وخلال محادثات بينهما في يوليو/تموز الماضي، فقد وقعت شركة الغاز الروسية العملاقة “غازبروم” مذكرة تفاهم بشأن صفقة بقيمة 40 مليار دولار مع شركة النفط الوطنية الإيرانية.
وفي سبتمبر/أيلول، أرسلت روسيا وفدا من 65 من كبار رجال الأعمال إلى إيران.
وروسيا وإيران جزء من “نادٍ صغير” من الدول التي لا تسعى فقط إلى متابعة أهدافها الاستراتيجية الإقليمية الخاصة بها، بل وأيضاً على نطاق أوسع التصدي لما يرون أنه نظام عالمي تهيمن عليه الولايات المتحدة.
ومع ذلك، فإنه على الرغم من كل هذه “اللقاءات الوردية” وفق تعبير الصحيفة الأمريكية، إلا أن التحالف يواجه مخاطر، أبرزها “انعدام الثقة” المستمر بين روسيا وإيران.
فاجأت روسيا.. إنترسبت: السعودية دفعت لخفض إنتاج النفط ضعف ما أرادته أوبك+
وصوّتت روسيا في السابق لصالح عقوبات الأمم المتحدة على إيران بسبب برنامجها النووي، ورأى القادة الإيرانيون أن موسكو غير مفيدة خلال المحادثات الدولية التي أدت إلى الاتفاق النووي لعام 2015، وفقًا للتحليل.
من جهة أخرى، أشارت الصحيفة إلى توتر العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية بسبب قرار الأخيرة هذا الشهر بالتعاون مع روسيا خفض إنتاج النفط والحفاظ على ارتفاع الأسعار، حيث حذر الرئيس الأمريكي جو بايدن من “عواقب لما فعلوه مع روسيا”.
وكتبت مؤسسة “كارنيجي” للسلام الدولي مؤخرا أن “بوتين” يمكنه استخدام القوة النفطية الروسية، جنبا إلى جنب مع السعودية ودول الخليج، لإيذاء خصومه الغربيين.
وترى السعودية وآخرون أن اهتمام واشنطن بمنطقتهم قد تراجع، ما جعل التعاون مع موسكو أكثر إثمارا بالنسبة لهم.
الولايات المتحدة تعيد تقييم العلاقات مع السعودية وتعتبرها منحازة لروسيا
ولم يحدد التقرير بالضبط المصالح السعودية التي قد تنجر من “التحالف” هذا، غير تصريحات “بوتين” التي أشادت بقرار ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان”.
وقال “بوتين” في خطاب السياسة الخارجية، الخميس الماضي، إن “بن سلمان” يسعى فقط لتحقيق مصالحه الوطنية، بقراره خفض إنتاج النفط.
وقال: “إنني أعرف ولي العهد شخصيا جيدا. إنه يريد أن يوازن أسواق الطاقة.. وبالنسبة لأسواق الطاقة الدولية، فإن أهم شيء هو القدرة على التنبؤ والاستقرار.. هذا كل ما يهم، وولي العهد يسعى لتحقيق ذلك”.
وكان تحالف “أوبك+” الذي يضمّ أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” بقيادة السعودية و10 دول أخرى منتجة للنفط تقودها روسيا، قرّر مطلع أكتوبر/تشرين الأول خفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل في اليوم، اعتباراً من نوفمبر/تشرين الثاني، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار قبيل الانتخابات الأمريكية.
وخطوة خفض الإنتاج من شأنها زيادة عائدات موسكو التي تخوض حربا في أوكرانيا.
ونفى المسؤولون السعوديون بشدة هذا الاتهام، لكن “بايدن” توعد السعودية بـ”عواقب” لهذه الخطوة، وقال مساعدوه إن الرئيس الأمريكي سيعيد التفكير في علاقات واشنطن طويلة الأمد مع المملكة.
روسيا ترحب بالتقارب المحتمل بين السعودية وإيران