يوثق مراسل صحيفة “فاينينشال تايمز“، تجربته داخل مركز احتجاز سري لمكافحة فيروس كورونا في مدينة شنغهاي الصينية، ويكشف أسرار ما تفعله سلطات بكين بهدف تحقيق سياسة “صفر كورونا”.
وتضاعف العدد اليومي لحالات الإصابة الجديدة بفيروس كورونا في الصين منذ سبتمبر، مما زاد من عزم السلطات على احتواء بؤر التفشي بأسرع ما يمكن فور ظهورها وقوض الآمال في تخفيف سياستها المعروفة باسم (صفر كوفيد)، وفقا لـ”رويترز”.
وخلال التقرير يتحدث مراسل الصحيفة عن تلقيه اتصالا هاتفيا من مركز بلدية شنغهاي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، حيث تم إبلاغه أنه “بحاجة إلى الحجز الصحي”.
وقال له المتصل: “أنت بحاجة إلى الحجر الصحي، سآتي وأخذك في غضون أربع أو خمس ساعات.”
وبعد أربع إلى خمس ساعات تلقى مكالمة هاتفية أخرى، لكن هذه المرة كانت امرأة من موظفي الفندق، والتي قالت له “أنت على اتصال وثيق، لا يمكنك الخروج”، مؤكدة في حديثها أن “الفندق مغلق”.
وبعد ذلك بقليل، وصل إلى الفندق بعض الرجال بملابس الحجر الصحي، وكانت جميع الغرف بالفندق وكذلك المصاعد “مغلقة”، وفي الخارج تم إغلاق المدخل، وعن ذلك يقول مراسل الصحيفة “تم تجميد فندق به مئات الغرف من أجلي وحدي”.
وتم نقل مراسل الصحيفة إلى حافلة صغيرة، وبعد قرابة الساعة، توقفوا في طريق صغير وسط حقل، وكان هناك “حشود صغيرة من الناس تتجول في الظلام”.
ويسرد مراسل الصحيفة كيفية انتقاله إلى مقر الحجر الصحي الذي تم بطريقة شاقة ومرهقة، عبر عدة وسائل مواصلات، وهناك يكشف عن أسرار المركز السري.
ويقول “نزلنا بهدوء، طُلب من كل واحد منا تأكيد وجوده في قائمة الأسماء، وتم تخصيص رقم غرفة لكل منا”.
ويتألف المرفق من صفوف مرتبة لما يمكن وصفه بـ”الكابينة” أو المقصورة، وكل منها عبارة عن صندوق يشبه حاوية الشحن، وتم وضع كاميرا تطل على كل باب.
وتضم بعض المستلزمات، لكن النافذة كانت “مغلقة” والأرضية “مغطاة بالغبار والأوساخ”، بحسب حديث مراسل الصحيفة.
وحاول المراسل تحديد موقع المركز، واستخدم هاتفه لمعرفة ذلك فاتضح أنه “يقع على جزيرة شمال شنغهاي”.
في صباح اليوم الأول، اكتشف مراسل الصحيفة أن المنشأة تعرف باسم P7 وتم افتتاحها حديثا.
ويقول “علمت أن الموظفين، مثلنا لا يمكنهم مغادرة المنشأة”، مضيفا ” أخبرني أحد العمال أنهم يتقاضون 31.75 جنيها إسترلينيا في اليوم”.
ويسرد مراسل “فاينينشال تايمز”، الروتين اليومي للحياة داخل مركز الاحتجاز، حيث يتم “تطهير المكان يوميا”، وتقديم وجبات الطعام مرتين الأولى في الساعة 8 صباحا والثانية في تمام الساعة 5 مساء.
ويقول “تم إخباري عند وصولي أن إقامتي ستكون سبعة أيام، لكن في واقع الأمر استمر الاحتجاز لمدة ١٠ أيام”، مضيفا ” كان من المفترض أن نبقى دائما داخل مقصوراتنا، لكن في بعض الأحيان كان من الممكن التجول لفترة وجيزة”.
ويضيف:” من أجل الخروج من المركز يجب أن تكون على ما يسمى بقائمة الاختبار المزدوج في اليوم السابق، حيث تأخذ الممرضات عينة من أنفك وفمك ثم تفعل الشيء نفسه مع فتحة الأنف الأخرى”.
ويتابع: “عندما جاءت الممرضات، قاموا أيضا باختبار الأرضية وحقيبتي وهاتفي المحمول وجهاز التحكم عن بعد لوحدة تكييف الهواء، وكلهم، مثل عشرات الاختبارات التي أجريتها في الأسبوعين الماضيين، كانت سلبية”.
ويستطرد: “في النهاية، تحول الرمز الخاص بي إلى اللون الأخضر، ومع اقتراب مغادرتي، ارتديت حذائي لأول مرة منذ فترة”.
ويقول:” قبل ركوب الحافلة، تسلمت شهادة، كان الأمر كما لو أنني قد أنهيت للتو امتحانا”.
ويشير إلى عودته إلى الفندق بعد نهاية فترة احتجازه داخل المركز، لكنه كان متخوف من “شراء طعام أو أي مستلزمات لأنه سيطلب منه مسح رمز الاستجابة السريعة الخاص به ضوئيا”، مع المخاطرة بتكرار الأمر برمته.
وتعد الصين آخر قوة اقتصادية كبرى ملتزمة باستراتيجية “صفر كوفيد”، إذ تفرض تدابير إغلاق سريعة وعمليات فحص واسعة النطاق وإجراءات حجر صحي مطوّلة لوقف تفشي الوباء، وفقا لـ”فرانس برس”.