أحداث تيانانمين وهونغ كونغ حاضرة.. ما خيارات الرئيس الصيني للتعامل مع الاحتجاجات؟

لا يملك الرئيس الصيني، شي جينبينغ، سوى خيارات قليلة للتعامل مع الاحتجاجات الجارية ضد سياسة “زيرو كوفيد”، وفق صحيفة بلومبيرغ، وفي حين لا يتوقع ريتشارد وايتز، المحلل السياسي والعسكري في معهد هدسون الأميركي، أن يستسلم شي لمطالب المحتجين، يعتقد أنه سوف يتبع سياسة أخرى تحقق الهدف ذاته.

وتقول بلومبيرغ إن تضييق الخناق أو تخفيف الإجراءات كلاهما يحمل مخاطر سياسية للزعيم الذي أعيد انتخابه قبل أسابيع في مؤتمر الحزب الشيوعي الحاكم.

وشهدت مدن صينية عدة، تظاهرات، احتجاجا على إجراءات الإغلاق الصارمة التي تطبقها السلطات في إطار سياسة “صفر كوفيد” في البلاد منذ نحو ثلاث سنوات.

ودعا محتجون، أغضبتهم الإجراءات الصارمة، الزعيم الصيني القوي إلى الاستقالة، في توبيخ غير مسبوق في الوقت الذي تكافح فيه السلطات في ثماني مدن على الأقل لقمع مظاهرات تمثل تحديا مباشرا نادرا للحزب الشيوعي الحاكم.

الغضب يتصاعد في شوارع الصين.. ودعوة لـ “تنحي” الرئيس وحزبه
دعا محتجون غاضبون من الإجراءات الصارمة لمكافحة الفيروس الزعيم الصيني القوي إلى الاستقالة، في توبيخ غير مسبوق في الوقت الذي تكافح فيه السلطات في ثماني مدن على الأقل لقمع مظاهرات تمثل تحديا مباشرا نادرا للحزب الشيوعي الحاكم.

وبعد انتشار الاحتجاجات، خففت السلطات الصينية من قيود مكافحة كورونا في مناطق متفرقة، لكنها أكدت على استراتيجية “صفر كوفيد” الصارمة، الاثنين، كما شددت التدابير الأمنية بعد الاحتجاجات.

وكان حريق أسفر عن مقتل 10 أشخاص، الخميس، في مبنى شاهق في “أورومتشي”، عاصمة منطقة شينجيانغ، قد أثار غضبا عاما واسع النطاق.

واشتعلت الاحتجاجات في شنغهاي، مع اعتقاد السكان أنهم لم يتمكنوا من الهرب من الحريق في الوقت المناسب لأن المبنى كان مغلقا جزئيا.

وتواجه الصين زيادة في إصابات كورونا التي أدت إلى عمليات إغلاق وقيود أخرى في عدة مدن بجميع أنحاء البلاد، في الوقت الذي يحاول فيه معظم سكان العالم التعايش مع فيروس كورونا.

ورغم أن عدد الإصابات بالصين يعتبر منخفضا طبقا للمعايير العالمية، فقد سجلت الإصابات بالصين مستويات قياسية لأيام مع إعلان السلطات الصحية، الأحد، تسجيل ما يقرب من 40 ألف إصابة، السبت.

استجابة شي

وتقول بلومبيرغ إن الاحتجاجات الحالية “واحدة من أكبر التحديات التي تواجه حكم الحزب الشيوعي منذ أزمة ميدان تيانانمين قبل أكثر من 30 عاما، وستكون استجابة شي لها محورية لمستقبل البلاد”.

وتقول إن التسامح مع الاحتجاج قد يعرض شي لأكبر معضلة سياسية له بعد نحو 10 سنوات في الحكم، فقد يؤدي الإنهاء السريع لسياسة “صفر كوفيد” إلى زيادة عدد الوفيات، مما يقوض جهود “شي” في جعل استجابة الصين أفضل من استجابة الغرب. 

ومن ناحية أخرى، قد يؤدي قمع الاحتجاجات إلى بناء التعاطف العام مع قضية أظهرت بالفعل دعما على مستوى البلاد.

وتشير بلومبيرغ إلى أن شي كان قد أكد خلال مؤتمر الحزب على سياسة “صفر كوفيد” وقام بتصعيد المسؤول الذي أشرف على إغلاق شنغهاي إلى الترتيب الثاني في الحزب.

وتقول إنه لا توجد مؤشرات حتى الآن على أن الصين ستستخدم القوة لقمع المظاهرات، إلا أن تاريخ دخول الدبابات والجنود إلى ميدان تيانانمين عالق في الأذهان.

ولا يعتقد وايتز، المحلل السياسي والعسكري في معهد هدسون الأميركي، في تصريحاته لموقع الحرة أن “يستسلم شي للتظاهرات والاعتراف بأن سياسته خاطئة، كما أنه لن يفعل ما فعله الجيش في عام 1989، عندما تم قتل المتظاهرين”.

ويقول الخبير إنه لن يفعل أيا من الأمرين، لأن كلا الاستراتيجيتين بهما عيوب.

وقال تشارلز بارتون، الدبلوماسي البريطاني السابق المقيم في الصين لبلومبيرغ: “مهما حدث، فإنه بريق بداية ولاية شي الثالثة قد خفت.. إذا تمسك بخيار القوة، وإذا لم يفعل ذلك بشكل جيد، سيدمر الثقة في نفسه والحزب. وسوف يتراكم ذلك مع استمرار معاناة الاقتصاد”.

الجدير بالذكر أن الأسواق الصينية اهتزت، الاثنين، وتزعزعت أسواق الأسهم في آسيا، من جراء الاضطرابات في أكبر اقتصاد في المنطقة.

الأسواق تهتز بسبب الصين.. تعاملات آسيا باللون الأحمر والدولار يرتفع
اهتزت الأسواق، الإثنين، جراء الاحتجاجات واسعة النطاق التي تحصل في الصين.

ورغم أن بكين أيدت استجابة هونغ كونغ ضد الاحتجاجات القوية المطالبة بالديمقراطية  عام 2019، ثم سن قانون أمني جديد واستخدامه لمعاقبة منتقدي الحكومة، إلا أنه في الوقت الحالي يبدو أن السلطات الصينية قررت السماح للمتظاهرين بالتعبير عن غضبهم.

اقرأ ايضاً
إصابة رئيس شركة فايزر للأدوية بفيروس كورونا

وفي الوقت ذاته، استخدمت بكين قوتها الهائلة للتحكم في الاتصالات لجعل عملية التنظيم أكثر صعوبة.

والأحد، كان هناك وجود مكثف للشرطة في بعض الاحتجاجات في شنغهاي وبكين، وتم إبعاد المتظاهرين والمراقبين بقوة.

وقال فرانك تساي، المحاضر في كلية إيمليون لإدارة الأعمال في شنغهاي، إن شي “يجب أن يكون قلقا للغاية.. إذا لم تقم بقمع سريع سيخرج الأمر عن السيطرة.. أعتقد أنه تعلم ذلك الدرس. الديناميكية في هذه المواقف هي أنه إذا تركت الأمر لفترة من الوقت وأصبح أكبر، فمن الصعب السيطرة عليه لاحقا”.

A placard featuring Chinese President Xi Jinping, is displayed near the Chinese embassy in London, Monday Nov. 28, 2022…

الرئيس الصيني يواجه تحديا كبيرا

لكن وايتز يعتقد أن ما ستفعله الصين على الأرجح هو “الاستراتيجية التي رأيناها في إيران وبيلاروس وروسيا، وهي جعل التظاهرات تستنزف نفسها، أي ترك المحتجين يعبرون عن غضبهم، وبمرور الوقت سينفد الزخم كما حدث في روسيا وبيلاروس وبعض الأماكن الأخرى”.

ويعتقد أن السلطات لن تلجأ لمهاجمة المحتجين في مجموعات، لكن عندما ينفصل المحتجون، ستعتقلهم”.

ومع استنزاف التظاهرات، سوف تعتقل قادة الاحتجاج، خاصة المطالبين بالإطاحة بالحزب الشيوعي، وفق الخبير الذي تحدث لموقع الحرة.

ويشير وايتز إلى أن الصين تفعل هذا الأمر بالفعل، ففي الساعات القليلة الماضية “عملت على تقييد تغطية الاحتجاجات والأحداث الأخرى، مثل كأس العالم لكرة القدم، حيث يرى الصينيون كل هؤلاء الناس يهتفون في المباريات وينعمون بالحرية بينما هم في وضع الإغلاق”.

ومما يزيد الضغط على الرئيس الصيني، وفق بلومبيرغ، مراهنته على نجاح استراتيجية “صفر كوفيد”.

وتقول إنه في مواجهة الانتقادات العالمية في طريقة تعامل الصين مع كوفيد في بداية ظهوره في أوائل عام 2020، شرع شي في إثبات مصداقية نهجه، الذي أقر حتى منتقديه بأنه ساعد على إبقاء عدد الوفيات أقل بكثير من البلدان الكبيرة الأخرى.

لكن ظهور متحورات أكثر عدوى، مثل أوميكرون، أدى إلى جعل هذا النجاح أكثر صعوبة، كما لاتزال الصين تفتقر إلى أسرة المستشفيات الكافية لرعاية المرضى إذ تم رفع قيود كوفيد، وفشلت الحكومة حتى الآن في تلقيح السكان المسنين بشكل كامل أو الموافقة على لقاح أكثر فعالية باستخدام تقنية mRNA.

وتقول بلومبيرغ إن الاعتراف بمثل هذه الأخطاء من شأنه تقويض حجة وضع الكثير من السلطة في يد رجل واحد.

وقد شدد كبار مسؤولي الصحة الأميركيين على هذه المخاوف. وقال أشيش كومار، منسق الاستجابة الوبائية في البيت الأبيض: “أوصي من التأكد من تلقيح الجميع، ولاسيما كبار السن.. هذا هو الطريق للخروج من كوفيد. سيكون من الصعب للغاية الإبقاء على عمليات الإغلاق”.

ويعتقد أستاذ الاقتصاد العالمي والإدارة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ياشينغ هوانغ، أن “السيناريو المحتمل هو مزيج من تخفيف إجراءات صفر كوفيد مع التعامل مع عدد قليل من المتظاهرين الذين هم قادة الاحتجاج. هذا سوف يكسبهم بعض الوقت”.

لكن وفق الصحيفة، فإن المجموعة الجديدة من القيود التي فرضت الأيام الماضية، تثبت أن السلطات الصينية ليست مستعدة بعد للتخلي عن استراتيجية “صفر كوفيد” كما يطالب المحتجون. 

وسوف “تعتمد كيفية استجابة الحكومة للمظاهرات المستقبلية على ما إذا كانت الاحتجاجات تتصاعد، وما إذا كانت التحديات التي تواجه حكم شي أكثر وضوحا أو تنسيقا”.

وقال بيري لينك، الأستاذ في جامعة كاليفورنيا، ريفرسايد، إن “حملة القمع يمكن التنبؤ بها.. سوف يضحون بكل شيء من أجل السيطرة “.

ولا يتوقع وايتز أن المسؤولين الصينيين سوف يسمحون بحدوث حركة على غرار الحركة المطالبة بالديمقراطية في هونغ كونغ، وقال: “أعتقد أنهم سيتخذون تدابير لضمان أن تظل الاحتجاجات محدودة ومقيدة، وفي النهاية يتم قمعها، ليس باستخدام القوة، ولكن من خلال الاستخدام الماهر لوسائل الإعلام والتلاعب السياسي”.

المصدر: الحرة

شاهد أيضاً

الطبية

خرافة تضرر صحة العين من الارتداء المستمر للنظارات

أعلنت طبيبة العيون أولغا ساخاروفا، أن فكرة ارتداء النظارات بصورة دائمة يلحق الضرر بعضلات العين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *