أثارت قرارات السلطات الصينية بتخفيف إجراءات مواجهة فيروس كورونا مخاوف من مخاطر محتملة، ترتبط بانخفاض نسب التلقيح في صفوف الفئات الأكبر سنا، وتوقعات حدوث موجة فيروسية جديدة.
وفي الأيام الأخيرة، كشف المسؤولون المحليون بعدد من المدن الكبرى عن رفع بعض القيود التي فرضتها السلطات ضمن جهود محاصرة انتشار فيروس كورونا، ومن ضمنها إنهاء اختبار الكشف الإلزامي للأشخاص الذين يرغبون في استخدام وسائل النقل العام أو الدخول إلى الأماكن العامة الأخرى.
“نهج جديد”
وتأتي التحولات الجديدة في سياسات الصين لمواجهة فيروس كورونا، والتي فسرها بعض الخبراء بأنها جزء من نهج جديد للتعامل مع الوباء، بعد احتجاجات شهدتها مناطق مختلفة من البلاد، للمطالبة بإنهاء تدابير الإغلاق وتوسيع هوامش الحريات، في موجة تظاهرات واسعة.
وتبذل الصين جهودا لتسريع تطعيم الأشخاص كبار السن وغيرهم من الفئات الضعيفة، التي يقول خبراء الصحة العامة إنها تحتاج إلى معدلات تطعيم أعلى، قبل أن تستطيع بكين تخفيف قيود كورونا بالكامل، كما هو الشأن في باقي دول العالم.
ورغم نجاح سياسة “صفر كوفيد” التي فرضتها السلطات الصينية، في خفض نسب الوفيات مقارنة بدول أخرى، إلا أن استمرار إجراءاتها لثلاث سنوات، مثّل مصدر “إحباط للصينين، حيث تؤثر على حياتهم اليومية وتضر بالاقتصاد المحلي”، بحسب وول ستريت جورنال.
وخرج الأسبوع الماضي، آلاف الصينيين للاحتجاج على استمرار سياسات الإغلاق، غير أن السلطات تمكنت من السيطرة على الاضطرابات من خلال إنزال أمني كثيف في المدن الكبرى، وتعقب المتظاهرين وكبح أصوات المعارضة على وسائل التواصل الاجتماعي المحلية، فضلا عن تليين المسؤولين الصينيين لنبرتهم بشأن مخاطر كورونا، والإعلان عن دخول جهود مكافحتها مرحلة جديدة، بحسب الغارديان.
وقال الرئيس الصيني شي جين بينغ، لرئيس مجلس الاتحاد الأوروبي شارل ميشال، إن انتشار المتحورة أوميكرون الأقل فتكا بين متحورات كورونا، قد يسمح لبكين بتخفيف قرارات الإغلاق.
تحذيرات
وفي الوقت الذي أعلن فيه المسؤولون الصينيون عن تخفيف إجراءات محاربة الفيروس، يثير علماء الأوبئة تحذيرات من أن البلاد “ليست مستعدة بعد لرفع التدابير الاحترازية، مع مخاطر محتملة لمواجهة موجة فيروسية خطيرة”.
وأشارت أستاذة الصحة العامة في جامعة إدنبرة، ليندا بولد، إلى أنه بالرغم من أن الدراسات تظهر انخفاض قوة أوميكرون مقارنة بالمتحورات الأخرى، “إلا أن هذا لا يعني الاستخفاف به”، موضحة أن “هذا المتحور أثبت أنه اقل فتكا في البلدان التي عرفت نسبة تطعيم مرتفعة أو التي اكتسب مواطنوها مناعة ضد الفيروس”.
وتبقى معدلات التلقيح بالصين منخفضة نسبيا، لا سيما بين كبار السن، حيث إن 40 بالمئة فقط من الأشخاص الذين تجاوزوا الثمانينيات من العمر تلقوا حقنا معززة، كما يظل عدد الأشخاص الذين اكتسبوا أجسام مضادة منخفضا، بحسب المعطيات التي نقلتها الغارديان.
وتشير الصحيفة، إلى أن تجربة هونغ كونغ الأليمة مع تفشي متحور أوميكرون الربيع الماضي، تعكس حجم التحديات التي يمكن أن تواجه الصين، إذا ما أساءت التعامل مع قرار تخفيف إجراءات التصدي للفيروس.
في هذا السياق، أكد أستاذ الأمراض المعدية في كلية لندن، للصحة مارتن هيبرد،لصحيفة الغارديان، أنه بالرغم من أن انتشار أوميكرون كان ضئيلا في هونغ كونغ، إلا أن معدل الوفيات بسببها عاليا”، مشيرا إلى أن على الصين أن تراعي هذه الجوانب في القرارات التي تتخذها.
وأعلنت بكين، أنها ستسرع عمليات تطعيم الأشخاص البالغين 60 عاما وما فوق ضد كوفيد، بالتزامن مع إجراءات التخفيف.
في هذا السياق، تورد الغارديان، أن عدم قبول الصين الاعتماد على أي لقاحات أجنبية لفيروس كورونا، وتمسكها بتلك التي يتم إنتاجها محليا، والتي أشارت بعض الدراسات إلى ضعف فعاليتها، يمكن أن يأتي بمخاطر أخرى للصين.
ورحبت منظمة الصحة العالمية بتخفيف الصين لقيود مواجهة الفيروس، لكن مديرها العام، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، حذر أيضا من عواقب ظهور متغيرات جديدة في صفوف العدد الكبير من السكان الذين لم يتم تلقيحهم ضد الفيروس.
وقال خلال مؤتمر صحافي “نحن أقرب بكثير إلى أن نكون قادرين على القول إن فترة الطوارئ قد انتهت، لكننا لم نبلغ بعد هذا المرحلة”.
وأضاف “تستمر الثغرات الحاصلة على مستوى المراقبة وفي الاختبارات والتلقيح، في توفير الظروف المثالية لظهور متحور جديد ومثير للقلق”.