د. حمد الكواري: مونديال قطر منعطف تاريخي للدول الساعية لرقي الحضارة الإنسانية

د. حمد الكواري: مونديال قطر منعطف تاريخي للدول الساعية لرقي الحضارة الإنسانية

قطر قدمت ثقافتها وقيمها على امتداد فترة المونديال

نجاحنا في المونديال هو إثبات القطريين لقدرتهم على خوض التحديات وكسبها

أبهرنا العالم بأسره بالتنظيم المحكم وبالإنجازات الضخمة من بينها البنية التحتية
 

قال سعادة الدكتور حمد بن عبد العزيز الكواري، وزير الدولة رئيس مكتبة قطر الوطنية، إن كأس العالم لكرة القدم فيفا قطر 2022 لم يكن مجرّد مناسبة رياضيّة عابرة، بل منعطف تاريخي لقطر وللعرب ولكل الدول التي تسعى لرقي الحضارة الإنسانية.
جاء ذلك خلال الندوة الثانية التي عقدت أمس الأربعاء ضمن موسم الندوات الذي تنظمه وزارة الثقافة تحت عنوان «الإرث الثقافي لكأس العالم»، والتي قدمها سعادة د. حمد بن عبد العزيز الكواري.
وتأتي ضمن فعاليات النسخة الثانية من موسم الندوات التي تنظمها وزارة الثقافة، بالتعاون مع جامعة قطر والمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ومكتبة قطر الوطنية، بمشاركة نخبة من المفكرين والمثقفين والشعراء والأدباء من داخل قطر وخارجها.
تناولت الندوة التي أدارتها الدكتورة بثينة الجناحي «المكتسبات التي تحققت في كأس العالم بنقل الثقافة والإرث القطريين للعالم، وإبراز الصورة الحقيقية المشرقة للعرب والمسلمين، وأهمية الثقافة في تعزيز وتقوية العلاقات بين الشعوب».
وأكد سعادته خلال كلمته أن مونديال قطر شكَّل نقطة تحوّل عنده خصوصا أنه لم يكن من المهتمين بكرة القدم، وأدرك أهميتها ليس فقط باعتبارها مجرّد رياضة بل لارتباط الملايين من البشر في العالم بها، ممّا يجعل لها أبعادا ثقافية واجتماعية تتخطى الرياضة.
وأضاف سعادته «أعتقد أن ما حدث لي من تحوّل في النظر إلى كرة القدم هو إدراك مشترك مع كثير من المثقفين في العالم، وقد وجدت في الكتاب الذي أصدرته مؤسسة العربي الجديد تحت عنوان (سحر كرة القدم، أدباء من الشرق والغرب يحكون عن الشّغف باللعبة الأكثر بهجة)، ما يترجم هذه التحوّلات التي عاشها كتّاب وأدباء في كثير من مناطق العالم في علاقتهم بكرة القدم».
وثمن الكواري «المبادرات الثقافيّة التي تُغني المكتبة العربيّة بكتابٍ ممتع ومفيدٍ واستثنائي، وأقدّر للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات حرصه على تعزيز الوعي ومقاربة الظواهر الثقافية التي يعيشها الوطن العربي لذلك ليس من الغريب أن يتضمّن موسم الندوات في دورته الثانية موضوعا يتعلّق بمونديال قطر، بل إنني أثني على هذا الاختيار الذي يعكس فهما للظواهر الثقافية التي تحتاج إلى دراسة واستفادة، ويعد موضوع الإرث الثقافي للمونديال من الموضوعات المهمة التي تندرج ضمن قضايا الساعة الفكرية والثقافيّة، فقد ارتبط المونديال بالأبعاد الثقافية وهو ما أشار إليه صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حفظه اللّه: إننا لن نمنع أي شخص من القدوم إلى بلدنا والاستمتاع بكرة القدم، وإنّنا نحترم كلّ ثقافات العالم، ونتوقع من الجميع احترام ثقافتنا».
وأضاف سعادته «لقد حدد صاحب السمو بشكل واضح الموقف الثقافي لدولة قطر من هذا التواجد الدولي وبيّن الهدف منه بالإضافة إلى مهمّته الأساس وهي الرياضة، وهو أن يكون المونديال مناسبة لتأكيد التفاعل والاحترام المتبادل بين الثقافات، ولم يكن هذا القول مجرّد شعار لفظي ولكنّه تجسّد على أرض الواقع ليكون ممارسة ناجحة أثبتت أنّ دولة قطر لن تتخلى عن قيمها الثقافية وستتدخل لمنع التجاوز لهذه القيم عندما يحاول البعض ذلك. وقد قدمت قطر ثقافتها وقيمها على امتداد فترة المونديال، فأتاحت للزوار من الثقافات المختلفة التعرف على ديننا وثقافتنا وقيمنا الاجتماعية وتأكيد مبدأ الاحترام المتبادل بين الثقافات».
وتابع «لذلك لم يكن هذا الحدث مجرّد مناسبة رياضيّة عابرة بل هو منعطف تاريخي لقطر وللعرب ولكلّ الدّول التي تسعى لرقيّ الحضارة الإنسانيّة، حتّى أنّني أعتبر هذا المنعطف نقطة استئناف الحضارة العربيّة لدورتها».
وذكر سعادة وزير الدولة ورئيس مكتبة قطر الوطنية أن هدفه من المحاضرة كان تفعيل مكتسبات نجاح مونديال قطر على المستوى الثقافي، حيث عدَّد مجموعة من نتائج المونديال»، مضيفا «هدفي في هذه المداخلة أن أعمل بما ناديتُ به طويلاً، وهو ضرورة تفعيل مكتسبات نجاح المونديال على المستوى الثقافي حتّى لا تحُولَ فرحة النجاح دونَ مواصلة العمل على تعهّد هذه الشّجرة التي تحتاج إلى العناية كي تورق أغصانها وتطرح ثمارها على الدّوام. ويعني ذلك أن نفكّر في ما بعد المونديال حتّى نبتعد عن ذلك الأسلوب في التفكير الذي يبقى مفتخرا بأمجاد الماضي دون أن ينفع حاضره ولا يفكّر في مستقبله. وإذا كان من حقّنا وحقّ الأجيال العربيّة الفخر، فإنّ هذا الافتخار لن ينفعنا في شيءٍ إن لم نستخدم نتائجه الإيجابيّة في إحداث تحوّلات حضاريّة».
وأضاف «لننظر في محصّلة هذا الإرث الثقافي الكبير الذي حصدناهُ من أثَر ما زرعنا، ولا نرمي به في متحف الذّاكرة»، وإنّ أوّل ما يتجلّى من أثر هذا النجاح الذي أبهر العالم هو إثبات القطريين لقدرتهم على خوض التحديات وكسبها على منوال ما قام به الأجداد حتّى صارت استجابتهم لما يعترضهم منها جزءًا من شخصيتهم الوطنية، فقد أبهر القطريون العالم بأسره بالتنظيم المحكم وبالإنجازات الضّخمة التي شملت البنية التحتيّة من ملاعب وطرقات ووسائل نقل ساعدت على أن يقام المونديال في أفضل الظروف وبشروط الاستدامة، وهو ما سيبقى علامة فارقة لأجيال من القطريين في العقود القادمة».
وأضاف سعادته قائلا: لم يقتصر هذا النجاح على تنمية دافعية العمل والإتقان لدى أبناء المجتمع القطري فحسب، بل إنّ فضيلة هذا النّجاح الكبير أنّهُ أعاد التفاؤل والأمل إلى العالم العربي في مرحلة تحتاج فيها الأجيال العربيّة إلى نماذج مُلهمة للفعل الحضاري مثل حاجتها إلى الإيمان بقدراتها والخروج من أسر تلك الصّورة الدونيّة التي رسمها لها الفكر الاستعماري الجديد. إذ إنّ الانتصار النفسي شرط أساسي لأيّ نهضة حضاريّة، وكم من شعوب تراخى فعلها الحضاري بسبب هزيمتها النفسيّة.
وحرّك المونديال «الذاكرة الجماعية» للشعوب، فقد استعاد العرب والمسلمون خصيصا أمجاد الحضارة العربية الإسلامية حين كنا نقود ركب الحضارة ونؤثّر في المجتمعات الأخرى، ونتصدّر «النموذج» الحضاري للتقدّم. 
وأتبع سعادة د. حمد بن عبد العزيز الكواري وزير الدولة ورئيس مكتبة قطر الوطنية بـ 3 توصيات كانت التطلع إلى خطة متكاملة للتعامل مع مرحلة مع بعد المونديال والبناء على ما تحقق من نجاح وتحويل البنية التحتيّة إلى فضاءات لحركة ثقافية واقتصادية ورياضية تجعل من بلدنا مثلا يحتذى في نجاح متواصل 
بعدها فتح النقاش للحضور. وردا على سؤال حول ما إذا كان من هاجموا قطر في الغرب قد أدركوا خطأهم الآن بعد كل هذا النجاح الذي حققه المونديال، قال الكواري: «بكل تأكيد قد أدركوا خطأهم وعلموا الآن أنهم قد دخلوا في معارك خاسرة لأنهم ظنوا أن رغبتنا في تنظيم المونديال ستقودنا إلى تقديم تنازلات وهذا لم يحدث»، مؤكدا أن الشعارت التي رفعوها والموضوعات التي طرحوها ليست قضايا عامة بل هي قضايا شخصية وبالتالي كانت معركتهم خاسرة.
وأضاف أن الأهم الآن هو كيفية استفادة العرب من هذه التجربة التي جعلت العالم كله يحترم الثقافة العربية، مؤكدا أن هذا الأمر بلا شك يحتاج متابعة، مشددا على ضرورة تواصل هذه المسيرة الناجحة ولا نتكئ على ما تحقق.

اقرأ ايضاً
سمو الأمير يحضر مأدبة غداء ولي العهد السعودي

المصدر: صحيفة العرب القطرية

شاهد أيضاً

غرفة قطر تدعو لإنشاء شركة للنقل البري تحت نظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص

غرفة قطر تدعو لإنشاء شركة للنقل البري تحت نظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص

دعت لجنة الخدمات بغرفة قطر إلى إنشاء شركة للنقل البري تحت نظام الشراكة بين القطاعين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *