في مثل هذا اليوم من عام 1982 وفي بيروت التي كان يطوّقها الجيش الإسرائيلي، صعد الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، إلى سفينة أقلَّته إلى منفاه الجديد في تونس. تركت خسارة منظمة التحرير الفلسطينية آخر موقع لها على خط التماس مع إسرائيل آثارها على المصيرين الفلسطيني واللبناني معاً.
حين أحكم الجيش الإسرائيلي حصاره على بيروت، اتخذ عرفات قراراً سرياً بالقتال 6 أشهر بانتظار جلاء المواقف الإقليمية والدولية وموازين القوى. اضطر عرفات إلى المغادرة بعد 88 يوماً في ختام ما حرص على عدّها «أطول حرب عربية – إسرائيلية».
الخيبة الكبرى التي أصابت المقاومة الفلسطينية وحلفاءها في الحركة الوطنية اللبنانية جاءت من الحليف السوفياتي. رفضت موسكو توجيه إنذار جدّي أو إرسال مدمِّرة إلى قبالة شواطئ لبنان أو سفينة لنقل الجرحى. ذهبت أبعد من ذلك حين طالب السفير السوفياتي ألكسندر سولداتوف الزعيم الفلسطيني بالخروج من بيروت ولو «على ظهر المدمرات الأميركية». وهكذا تبلور خروج المقاومة الفلسطينية من بيروت، وأبلغه رئيس الوزراء اللبناني شفيق الوزان إلى المبعوث الأميركي فيليب حبيب.
وكشف إصرار عرفات على المغادرة بحراً، لا عبر دمشق، حجم الخلاف الذي كان قائماً بينه وبين الرئيس السوري حافظ الأسد. وقال الأمين العام لـ«الجبهة الشعبية – القيادة العامة» أحمد جبريل، إن عرفات أبلغه صراحةً بأن الصمود ثلاثة أشهر في بيروت «انتصار لن أعطيه للقيادة السورية».
بدءاً من اليوم، تعود «الشرق الأوسط» إلى تلك المحطة المهمة ناقلةً شهادات اللاعبين البارزين في ذلك الصيف الحار، وهي تسلط الضوء على مواقف تساعد في فهم ما حدث، خصوصاً أن هناك من يعتقد أن الخروج من بيروت كان بين العوامل التي دفعت منظمة التحرير إلى سلوك طريق «اتفاق أوسلو».