مظاهرات في ساحة التحرير ببغداد إحياءً لذكرى احتجاجات أكتوبر الرابعة

مظاهرات في ساحة التحرير ببغداد إحياءً لذكرى احتجاجات أكتوبر الرابعة

وسط حضور متواضع نظّمه مئات من الناشطين، وبيانات «خجولة» مندّدة بمنظومة الحكم القائم، مرت، اليوم الأحد، الذكرى الرابعة لحراك أكتوبر (تشرين الأول) 2019، الاحتجاجي الذي يحلو لكثيرين إطلاق تسمية «الثورة» عليه، والذي امتد إلى معظم محافظات وسط وجنوب البلاد.

357322
متظاهرون عراقيون يتجمعون للاحتفال بالذكرى الرابعة للاحتجاجات المناهضة للحكومة في بغداد (رويترز)

واستمرت الاحتجاجات لنحو عام ونصف العام، ورُفعت فيه شعارات تُدين نظام «الفساد والمحاصصة وغياب القانون والتبعية للأجنبي»، وتمكنت من إسقاط حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي الذي اضطر لتقديم استقالته تحت ضغط الاحتجاجات.

وسقط في تلك الفترة ما لا يقل عن 700 قتيل، وأكثر من 20 ألف جريح، نتيجة الاستعمال المفرط للقوة الذي انتهجته القوات الأمنية ضد المتظاهرين وقتذاك.

المتظاهرون الذي خرجوا لإحياء الذكرى أعادوا التذكير بشعارات سابقة للاحتجاج كانت تُناهض النظام القائم والولايات المتحدة الأميركية وإيران، بوصف الدولتين الأكثر تأثيراً في البلاد منذ نحو عقدين من الزمن، وهو تأثير سلبي، بنظر جماعات الاحتجاج، ولم تخلُ التظاهرة من احتكاكات طفيفة مع القوات الأمنية التي كانت ترغب بتفريقهم.

التراجع في أعداد المتظاهرين، قياساً بالسنوات السابقة، وعدم خروجها في معظم محافظات الوسط والجنوب، يعود، في جزء أساسي منه، إلى الشعور المرير بالخيبة والإحباط، جراء عدم تحقيق أهداف الحِراك المعلَنة، وفق ناشطين، إلى جانب تشظّي المواقف والانقسامات الحادّة التي وقعت بين صفوف جماعات الحراك، بالنسبة لكثير من القضايا، وفي مقدمتها مسألة المشاركة في الانتخابات المبكرة العامة التي فرضتها الاحتجاجات وجَرَت في أكتوبر 2021.

357325
متظاهرون عراقيون يتجمعون للاحتفال بالذكرى الرابعة للاحتجاجات المناهضة للحكومة في بغداد (د.ب. أ)

حيث انقسمت جماعات الحراك بين مؤيد للمشاركة، ومعارض لها بوصفها شكلاً من أشكال إضفاء الشرعية على نظام آيل للسقوط، في نظرهم. وحتى مع مشاركة المؤيدين، وحصولهم على نحو 15 مقعداً في البرلمان، ما زال الخلاف في وجهات النظر قائماً، بل إن معظم الأعضاء الحاليين في البرلمان المحسوبين على جماعات الحراك، يتعرضون بشكل دائم إلى انتقادات شديدة، ويُتهمون بأنهم انخرطوا مع أحزاب وقوى السلطة في إدامة وتكريس «مساوئ» النظام السياسي.

الفقر، الذي رافق إحياء الذكرى بالنسبة لأعداد مَن خرجوا، لم يحُل دون سيل كبير من التعليقات والآراء التي حفلت بها مواقع التواصل الاجتماعي، كما لم يمنع بعض الجماعات والجهات الناشطة من إصدار بيانات استذكار بالمناسبة.

الكاتب ورئيس التحرير السابق لصحيفة «الصباح» الرسمية، فلاح المشعل، رأى أن «انتفاضة أكتوبر 2019 لحظة تاريخية عظيمة تجلّت فيها إرادة المعارضة السلمية ضد فساد العملية السياسية، لكنها تعرضت للقتل والإبادة والتشويه والتدنيس والقسوة المفرطة من أحزاب وميليشيات وجماعات العملية السياسية».

اقرأ ايضاً
صواريخ الجهاد الإسلامي تستهدف غرب القدس وسط استمرار الغارات الجوية الإسرائيلية على غزة

357324
متظاهرون عراقيون يتجمعون للاحتفال بالذكرى الرابعة للاحتجاجات المناهضة للحكومة في بغداد (رويترز)

وأضاف، في تدوينة عبر «فيسبوك»، أن ما حدث «كان اختباراً إضافياً يؤكد زيف الديمقراطية وعداء أحزاب السلطة للشعب الذي رفع شعار (نريد وطناً) ولم يطالب بسلطة! لكن العقلية الفاشية للأحزاب الحاكمة لم تستثمر هذا التطور الفكري النوعي للمجتمع في تبنّي خطاب المعارضة».

وقال الصحافي رياض محمد، في تدوينة مماثلة: «لا حاجة لي بتكرار القول إن انتفاضة أكتوبر كانت أعظم لحظة في تاريخ العراق المعاصر، لكننا بشر وعلينا أن نتعلم من تجاربنا، كانت أهدافها عظيمة، وحمل ثقلها شباب رائع أدهشنا وأدهش العالم».

وأضاف: «لكن انتفاضة أكتوبر احتوت أيضاً على تيارات وجهات انكشفت، فيما بعد، هويتها الحقيقية، ما يحتاج إليه العراقيون هو تغيير العقول، ولا فائدة تُرتجي من تغيير حكومة، والبديل حفنة من الأفكار الخرافية!».

ويخلص محمد إلى أنه «لا فائدة من تغيير الحكومات والشعب، والعقول لا تتغير ولا تزال تبحث عن منقذين خرافيين. ولا فائدة من المظاهرات إذا كانت المقاطعة وتشرذم المتظاهرين لـ100 جهة ورأس مستمرين».

بدورها أصدرت منظمة «تشرين لحقوق الإنسان»، بياناً بمناسبة الذكرى، طالبت فيه بالكشف عن مصير الأشخاص والناشطين الذين اختفوا قسرياً في العراق. وذكرت أن مِن بين الذين اختفوا، وما زال مصيرهم مجهولاً «عبد المسيح روميو جان سركيس، وهو عامل يومي من بغداد، وكذلك أسامة التميمي، المصور المستقلّ الذي اختفى قرب ساحة التحرير في بغداد».

357326
متظاهرون عراقيون يتجمعون للاحتفال بالذكرى الرابعة للاحتجاجات المناهضة للحكومة في بغداد (د.ب.أ)

وذكرت أن «أسامة التميمي قام بتوثيق الاحتجاجات بكاميرته، واختفى عند عودته إلى منزله، وكذلك محمود علي خزعل علك الشويلي، الذي اختفى في ساحة التحرير ببغداد في ديسمبر 2019 أثناء مشاهدته مباراة كرة قدم».

وشدَّد بيان المنظمة على «أهمية توثيق ومشاركة قصص الأشخاص المختفين قسرياً في العراق؛ لأن هذه القصص تشكل دليلاً حياً على الظلم والاضطهاد اللذين يمكن أن يكونوا قد تعرضوا لهما».

ودعت المنظمة المجتمع الدولي والمنظمات الدولية لمراقبة الوضع في العراق عن كثب، وتقديم الدعم والمساعدة في معالجة قضية الاختفاء القسري.

المصدر: الشرق الأوسط

شاهد أيضاً

“قيل لإسرائيل إنها ليست وحدها، لكن عاما من الحرب جعلها معزولة”- الغارديان

“قيل لإسرائيل إنها ليست وحدها، لكن عاما من الحرب جعلها معزولة”- الغارديان قبل 37 دقيقة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *