تتجه الأنظار اليوم إلى الخيارات التي يمكن للحكومة الإسرائيلية اللجوء إليها بعد التعرض للهجوم الذي شنته حماس صباح السبت، وهو الأعنف على إسرائيل منذ حرب لبنان عام 2006.
وشنت القوات الجوية الإسرائيلية بالفعل خلال الأيام الماضية غارات على أهداف في قطاع غزة، حيث تتمركز حماس، وأمر وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، بفرض “حصار كامل” على القطاع وفق معادلة “لا طعام لا وقود لا كهرباء”.
لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أشار إلى أن هذه ليست سوى “الطلقة الأولى” في هجوم إسرائيلي قادم أكبر بكثير على المجموعة الفلسطينية.
وقال نتنياهو في خطاب متلفز الإثنين الماضي: “لقد بدأنا للتو ضرب حماس، ما سنفعله بأعدائنا في الأيام المقبلة سيتردد صداه لأجيال عديدة”.
ورغم أن إسرائيل تتكتم على خططها المستقبلية في الحرب، فإن استدعاء نحو 300 ألف جندي احتياط أثار تكهنات حول استعداد إسرائيل لاقتحام القطاع بريا.
مصاعب ستواجه الجيش الإسرائيلي
ولن تكون هذه هي المرة الأولى التي تدخل فيها القوات الإسرائيلية غزة، لكن الخبراء يحذرون بالفعل من أن مثل هذه العملية يمكن أن تكون مكلفة لكل من القوات الإسرائيلية “IDF” وأكثر من مليوني مدني فلسطيني يعيشون هناك، بحسب تقرير نشرته مجلة “نيوزويك”.
وقال العقيد ريتشارد كيمب، ضابط متقاعد بالجيش البريطاني: “إذا قررت إسرائيل التدخل بريا ستكون العملية خطيرة للغاية، هجوم حماس الأخير تم التخطيط له لعدة أشهر، بالتأكيد خططوا لصد رد فعل إسرائيل، ستتم زراعة المنطقة بأكملها بالأفخاخ المتفجرة والألغام ومواقع القناصة والكمائن وأنفاق الهجوم”.
وأضاف: “الجيش الإسرائيلي مدرب على القيام بذلك، لقد تم تدريبه على تلك العمليات، ولكن بغض النظر عن مقدار التدريب، فإن دخول غزة بريا يعد شكلا خطيرا للغاية من العمليات العسكرية”.
وأشار كيمب إلى أن القوات الجوية الإسرائيلية يمكن أن تحقق أهداف حكومتها المتمثلة في إصابة حماس بالشلل من خلال الضربات الجوية وحدها، لكنها مُنعت من القيام بذلك في السابق بسبب الضغوط الدولية.
وأضاف أن “طائرات الجيش الإسرائيلي غير معرضة للخطر بشكل كبير؛ يمكنها أن تأخذ وقتها، لا يوجد ضغط حقيقي للتحرك بسرعة إذا لم تكن الظروف مناسبة، في حين أن هناك ضغوطا على الأرض للتحرك بسرعة، لأن الأمر لا يتعلق فقط بقتل العدو، بل يتعلق أيضا بمحاولة عدم قتل قواتك.”
وقال كولين كلارك، مدير الأبحاث في مجموعة “سوفان”، وهي شركة استشارات أمنية، لموقع “فوكس”: “لا تزال حماس تمتلك ترسانة قوية من الصواريخ ويمكن أن تخطط لمزيد من الكمائن، لن أتفاجأ برؤية تفجيرات انتحارية إذا تسلل المزيد من مقاتلي حماس إلى الأراضي الإسرائيلية”.
الضحايا المدنيين
قال كيمب: “احتمال وقوع عدد كبير من الضحايا المدنيين في عملية برية كبير للغاية، بغض النظر عن مدى جهودك لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين، فلن تنجح عندما يكون هناك الكثير من المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، حيث لا يمكن التمييز بين العدو والأشخاص المدنيين الذين يتم استخدامهم أيضا كدروع بشرية”.
وأضاف: “استراتيجية حماس العسكرية بأكملها لا تعتمد على هزيمة إسرائيل في ساحة المعركة، لأنهم لا يستطيعون ذلك، تتمثل استراتيجيتهم في مهاجمة إسرائيل بطريقة تجبرها على تنفيذ عمليات انتقامية، كما تفعل أي دولة أخرى، وهذا الانتقام سيؤدي حتما إلى سقوط ضحايا من المدنيين، وهو ما تريده حماس”.
وتابع: “إنهم يريدون أن يموت المدنيين على أيدي الجيش الإسرائيلي، حتى يتمكنوا من استخدام ذلك لعزل إسرائيل وتشويه سمعتها وإدانتها على المسرح العالمي، وهو ما نجحوا فيه للغاية”.
وقال هيو لوفات، أحد كبار محللي شؤون الشرق الأوسط في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، لصحيفة “التلغراف”: “إن التوغل البري الإسرائيلي سيأتي بتكلفة باهظة من حيث الأرواح، وكما أظهرت العمليات السابقة، فإنه سيزيد من المساعدات الإنسانية في غزة”.
ولا يقتصر الأمر على المدنيين الفلسطينيين المعرضين للخطر حاليا في غزة فحسب، بل هناك الرهائن الإسرائيليين الذين احتجزتهم حماس بهدف مبادلتهم فيما بعد.
وأضافت “نيوزويك” في تقريرها أن حماس، من خلال جناحها السياسي، هي الحاكم الفعلي لغزة منذ عام 2006، وحتى لو تمكنت إسرائيل من القضاء عليها، فإن الجيش الإسرائيلي سيواجه التحدي المتمثل في الحفاظ على النظام بمنطقة يعارض فيها السكان المحليون الحكم الإسرائيلي بشدة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن أي هجوم بري على غزة يمكن أن يتصاعد أيضاً إلى صراع على جبهات متعددة بالنسبة لإسرائيل.
المصدر: سكاي نيوز