أدى الحصار المفروض على قطاع غزة لليوم العاشر على التوالي، في تعميق الأزمة الإنسانية التي يعيشها السكان، في الوقت الذي لا يزال النزوح مستمرا إلى الجنوب تحت وطأة المخاوف من القصف العشوائي الذي تشنه القوات الإسرائيلية، مع ترجيحات بالاجتياح البري في غضون الأيام المقبلة.
يأتي ذلك وسط تحذيرات المؤسسات الدولية من “كارثة إنسانية” في الوقت الراهن تحيق بالقطاع الذي يقطنه ما يزيد عن 2.4 مليون شخص، بما في ذلك النقص الحاد بالمواد الغذائية، وانقطاع المياه والكهرباء، ونفاد مخزون الطاقة في غضون ساعات.
“أزمة خبز”
وبدا واضحا أزمة توفير الخبز لسكان القطاع، وهو ما كانوا يعتمدون عليه بصورة كبيرة في يومهم الطبيعي قبل اندلاع العمليات العسكرية وفرض الحصار.
وكشف المتحدث باسم منظمة الأونروا عدنان أبو حسنة، أن المنظمة باتت تقدم “رغيفًا واحد من الخبز” على مدار اليوم لكل مواطن، بعدما باتت المخابز العاملة في القطاع غير قادرة على تزويدهم بما يحتاجونه.
وأشار إلى أن الخدمات الضرورية لحياة الإنسان لم تعد متوفرة في قطاع غزة، فالوقود سينفد خلال أيام، ولم تعد هناك مياه كافية للاستهلاك الآدمي، وبالتالي بات القطاع أمام “كارثة محققة”.
ويقول الرجل الخمسيني طارق أبو شعبان، إن الخبز من الأمور الأساسية التي يعتمد عليها الجميع في قطاع غزة، لكنه طاله ما طال باقي السلع الغذائية من شح.
ويضيف لموقع “سكاي نيوز عربية” أن “نصف بيوت غزة مُدمّرة تدميرًا كاملًا. لا يوجد مياه ولا كهرباء ولا أدوية، وكل الأمل في المساعدات الموجودة في مصر لنتحمل قليلًا من الوضع الراهن”.
وتابع: “قبل ساعات قام الجيش الإسرائيلي بقصف مخازن لمنظمة الأونروا تحتوي على مخزون استراتيجي للطحين لقطاع غزة، وهذا قد يؤدي إلى فقدان الخبز بشكل نهائي، فالوضع الراهن به شح كبير في أي موارد غذائية”.
نقص الإمدادات
ومن داخل القطاع المأزوم، قال الشاب الثلاثيني مصطفى عبدالرحمن إن الوضع ينذر بمخاطر واسعة حال استمرار التعنت الإسرائيلي في إدخال المساعدات إلى القطاع، فالكهرباء لم تعمل منذ أيام، وهذا يترتب عليه انقطاع وشح كبير في الماء، إضافة للنقص الحاد في المواد الغذائية، و”عدم القدرة على توفير المأكل والمشرب”.
وما زاد الطين بلّة، حالة النزوح الجماعي من الشمال إلى الجنوب، بعدما دعا الجيش الإسرائيلي نحو 1.1 مليون فلسطيني في غزة بالانتقال إلى جنوب القطاع، تزامنًا مع التجهيز للعملية برية.
ودخلت آليات مصرية إلى الجانب الفلسطيني من معبر رفح الذي يفصل مصر عن قطاع غزة، الثلاثاء، بهدف تمهيد الطريق الذي دمره قصف إسرائيلي سابق.
وكشف مصدر لموقع “سكاي نيوز عربية” أن الخطوة تهدف إلى إصلاح الطريق المتضرر بشدة، بانتظار صدور قرار بفتح المعبر والسماح بدخول المساعدات إلى أكثر من مليوني شخص محاصرين في قطاع غزة.
وتنتظر عشرات الشاحنات التي تحمل مساعدات إنسانية ومستلزمات طبية على الجانب المصري من معبر رفح، الإذن بالدخول إلى قطاع غزة.
وأوضح “عبدالرحمن” في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن الجميع في غزة يعانون من “أزمة حقيقية”، محذرًا من أن استمرار هذا الوضع قد يتطور إلى “مجاعة”.
دعوات لإدخال المساعدات
ووصف المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، أحمد المنظري، في تصريحات لـ”سكاي نيوز عربية”، الوضع الراهن في غزة بأنه “صعب للغاية”، في حين يُنذر التصعيد المتلاحق بـ”كارثة إنسانية مُحققة”.
وأوضح أن الجرحى والقتلى بالآلاف، وأعداد من شردوا من بيوتهم لا حصر لها، في الوقت الذي توشك المواد الأساسية من غذاء ومياه ووقود وأدوية على النفاد.
وأشار إلى أن كل ساعة تبقى فيها هذه الإمدادات والمساعدات على الجانب المصري من الحدود، دون فتح المعبر من الجانب الإسرائيلي يموت المزيد من الأشخاص وخاصة الفئات الأكثر تعرضًا للمخاطر والأشد تأثرًا بها، في حين أن الإمدادات التي قد تنقذهم متوفرة على بُعد أقل من 20 كيلو مترًا.
وأضاف المنظري أن “التقاعس عن تيسير وصول هذه الإمدادات لمن يحتاجونها وتركهم للمعاناة أو الموت، هو هزيمة أخلاقية للمجتمع الإنساني بأكمله ولا يجوز أن نسمح لها بالحدوث”.
المصدر: سكاي نيوز