ماذا نعرف عن انفجاري طابا ونويبع في مصر قرب الحدود مع إسرائيل وغزة؟
بعد عدة ساعات على وقوع انفجارين متتالين في جنوبي سيناء بمصر، بالقرب من الحدود مع إسرائيل وقطاع غزة، أعلن الجيش المصري في بيان مقتضب أن التحقيقات أظهرت سقوط طائرتين مُسيَّرَتين، قادمتين من جنوب البحر الأحمر إلى شماله، عقب استهدافهما.
وقبل هذا البيان، وجه مستخدمون على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر أصابع الاتهام لأطراف مختلفة، من بينها إسرائيل، لكن ماذا نعرف حتى الآن عن هذين الحادثين؟
انفجار قرب مستشفى طابا
في الساعات الأولى من صباح الجمعة، انفجر جسم بعدما سقط من السماء على سكن لأطباء مستشفى وإسعاف مدينة طابا الساحلية، ما تسبب في إصابة ستة أشخاص بإصابات طفيفة، وفقا لبيان حكومي مصري.
وتقع مدينة طابا على الحدود الشرقية لمصر، وتربطها حدود برية بمدينة إيلات جنوبي إسرائيل، وتبعد أكثر من 200 كليو متر عن مدينة رفح الحدودية مع قطاع غزة.
في البداية، فُسر الأمر على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر على أنه ربما كان “قصفاً بصاروخ إسرائيلي”، وطالب البعض الجيش المصري بالرد على ما اعتبروه “عدواناً على الأراضي المصرية”.
في المقابل، تساءل البعض عما إذا كان الانفجار قد وقع بسبب “إطلاق خاطئ لصاروخ من قطاع غزة” أو ربما صاروخ أطلق “من اليمن باتجاه إسرائيل”.
ولم يقدم أصحاب هذه التفسيرات المختلفة أي دلائل ترجح وجهات نظرهم.
في الوقت نفسه، نشرت قناة القاهرة الإخبارية – المقربة من السلطات في مصر – نقلاً عما سمَّته “مصدراً سيادياً”، قوله إن مصر “تحتفظ بحق الرد، وإن كل الخيارات مفتوحة”، بمجرد تحديد جهة إطلاق الصاروخ.
بيان مصري مقتضب
قبل ظهر الجمعة، أعلن المتحدث العسكري المصري أن سبب الانفجار هو سقوط طائرة موجهة بدون طيار، وصفها بأنها “مجهولة الهوية”.
ولم يتهم بيان الجيش المصري أي طرف بالوقوف خلف الحادث. وقال العقيد أركان حرب غريب عبدالحافظ، المتحدث العسكري، في بيان إن الحادث “قيد التحقيق بواسطة لجنة متخصصة من الجهات المعنية”.
وفي وقت لاحق مساء الجمعة، أصدر الجيش المصري بياناً آخر، ذكر فيه أن الانفجارين كانا بسبب سقوط طائرتين مُسيَّرتين قادمتين من جنوب البحر الأحمر، إحداهما استُهدفت خارج المجال الجوي المصري، قبل أن يسقط جزء من حطامها بمنطقة غير مأهولة بالسكان بمدينة نويبع، بينما سقطت الأخرى في مدينة طابا.
ولم يوضح البيان المصري الجهة التي استهدفت الطائرتين.
ويعتقد العميد متقاعد صفوت الزيات أن التوصل لتفسير قاطع بشأن من أطلق هذه الطائرات ربما يستغرق وقتا، ويقول “ربما يجري تحقيق مشترك بين الجيش المصري والإسرائيلي، فهناك تعاون مستمر بين الطرفين”.
تصريحات إسرائيلية
بودكاست أسبوعي يقدم قصصا إنسانية عن العالم العربي وشبابه.
الحلقات
البودكاست نهاية
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، إن إسرائيل رصدت تهديداً جوياً في منطقة البحر الأحمر، وتم استدعاء طائرات حربية للتعامل معه.
كما قال أدرعي عبر حسابه على موقع “إكس”، (تويتر سابقا)، إن التقديرات الإسرائيلية تشير إلى أن ما وقع في مصر ناتج عن هذا التهديد، و”ستعمل إسرائيل مع مصر والولايات المتحدة لتعزيز الحماية في المنطقة”.
بعد عدة ساعات من هذا البيان، عاد أدرعي للتأكيد على أن الطائرات الإسرائيلية تمكنت من اعتراض ما سمته “أهدافاً معادية” كانت في المنطقة، مضيفاً أن تلك الأهداف لم تشكل أي تهديد على المواطنين.
وقال أدرعي إن عمليات الاعتراض كانت “خارج السيادة الإسرائيلية”، ما يعني أنها تمت خارج الأراضي الإسرائيلية.
بعدها، أصدرت وزارة الخارجية الإسرائيلية بيانا قالت فيه إن الطائرات المُسيرة التي ضربت مصر أطلقتها “حركة أنصار الله اليمنية على إسرائيل”.
وأدانت الوزارة في بيان الضرر الذي لحق بمصر بسبب تلك الطائرات بدون طيار، التي أطلقت “بهدف الإضرار بإسرائيل”.
ويصف أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، مصطفى كامل السيد، تعامل مصر مع مثل هذه الأحداث بأنه يتم بنوع من “الحذر الشديد”.
ويقول: “لا أعتقد أن الحكومة المصرية سترد على ذلك، لأنها لا تريد الدخول في مواجهة مسلحة مع أحد. وأرى أن رد الفعل المصري سيتم بحذر شديد وعدم مبالغة أيضا”.
ويستشهد السيد بأن مصر “قبلت اعتذاراً إسرائيلياً” قبل أيام، بعد سقوط قذيفة إسرائيلية على جنود مصريين في سيناء.
انفجار ثان في نويبع
بعد ساعات من انفجار طابا، وقع انفجار آخر قرب محطة كهرباء في مدينة نويبع جنوبي سيناء نتيجة سقوط ما بدا أنه “صاروخ أطلق من جهة غير معلومة”، وفق مصادر صحفية وشهود عيان تحدثوا إلى بي بي سي عربي.
وتبعد مدينة نويبع نحو 50 كيلومتراً إلى الجنوب من مدينة طابا، وتقدر المسافة بينها وبين قطاع غزة بنحو 250 كيلومترا.
وتظهر مقاطع مصورة ما بدا أنه “طائرة مُسيرة” تحلق في سماء المنطقة، قبل ثوان من وقوع الانفجار.
ونقلت وسائل إعلام مصرية أنباءً عن تحليق طائرات حربية مصرية فوق نويبع وطابا منذ ساعات الفجر، أي بعد وقت قصير من الانفجار الأول.
ويستبعد مصطفى كامل السيد، وصفوت الزيات أن تكون انفجارات الجمعة متعمدة، إذ أن طرفي الصراع، لا يريدان معاداة مصر، خاصة مع اعتبارها الوسيط بين إسرائيل وحماس، كما يؤكدان.
ويرى الدكتور مصطفى كامل السيد أن هذه الوقائع لا ترقى إلى أن تشكل تهديداً كبيراً للأمن القومي المصري. ويقول: “سيكون هناك خطر إذا حاول أحد دخول مصر، أو ضرب أهداف في مصر عمدا”.
ويتوقع الزيات أن يتكرر سقوط قذائف من أنظمة تسليح “طائشة” داخل الأراضي المصرية، في ظل ما يصفه بالموقف غير محدد الملامح. ويقول “لا أستطيع القول انه استهداف موجه للجانب المصري بالدرجة الأولى”.
ويتفق الدكتور مصطفى كامل السيد مع هذا الرأي. ويعتقد أن تستمر الوساطة المصرية رغم أحداث الجمعة.