في خطوة من شأنها رفع مستوى التوتر الإقليمي والدولي، طالب الجيش الإسرائيلي، الخميس، سكان الجزء الجنوبي من قطاع غزة بمغادرة منازلهم، في إشارة إلى توسيع العملية البرية لتصل إلى الجنوب.
ويرى مراقبون تحدّثوا لموقع “سكاي نيوز عربية” أن توسيع العمليات الإسرائيلية لتصل إلى جنوب قطاع غزة ستكون له تداعيات خطيرة على المستوى الإقليمي، خاصّة أن السكان لن يكون لديهم مكان للنزوح سوى للدول المجاورة عبر رفح، الأمر الذي يُثير حفيظة مصر والدول العربية التي ترفض تهجير السكان إلى سيناء.
ويقول وزير الخارجية المصري سامح شكري، الخميس، إن سياسة التهجير القسري التي تتبعها إسرائيل “تعدّ جريمة حرب في حدّ ذاتها”، و”نحن لدينا إرادة قوية وأكيدة لرفض أي شكلٍ من أشكال التهجير للفلسطينيين”.
ويضيف شكري أن “ما يُرتكب مِن أفعال في غزة يخالف القانون الدولي الإنساني، والسلطة الفلسطينية والدول العربية والإسلامية أكّدت على ضرورة وجود آليات للتحقيق من تلك المخالفات، كما أن السلطة الفلسطينية دعت المحكمة الجنائية الدولية لذلك”.
هدف استراتيجي لإسرائيل
يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبدالمهدي مطاوع، أن توسيع العملية البرية الإسرائيلية لتشمل جنوب القطاع هو هدف خططت له تل أبيب منذ بداية العدوان على غزة في السابع من أكتوبر الماضي، ويقول في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية”:
- إسرائيل تستهدف الجنوب والوسط لاستكمال عملياتها ضد “حماس”، ومن المتوقّع أن تستهدف خان يونس في الجنوب، لأنها أعرض منطقة بقطاع غزة بنحو 12 كم، والجزء الشرقي منها غير مكتظ بالسكان، لذلك تخطّط إسرائيل لفصل خان يونس عن رفح والوسطى، من أجل الضغط على السكان النازحين من الشمال للجنوب وسكان الجنوب أيضًا.
- القصف على الجنوب حتى الآن انتقائي، وتستهدف إسرائيل أبنية محدّدة، وليس حزامًا ناريًّا كما حدث في الشمال، لأنّ الجيش الإسرائيلي يريد تقليل عدد الضحايا، بسبب الضغوط الكبيرة التي تواجهها من جانب المجتمع الدولي والولايات المتحدة.
ما التداعيات الإقليمية؟
يقول الكاتب والمحلل السياسي السعودي، سعد عبدالله الحامد، لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن إسرائيل ومنذ بداية العدوان على قطاع غزة قالت إنها تضع لها هدفًا رئيسيًّا هو القضاء على حركة حماس، وفي سبيل ذلك قامت بقطع المياه والكهرباء والغاز عن كل المرافق داخل القطاع، ويضيف في تصريحاته:
- ما حدث هو استهداف مستمر للمدنيين وقتل آلاف الأطفال والنساء والمرضى، ومؤخّرًا وسّعت إسرائيل عملياتها لاقتحام المستشفيات، بدعوى وجود ممرّات لحركة حماس أو مخازن للأسلحة، دون تحقيق أي أهداف حتى اللحظة، بينما تبدو تل أبيب مشتتة للغاية ولا تملك خطة للتحرّك داخل غزة.
- كذلك تستخدم إسرائيل الذريعة ذاتها، لتهجير سكان القطاع بزعم القدرة على الوصول لعناصر “حماس”، واليوم تتحدّث عن تهجير من جنوب القطاع، الأمر الذي قد يثير قلاقل دولية ويدفع قوى إقليمية للصراع مع إسرائيل بشكل مباشر.
* ما تفعله إسرائيل اليوم في غزة هو بمثابة إبادة جماعية وتهجير قسري لسكان القطاع من شأنه تعزيز حالة الاستقطاب الإقليمي، لأن هذا المخطّط مرفوض بشكل قاطع من جانب مصر والأردن وكل الدول العربية.
- تُروّج إسرائيل لعملية التهجير القسري، سواء لمصر أو الأردن أو أوروبا وأميركا، في ضوء رفض دولي قاطع لهذا الطرح، ما قد ينتج عنه صدام إقليمي وعزلة لتل أبيب.
- أما عن التداعيات المحتملة، فإن توسيع العملية البرية سيؤدّي إلى مزيد من القتل والضحايا من الأبرياء، كما سيدفع بتوترات إقليمية ودولية واسعة.
- مطلوب اليوم ضغط دولي فوري على إسرائيل للتوقّف عن ممارسات قتل وتهجير الفلسطينيين، والالتزام بالمواثيق الدولية الخاصة بحل الدولتين.
توتّر إقليمي
حسن سلامة، أستاذ العلوم السياسية المصري، يقول إن “إسرائيل تمارس أقصى أشكال الضغط على الفلسطينيين للنزوح خارج قطاع غزة بشكل كامل”، وجاءت تصريحاته كالآتي:
- تستهدف إسرائيل البنية التحتية للقطاع والمستشفيات ومراكز الإيواء، بهدف الضغط على سكان القطاع للنزوح إلى دول أخرى.
- التحرّك الإسرائيلي من شأنه رفع مستوى التوتر الإقليمي، والموقف المصري صارم بهذا الصدد، ومنذ اليوم الأول للأزمة أعلنت مصر رفضها القاطع لسيناريو التهجير لسيناء وحشدت القوى الدولية التي أيّدت جميعًا الرفض المصري.
- مصر تعمل منذ اليوم الأول على مساندة القضية الفلسطينية في ضوء ثوابت تاريخية، وأيضًا حماية أمنها القومي وعدم السماح بتصفية القضية بتهجير سكان غزة خارج القطاع.
- لا تزال الضغوط الإسرائيلية مستمرة على سكان قطاع غزة، من أجل النزوح من الأراضي الفلسطينية للسيطرة على القطاع لأغراض سياسية.
رفض فلسطيني
مِن جهته، جدّد السفير الفلسطيني بالقاهرة، دياب اللوح، رفض بلاده لتهجير سكان القطاع إلى سيناء أو أي مكان خارج الحدود الفلسطينية.
وأكد اللوح، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع محافظ شمال سيناء، على رفض كل مخططات التهجير وإجبار الفلسطينيين على النزوح لمصر.
وأثنى السفير الفلسطيني على حرص مصر على فتح معبر رفح ومواصلة تقديم المساعدات إلى قطاع غزة، كما توجَّه بالشكر للجيش المصري العظيم على كل ما قدّمه من شهداء ودعم لفلسطين.
المصدر: سكاي نيوز