أثار القرار الذي أصدره مجلس الأمن الدولي، الجمعة، بإنهاء مهمة البعثة الأممية، التي تم تشكيلها في يونيو 2020 لدعم الانتقال في السودان، جدلا كبيرا في الشارع السوداني بسبب تزامن القرار مع تزايد حدة القتال المستمر بين الجيش والدعم السريع منذ منتصف أبريل وما صاحبه من انتهاكات، أدت إلى مقتل أكثر من 10 آلاف شخص وتشريد نحو 7 ملايين.
وفيما وجد القرار ترحيبا كبيرا من الجهات المرتبطة بالنظام السابق، الذي حكم البلاد ثلاثة عقود انتهت في أبريل 2019، رأى بعض المراقبين أن القرار يفتح الباب أمام توسيع مهام الأمم المتحدة في السودان، فيما مضى آخرون أبعد من ذلك ورأوا أنه قد يعيد السودان مجددا للبند السابع بعد أن خرج منه بطلب من رئيس وزراء الحكومة المدنية، التي أطاح بها انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر؛ لكنهم ربطوا ذلك بسيناريوهين مختلفين.
وفي الواقع، حمل القرار في طياته إشارات قوية على احتمالية انتقال مجلس الأمن لآلية أكثر فاعلية تختلف في طبيعتها عن طبيعة مهمة “يونيتامس”، التي كانت تركز أكثر على الجوانب السياسية؛ إذ نص على التزام مجلس الأمن الدولي بسيادة ووحدة واستقلال وسلامة أراضي السودان، وعبر عن القلق من استمرار العنف وتدهور الأوضاع الإنسانية وخصوصا القانون الإنساني الدولي وانتهاكات حقوق الإنسان وتأثيراتها العميقة على المدنيين.
“تطبيق البند السابع ليس سهلا”
ورأى الكاتب الصحفي شوقي عبدالعظيم أن القرار لا يعني إنهاء مهام الأمم المتحدة إنما تحويل تلك المهام إلى وكالات الأمم المتحدة المختلفة في ظل الظروف الحالية، التي اقتضتها تطورات الحرب، باعتبار أن مهام البعثة كانت مهاما سياسية بحته، لكنه يوضح لموقع “سكاي نيوز عربية” أن تطبيق البند السابع ليس بالسهل ويتطلب اتخاذ إجراءات عديدة قبل الانتقال إليه.
وبالنسبة للسفير الأممي طارق كردي، رئيس تجمع السودانيين العاملين في المنظمات الدولية وخبير الشؤون الإنسانية والدولية، فإن القرار الذي ينص على نقل مهام “يونيتامس” إلى منظمات الأمم المتحده يعني تكليف أكثر من منظمة للاطلاع بمهمة “يونيتامس”، وبالتالي يستوجب على الجهات السودانية التعامل مع أكثر من منسق أممي بدلا من التعامل في السابق فقط مع رئيس البعثة.
وأضاف: “من بين أهم ما ورد في إنشاء بعثة يونيتامس تحت الفصل السادس هو جمع أعمال منظمات الأمم المتحدة المختلفة تحت سقف واحد وداخل جسم واحد، وبالتالي أتاحت للدولة السودانية أن تتعامل مع ذلك الجسم في كل المواضيع المختلفة، التي تهم البلاد؛ أما الآن وبعد قرار مجلس الأمن عدنا إلى النظام السابق المشتت بين كل المنظمات المختلفة”.
وكان كردي قد توقع في أكتوبر الماضي تكوين بعثة أممية بصلاحيات كاملة للتحقيق في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، التي ارتكبت في السودان أثناء الحرب الحالية.
ويمضي المحامي والحقوفي حاتم إلياس إلى أبعد من ما ذهب إليه السفير كردي، إذ يرى أن القرار يشير إلى اتجاه المجتمع الدولي لوضع السودان تحت البند السابع مجددا في ظل الانتهاكات التي ترتكب من طرفي القتال حاليا في حق الإنسان السوداني.
ويوضح إلياس لموقع “سكاي نيوز عربية”: “إنهاء تفويض يونيتامس يعني أن الأمور تتجه نحو الفصل السابع المختص بالتدابير الأمنية والعسكرية الذي يتيح فرض عقوبات وإصدار أوامر قبض على مرتكبي الفظائع والداعين لاستمرار هذه الحرب وإحالتهم للمحكمة الجنائية أو حتى محاكم خاصة ومختلطة”.
ويشير إلى أن “اتخاذ قرار إنهاء مهمة يونيتامس في هذا التوقيت يعني أن هناك تقدما في مفاوضات جدة، وأن اندلاع الحرب يستوجب ضرورة وجود بعثة أممية جديدة بمهام أوسع وتتسم بالطابع العسكري الأممي الضروري لحفظ الأمن والسلم والفصل بين الأطراف المتحاربة”.
وفي هذا السياق؛ يقول الكاتب الصحفي وائل محجوب لموقع “سكاي نيوز عربية” إن هناك سيناريوهين يمكنهما أن يفتحا الباب للعودة للفصل السابع، الأول هو تقرير بعثة تقصي الحقائق حول انتهاكات القانون الدولي الإنساني التي تم اعتمادها من الجمعية العمومية، لكنه يشير إلى أن هذه العملية “ما تزال في بداياتها وأن طريقها طويل وشائك”.
أما السيناريو الثاني، وفقا لمحجوب، فهو اتخاذ الاتحاد الإفريقي لموقف حيال ما يجري في السودان بتشكيل قوات للتدخل، وفي هذه الحالة سيلجأ مجلس الأمن لدعم الاتحاد باعتماد القرار وإسناده بقوات تتخذ الطبيعة الأممية بتفويض الفصل السابع، وهي العملية، التي يصفها محجوب، بأنها “لا تبدو واقعية بالنظر لطبيعة تعاطي الاتحاد الإفريقي مع الحرب في السودان”.
وينبه محجوب إلى أن العودة للفصل السابع ليست أمرا سهلا؛ وتخضع لمعادلات وموازنات القوى الدولية.
ويوضح: “يجدر التذكير بأن مجلس الأمن وعقب اندلاع الحرب عجز عن اتخاذ قرارات حول ما يجري في السودان بسبب الفيتو الصيني والروسي واكتفى المجلس بإصدار بيانات عن الوضع في السودان”.
المصدر: سكاي نيوز