تتعرض إسرائيل منذ أيام لهجمات من حزب الله في لبنان، وفي الوقت نفسه تواجه القواعد العسكرية الأميركية في العراق هجمات من فصائل موالية لطهران، وسط تساؤلات عن العلاقة بين هذه العمليات والرد الإيراني المرتقب على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية.
أحدث الهجمات
شن حزب الله، الثلاثاء، هجمات بطائرات مسيرة موجهة عن بعد على بلدة نهاريا في شمال إسرائيل، مما أسفر عن مقتل شخص، كما شن هجمات بمسيرات مقري قيادة لواء غولاني ووحدة إيغوز 621، في ثكنة شراغا شمالي عكا، وأعلن عن قصف موقع للجيش الإسرائيلي، قرب ثكنة زرعيت، بقذائف مدفعية.
في نفس اليوم، شنت إسرائيل غارة استهدفت منزلا في بلدة ميفدون بجنوب لبنان، قتلت عدة أشخاص، منهم 5 من حزب الله، وذلك بعد يوم من غارة إسرائيلية أخرى، الإثنين، قتلت قائدا في وحدة الرضوان، التابعة لحزب الله.
في العراق، تعرضت قاعدة عين الأسد الأميركية، الإثنين، لإطلاق صواريخ؛ مما أسفر عن إصابة عدة أميركيين، وذلك بعد أيام من مقتل 4 أشخاص في غارة أميركية بالعراق.
ويوضح خبراء عسكريون لموقع “سكاي نيوز عربية”، علاقة هذه الهجمات بالرد الإيراني المرتقب على إسرائيل، انتقاما لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” في طهران 31 يوليو الماضي، والذي جاء بعد يوم من اغتيال فؤاد شكر، القيادي البارز في حزب الله، بغارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية ببيروت.
تمهيد للرد و”قصور” في الصد
يصف الخبير العسكري اللبناني، العميد ناجي ملاعب، زيادة وتيرة إطلاق المسيرات من لبنان والهجوم على قاعدة عين الأسد، بأنها تمهيد للرد الإيراني.
ويشير ملاعب إلى دلالة الهجمات على إسرائيل فيما يخص الاستعدادات العسكرية، وهي أنها أظهرت أن صاروخا استطاع أن يصل إلى قيادة لواء غولاني وإيجوز، وطائرة مسيرة تجاوزت القبة الحديدية وأصابت هدفها؛ مما يعني أن القبة الحديدة قد لا تستطيع التعامل مع كل الهجمات المتوقعة، رغم تعهد مسؤولين بالحكومة والجيش لسكان مستوطنات الشمال، بأن الأمن في أعلى مستوياته والقبة جاهزة لأي اختراقات.
الرد المركب
يتفق الخبير العسكري العراقي، العميد الركن أعياد الطوفان، في أن الضربات من لبنان والعراق تجاه إسرائيل والقواعد الأميركية هي جزء من الرد الإيراني، وأنه “قد تختلف التوقيتات، لكنها كلها جزء من عمل واحد، تعد له إيران بواسطة أذرعها، وهو ما يُعرف بالرد المركب”.
ويستبعد الطوفان أن يكون الرد قويا، ويقيس ذلك على حدود الرد على اغتيال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني السابق؛ ولذلك فإن التصعيد الإيراني الحالي “هو تصعيد إعلامي، في ظل حرص طهران على ألا تتوسع المعارك؛ لأنها تعرف أن إسرائيل ليست وحدها”.
وتم اغتيال سليماني بغارة أميركية في بغداد عام 2020، وكان الرد الإيراني هجوما على قاعدة أميركية في العراق، لم يسفر عن قتلى.
ويشدد الخبير العسكري العراقي على أن إسرائيل لم تجرؤ على اغتيال إسماعيل هنية “إلا بعلم وموافقة وإسناد من جانب واشنطن، فإذا اشتدت المعركة سيكون هناك تدخل أميركي؛ لذلك فإن الرد سيكون اعتياديا بسيطا”.
إستراتيجية إيران بعد عملية أكتوبر
بتعبير الخبير الاستراتيجي العراقي، اللواء علاء النشوع، فإن إيران “تستخدم استراتيجية تقوم على التصعيد والتهدئة معا؛ فهي كدولة تعمل على التهدئة حتى لا تستفز واشنطن والغرب، وتفتح جبهات تصعيد في لبنان واليمن والعراق لزيادة الضغط، وللحصول على ضمانات أكثر على حساب المنطقة؛ لتبقى قوة إقليمية فاعلة”.
ووفق تقييم النشوع، فإن الهجمات الأخيرة للفصائل العراقية وحزب الله، لا تعتبر ذات أبعاد موثرة على القرارين السياسي والعسكري الإسرائيلي والأميركي؛ لاعتبارات منها:
- قواعد الاشتباك لم تتغير، وكل مقدرات إيران وأذرعها ليست لها القدرة على مواجهة قوة الردع الأميركية والإسرائيلية.
- الإستراتيجيات تغيرت في الكثير من حساباتها بعد عملية طوفان الأقصى (هجوم حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023)، فإيران التي استخدمت حماس كقوة أمامية لحماية أذرعها في لبنان وسوريا والعراق، كانت تعتمد استراتيجية الدفاع أكثر من الهجوم، بسبب ضعف كبير في سلاح الجو، واكتفت بالرد بالمسيرات والصواريخ الباليستية.
- الجانب الإسرائيلي، تحول بعد أيام من طوفان الأقصى، من الدفاع غير المنظم إلى الهجوم الإجهاضي المنقض، نظرا لما يمتلكه من سلاح جو مدمر، استطاع أن يقوض كل الخطط الهجومية لإيران وأذرعها.
المصدر: سكاي نيوز