حرب أوسع أم هدنة غير مستقرة – ما هي مخاطر التصعيد بعد هجمات لبنان؟
في شوارع بيروت، عاصمة لبنان، يستخدم الناس هواتفهم المحمولة وغيرها من الأجهزة بقلق، خوفاً من هجوم آخر.
ولكن هناك تهديد أكبر يلوح في المنطقة – وهو حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، وإيران الداعمة له.
وقُتل 37 شخصاً وأصيب أكثر من 2600 آخرين بعد انفجار آلاف أجهزة النداء في جميع أنحاء لبنان يوم الثلاثاء، تلاها انفجار أجهزة اتصال لاسلكية يوم الأربعاء – وكلها كانت تستهدف أعضاء حزب الله.
وتُتهم إسرائيل بالوقوف وراء الهجمات، على الرغم من أنها لم تؤكد ذلك، وفي يوم الأربعاء، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت عن “مرحلة جديدة من الحرب”.
فيما يلي سيناريوهات محتملة لما قد يحدث بعد ذلك في لبنان.
-
من الهمشري إلى العيّاش.. البيجر يعيد زمن الاتصالات القاتلة – في جولة الصحف
-
لماذا التزم حسن نصر الله الغموض حول طبيعة رد الحزب على اسرائيل؟
-
32 قتيلاً ضحية موجتي انفجارات أجهزة الاتصالات في لبنان، وغالبية الإصابات في العيون
-
حرب غزة: لماذا يصر نتنياهو على البقاء في محور فيلادلفيا وما أثره على العلاقات مع مصر؟
قصص مقترحة نهاية
1. ستواصل إسرائيل هجماتها على أمل تحقيق نصر “حاسم”، اعتقاداً منها أن حزب الله قد ضعف
وفي خضم المخاوف المتزايدة من اندلاع حرب شاملة، يقول وزير الصحة اللبناني فراس الأبيض إن لبنان يحتاج إلى الاستعداد للأسوأ، موضحاً: “أعتقد أننا بحاجة إلى الاستعداد لأسوأ السيناريوهات. إن الهجومين اللذين وقعا في اليومين الأخيرين يظهران أن نيتهم [إسرائيل] ليست التوصل إلى حل دبلوماسي”.
ويضيف الأبيض: “ما أعرفه هو أن موقف حكومتي واضح. فمنذ اليوم الأول، نعتقد أن لبنان لا يريد الحرب”.
ويقول محلل الشؤون العربية إيهود يعاري إن الهجمات خلقت “فرصة نادرة” لإسرائيل للتحرك بحزم ضد حزب الله ومخزونه الهائل من الصواريخ الموجهة بدقة، إذ تعطلت أنظمة الاتصالات التابعة للجماعة وأصيب عدد كبير من قادتها الميدانيين، بعضهم بجروح خطيرة.
ويكتب يعاري لموقع الأخبار الإسرائيلي N12: “لن يتكرر هذا الوضع الحالي في أي وقت قريب. ببساطة، فإن حزب الله يعيش حالياً أسوأ حالة منذ نهاية حرب لبنان الثانية في عام 2006”.
ويقول مراسل بي بي سي للشؤون الدفاعية بول آدامز إن التركيز العسكري الإسرائيلي تحول الآن إلى الشمال، حتى مع استمرار الحرب في غزة، لكن لا يزال من غير الواضح كيف تنوي إسرائيل استغلال هذه الفرصة النادرة، وما إذا كان هناك صراع أوسع نطاقاً يلوح في الأفق.
2. حزب الله يستطيع الآن مهاجمة إسرائيل، وقد ترد إسرائيل بغزو بري للبنان.
شرح معمق لقصة بارزة من أخباراليوم، لمساعدتك على فهم أهم الأحداث حولك وأثرها على حياتك
الحلقات
يستحق الانتباه نهاية
وعلّق زعيم حزب الله حسن نصرالله على الهجمات الأخيرة يوم الخميس، قائلاً إن إسرائيل تجاوزت “كل الحدود والقواعد والخطوط الحمراء”.
واعترف نصرالله بأنها كانت ضربة غير مسبوقة للجماعة المسلحة، لكن قدرتها على القيادة والتواصل ظلت سليمة، مضيفاً أنه تم فتح تحقيق في كيفية حدوث ذلك.
وقال نصرالله: “يمكن أن نطلق عليها جرائم حرب أو إعلان حرب – أياً كان ما نختاره لتسميتها، فهي تستحق وتتناسب مع الوصف، كانت هذه نية العدو”.
وتعهد بعقاب عادل، لكن من غير المستغرب أنه لم يكشف عن أي مؤشر على ماهية هذا الرد.
وأضاف أن الهجمات عبر الحدود على إسرائيل ستستمر ما لم يكن هناك وقف لإطلاق النار في غزة، مؤكداً أن السكان في شمال إسرائيل والذين نزحوا بسبب العنف، لن يُسمح لهم بالعودة.
ويقول أمجد العراقي، الزميل المشارك في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في تشاتام هاوس، إن إسرائيل أرسلت من خلال الهجمات “إشارات استفزازية” إلى حزب الله يمكن أن تزيد من احتمالية اندلاع صراع إقليمي في المنطقة.
وأوضح العراقي لبي بي سي أن “حزب الله أصبح الآن في موقف يفرض عليه ضغوطاً لتصعيد الأمور، وهذا بدوره قد يعطي الجيش الإسرائيلي نوعاً من الذريعة لشن ما يشاع حول غزو بري”، مضيفاً أن إسرائيل “لم تنجح في تحقيق أهدافها الأساسية في غزة”، الأمر الذي أدى إلى شعور الحكومة الإسرائيلية بأنها لابد وأن “تعيد تأكيد مفهومها للردع على الجبهة الشمالية مع حزب الله”.
3. قد تؤدي الهجمات إلى إضعاف حزب الله وتقليل احتمالات الصراع
تتواجد مراسلة بي بي سي نفيسة كوهناورد في بيروت وشاهدت خطاب حسن نصرالله من هناك.
وتقول إن الهجمات كانت بمثابة ضربة هائلة – إذ قال نصرالله إنها كانت كبيرة ووصفها بأنها “اختبار كبير” لم تواجهه المجموعة من قبل.
وتضيف أن هذا يظهر مدى صعوبة الوضع بالنسبة للجماعة، فمعظم المصابين هم جزء من مجموعات النخبة من المقاتلين الشباب، والمدربين تدريباً عالياً، ويستمر حتى اليوم تبادل إطلاق النار بين الجانبين.
وتوضح نفيسة أن ما حدث لن يمنع المجموعة من اتخاذ المزيد من الإجراءات، لكن كان له تأثير عليها.
ويجب الأخذ في الاعتبار أن حزب الله لديه حلفاء، وهؤلاء الحلفاء يؤكدون على أن ليس حزب الله فقط، بل ولبنان نفسه، هو خط أحمر – على سبيل المثال إيران والجماعات شبه العسكرية الشيعية العراقية والحوثيين في اليمن.
وقال أحد أعضاء الجماعات شبه العسكرية لبي بي سي مؤخرًا، أن عناصرهم يتنقلون في لبنان بالفعل ولديهم عناصر يساعدون حزب الله، وكانت تلك الجماعة تقاتل في سوريا لسنوات، والآن يمكن لحزب الله الاعتماد على دعمها.
وتقول مراسلة بي بي سي إنه على الرغم من أن الهجمات في لبنان كانت فعالة، فإن حزب الله كمجموعة يحظى بدعم عميق على المستوى الإقليمي.
4. لم تكن هجمات أجهزة النداء في لبنان جزءًا من استراتيجية أوسع نطاقاً
ويقول مراسل بي بي سي لشؤون الأمن جوردون كوريرا إن هناك نظرية أخرى مفادها أن وكالة الاستخبارات الإسرائيلية “الموساد” زرع إمكانية الوصول إلى الأجهزة التي يملكها حزب الله في حالة نشوب صراع شامل في لبنان.
ولكن حزب الله أصبح يشك في أجهزة النداء، فقرر الموساد “استخدمها أو خسارتها”، فقام بتفجير أجهزة النداء يوم الثلاثاء ثم أجهزة الراديو يوم الأربعاء.
ويضيف كوريرا أنه إذا كان هذا صحيحاً، فإنه ليس من الواضح تماماً ما إذا كانت هناك خطة أوسع نطاقاً وراء شن الهجوم.
ويشير أمجد العراقي من تشاتام هاوس إلى أن عملية تحويل أجهزة النداء وأجهزة الاتصال اللاسلكية إلى أجهزة متفجرة كانت قيد التخطيط منذ أشهر، إن لم يكن سنوات، وسبب حدوث ذلك الآن أصبح موضوع تكهنات في تقارير إخبارية مختلفة.
ويقول العراقي: “تقول بعض التقارير الإخبارية والإعلامية إن حزب الله كان على علم بحقيقة مفادها أن هذه الأجهزة ربما تم العبث بها بطريقة ما”، ويضيف: “ويقول آخرون إن هناك جهداً أكثر استراتيجية وتنسيقاً، بمعنى أنه بينما كان الإسرائيليون يخففون تدريجياً من عملياتهم في غزة، فإنهم الآن يستعدون ويتجهون أكثر فأكثر نحو لبنان”.