عبور السفن العسكرية والتجارية إلى إسرائيل عبر قناة السويس

عبور السفن العسكرية والتجارية إلى إسرائيل عبر قناة السويس: جدل حول المعايير والمواقف المصرية

شهدت قناة السويس في الآونة الأخيرة عبور إحدى السفن العسكرية الإسرائيلية، مما أثار موجة من الجدل حول السماح للسفن الحربية الإسرائيلية بالمرور عبر الممر المائي المصري. كما استقبل ميناء الإسكندرية سفينة الشحن الألمانية “كاثرين” التي ترفع علم البرتغال، وكانت في طريقها إلى إسرائيل وهي محملة بثماني حاويات من مادة “آر دي إكس هيكسوجن” المستخدمة في تصنيع القنابل، وفقاً لتقارير منظمة العفو الدولية. وتعد هذه المادة أكثر فتكاً من مادة “تي إن تي” التقليدية، مما أثار مخاوف وتساؤلات حول تداعيات شحنة بهذه الخطورة.

اتفاقية القسطنطينية ومرور السفن العسكرية

تستند السلطات المصرية في سماحها بمرور السفن العسكرية إلى اتفاقية القسطنطينية التي وُقعت عام 1888 وتضمن حرية الملاحة في قناة السويس لكل الدول، بما في ذلك أثناء الحروب، طالما كانت مصر في حالة سلم. إلا أن مرور السفن العسكرية الحربية التي قد تُستخدم لتعزيز آلة القتل والتدمير في مناطق الصراع أثار جدلاً متزايداً، إذ بينما تُفتح القناة أمام الأسلحة والمعدات العسكرية، تُغلق الحدود أمام شحنات الغذاء والدواء التي تعتبر شريان حياة لأهالي قطاع غزة المحاصرين.

هذا التناقض بين الالتزام باتفاقية القسطنطينية وتطبيق حظر على عبور شحنات إنسانية لغزة يجعل من الصعب تبرير الموقف المصري لدى فئات واسعة من الشعوب العربية. ففي حين يتم التسامح مع مرور العتاد العسكري المتوجه إلى إسرائيل، يتم التشديد في فرض الحصار الذي يمنع دخول الإمدادات الأساسية لقطاع غزة عبر معبر رفح.

تناقض في تطبيق المواثيق الدولية

يجادل النشطاء بأن الالتزام الانتقائي باتفاقية القسطنطينية وتجاهل الالتزامات الأخرى يعكس تناقضاً ملحوظاً. فعلى سبيل المثال، يشيرون إلى معاهدة الدفاع العربي المشترك مع لبنان، ويؤكدون أن مصر، كجزء من الوطن العربي، ملزمة بالدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، لا سيما في ظل التصعيد الإسرائيلي ضد الفلسطينيين. كما يشيرون إلى اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل التي يرون أنها تعرضت لانتهاكات إسرائيلية مستمرة، مثل احتلال محور صلاح الدين (المعروف بمحور فيلادلفيا) على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

اقرأ ايضاً
"أكبر قافلة مساعدات من 137 شاحنة دخلت غزة الجمعة

أحد النشطاء أشار إلى أن السماح بمرور السفن العسكرية الإسرائيلية عبر القناة هو، في نظره، تبريرٌ باطل يتخذ من اتفاقية استعمارية كذريعة، فمصر لم تكن حتى طرفاً فيها. ويرى هؤلاء أن السماح بعبور “سفن العدو” في ظل الظروف الحالية هو بمثابة دعم غير مباشر لجهود القمع الإسرائيلي.

ردود فعل المجتمع المصري والعربي

انقسمت ردود الفعل حول مرور هذه السفن بين من يرونه محاولة لتشويه صورة مصر وإضعاف دورها الإقليمي، وبين من يعتبرونها تواطؤاً ضمنياً مع سياسات إسرائيل. بعض النشطاء اعتبروا الانتقادات الموجهة لمصر في هذا السياق مفتعلة وتهدف إلى زعزعة موقف مصر عبر بث الشكوك حول نواياها، مشيرين إلى أن مصر تتبع البروتوكولات الدولية التي تُلزمها بفتح القناة أمام جميع الدول في أوقات السلم.

وفي المقابل، استنكر آخرون غياب أي رد فعل رسمي أو شعبي من قبل الحكومة المصرية على حصار غزة وما وصفوه بـ “الإبادة الجماعية” التي تمارس بحق الشعب الفلسطيني. وأشاروا إلى أن الصمت المستمر إزاء معاناة الفلسطينيين يبعث برسالة سلبية حول الموقف المصري، الذي يبدو منفصلاً عن نبض الشارع العربي والدولي الذي يتضامن مع القضية الفلسطينية.

هل هناك تضارب في المعايير؟

تسلط هذه الأحداث الضوء على التضارب في المعايير المطبقة على مرور السلع عبر الأراضي المصرية. ففي الوقت الذي تمر فيه السفن الحربية والأسلحة، تبقى الاحتياجات الأساسية لأهالي غزة عاجزة عن الوصول إليهم عبر المعابر البرية، الأمر الذي يزيد من عزلتها ويُفاقم الأزمات الإنسانية هناك. ويرى المنتقدون أن الالتزام الانتقائي بالاتفاقيات يساهم في خلق فجوة بين الحكومات والشعوب، ويؤكد على ضرورة مراجعة السياسات الخارجية بما يتماشى مع تطلعات الشعوب العربية في التضامن مع القضية الفلسطينية.

ختاماً: بين التحديات والواجبات الإنسانية

تعكس هذه التوترات ضغوطاً سياسية وقانونية تُواجهها مصر نتيجة لالتزاماتها الدولية، لكن البعض يرى أن هناك حاجة لموازنة هذه الالتزامات مع حقوق الشعوب ومعايير العدل والإنسانية. في ظل الوضع الراهن، يدعو النشطاء إلى وضع إستراتيجيات تكفل حماية المصالح المصرية مع الحفاظ على المبادئ الإنسانية التي تتطلب الوقوف مع الشعب الفلسطيني المحاصر، خاصةً في ظل تصاعد التوترات الإقليمية والسياسية.

المصدر: قطر عاجل

شاهد أيضاً

1 1735906

اقتصاد فوز ترامب أو هاريس.. كيف سيؤثر في الأسواق الناشئة؟ l قبل 3 ساعات

اقتصاد فوز ترامب أو هاريس.. كيف سيؤثر في الأسواق الناشئة؟ l قبل 3 ساعات المصدر: …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *