شكل فوز دونالد ترامب، الأربعاء، بمنصب رئيس الولايات المتحدة مفاجأة كبيرة خاصة في ظل فارق الأصوات الذي حققه والذي خالف معظم استطلاعات الرأي التي سبقت الانتخابات.
كما تزامن فوز ترامب مع فوز الجمهوريين في انتخابات مجلس الشيوخ ما جعل سيطرته وحزبه على المشهد السياسي في أميركا رغم المحطات اللافتة التي مر بها منذ خسارته أمام جو بايدن في 2020 من محاولات اغتيال وتهم قضائية وغيرها تشكل دراما أميركية بامتياز.
فشل استطلاعات الرأي
وقال مدير مركز القاهرة للدراسات الاستراتيجية أحمد المسلماني إن ما حدث هو مفاجأة للمحللين السياسيين واستطلاعات الرأي، الأمر الذي جعل علم الرئاسة يفشل في التنبؤ بالنتائج، حيث فاجأ ترامب الجميع سواء على المستوى السياسي أو مجلس الشيوخ.
ولفت إلى أن “المدرسة الأميركية حولت علم السياسة إلى رياضيات وأرقام وبعض مراكز التنبؤ لها مصالح وبعضها لا يعمل بشكل دقيق وهذه ليست أول مرة لكنها قد تكون مؤثرة للغاية في مصداقية استطلاعات الرأي، حتى من توقعوا فوز ترامب قالوا إنه سيكون بهامش محدود لكن فوز الجمهوريون في مجلس الشيوخ وفوز ترامب المبكر بهذه الطريقة سيضع عبئا على مراكز الاستطلاعات في المستقبل”.
دراما أميركية
وأشار إلى أن “فوز ترامب تاريخي ودرامي حيث جاء من بعيد من خارج المؤسسة السياسية وأصبح رئيسا في مواجهة وزير الخارجية السابقة والسيدة الأولى هيلاري كلينتون، ثم خرج وقال سأعود للانتخابات ولم يأخذه أحد على محمل الجد لكنه عاد وحدث هذا الاكتساح السياسي الكبير”.
وبين أن “الكل سيأخذ ترامب على محمل الجد لأنه حقق شيئا غير متصور وهي تعد أقوى عودة سياسية في التاريخ، فأميركا تحب القوي والذي يتحدى ويتجاوز حتى لو خالف القانون فنموذج البطل مثَّله ترامب”.
وأردف المسلماني: “ترامب انتصر على الصحافة وعلى القضاء وعلى وسائل الاتصال وعلى كبار أباطرة وادي السليكون، وعلى المنظومة الديمقراطية في النسخة الأوبامية (نسبة إلى الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما) ووصل لهذا المكان بعدما كان على وشك الدخول إلى السجن فهي دراما أميركية ولا يمكن أن تكون إلا أميركية”.
وأضاف المسلماني أن هذا الفوز هو انتصار للترامبية (نسبة إلى دونالد ترامب) في مرحلتها الجديدة لأن أخطاء الرئيس الأميركي جو بايدن كبيرة سواء فيما يتعلق بالحروب المنتشر في العالم أو الأوضاع الداخلية.
أخطاء الحزب الديمقراطي
وأوضح أن الحزب الديمقراطي لم يستعد لهذه الانتخابات لأنه ترك بايدن غير قادر على إدارة البلاد لمدة عام كامل، كما تركه عرضة للسخرية والتنمر في وسائل الإعلام دون إنقاذ الموقف، كما لم يستعد بمرشح جديد.
وبين أن الديمقراطيين خاضوا تجربة هيلاري كلينتون كأول سيدة بيضاء ترشح لمنصب الرئيس وتجربة كامالا هاريس كأول سيدة ملونة وفشلوا في الحالتين.
وتساءل المسلماني عن مؤهلات هاريس لتولي منصب رئيسة أميركا معتبرا أنها اعتمدت فقط على كونها امرأة وملونة ولها جذور هندية ولم تركز على المؤهلات التي تناسب منصب الرئيس، مشيرا إلى أنها كان يمكن استيعابها نفسيا لو رشحت منذ مدة أطول، مشيرا إلى أنها ركزت على الأشياء الخفيفة في حين عمل ترامب في العمق.
واعتبر أن الديمقراطيين قدموا الأيدولوجيا والرغبات العقائدية أكثر مما قدموا عملا سياسيا براجماتيا وهو ما لم يخطئ فيه ترامب حيث حاول تعويض الولايات المتأرجحة واكتسح فيها بشكل مبالغ.
نضج ترامب
وتابع أن العرب والمسلمين في ميشيغين منحوا أصواتهم لترامب كتصويت عقابي لبايدن وليس لثقتهم في ترامب، مبينا أن ترامب لم يبادر بالعداء مع الأقليات في نضج سياسي كبير منه لكنه قدم الانتماء للولايات المتحدة، كما أنه لم يكن ضد الهجرة بأوراق رسمية وإنما الهجرة غير الشرعية.
وفيما يتعلق بملف الهجرة غير الشرعية كشف المسلماني أن المهاجرين أيدوا توجهات ترامب لأنهم لا يريدون المهاجرين غير الشرعيين ينافسوهم على فرص العمل، مؤكدا أن ترامب صحح أخطائه في وقت استمر الحزب الديمقراطي في أخطائه وارتكب أخطاء جديدة.
وشدد على أن “ترامب كان أكثر نضجا في حديثه وذهبت إليه طوائف كثيرة في الشعب الأميركي، وقد ركز على معركته مع الصين، في حين لم تكن لديه مشكلة مع روسيا أو حلف الناتو وإنما مشكلته مع أوروبا بشأن ملف أوكرانيا”.
وفيما يتعلق بالحزب الديمقراطي قال المسلماني: “هذه نقطة نهاية المرحلة الأوبامية والقادم في الحزب الديمقراطي سيكون مختلفا في مقابل انتصار الترامبية”.
المصدر: سكاي نيوز