تعد المساعدات الإنسانية محورا أساسيا في سياسة دولة قطر الخارجية، حيث تتبنى الدولة نهجا شاملاً يضع تعزيز الإمكانات البشرية وتلبية الاحتياجات الإنسانية في صدارة أولوياتها. من خلال برامج المساعدات المختلفة، تبرز قطر كدولة سبّاقة في تقديم يد العون للمحتاجين والضحايا والمتضررين من الأزمات، سواء أكانت حروبا، زلازل، فيضانات أو كوارث طبيعية أخرى، مُلتزمة بمبادئ النزاهة والحيادية في دعمها المستمر حول العالم.
قطر وإغاثة المتضررين من الكوارث الطبيعية
أثبتت قطر التزامها بالتضامن العالمي من خلال تقديم مساعدات فورية لمتضرري الكوارث الطبيعية الكبرى، حيث ساهمت في دعم العديد من الدول المنكوبة بكوارث طبيعية مدمرة. على سبيل المثال، أطلقت قطر مبادرات إنسانية سريعة عقب إعصار تسونامي الذي ضرب إندونيسيا عام 2004، وتسبب في مقتل الآلاف وتشريد الملايين. كذلك قدمت قطر مساعدات لضحايا الزلازل المدمرة التي وقعت في كل من باكستان، الصين وهايتي، مُرسلة فرق الإغاثة والإمدادات الطارئة لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة.
أرقام قياسية في مجال المساعدات الإنسانية
وفي إطار دعمها المتواصل، قدمت قطر منذ عام 2012 وحتى يونيو 2019 ما يقارب 6.75 مليار دولار أمريكي، وامتدت مساعداتها لأكثر من 100 دولة، ما جعلها أحد أبرز الداعمين لبرامج الإغاثة الإنسانية العالمية. تتوزع هذه المساعدات على عدد كبير من الدول والمناطق المتضررة، وتتنوع بين تبرعات حكومية وإمدادات طارئة، إلى جانب المساعدات المقدمة من الجمعيات والمؤسسات الخيرية القطرية، التي تلعب دورا حيويا في هذا المجال. يُظهر هذا الدعم القطري استثمارا كبيرا في مجالي الصحة والتعليم، ويمثل قوة دفع نحو تحقيق التنمية المستدامة وتحسين الظروف المعيشية للمجتمعات الأكثر هشاشة.
مساهمات قطر في دعم الصحة العالمية
إلى جانب تقديم المساعدات التقليدية، برزت دولة قطر كلاعب رئيسي في مجال الصحة العالمية، حيث قدمت تبرعات لدعم تطوير اللقاحات وبرامج التحصين الدولي. وقد ساهمت قطر بمبلغ 20 مليون دولار لصالح التحالف العالمي للقاحات والتحصين (جافي) لتوفير اللقاحات للمجتمعات المحتاجة حول العالم. وفي ظل جائحة كورونا، لعبت قطر دورًا محوريًا في مكافحة الوباء، حيث قدمت 10 ملايين دولار لمنظمة الصحة العالمية لدعم جهودها في تطوير معدات الاختبار والعلاجات اللازمة للفيروس. وعلى مدار سنوات الجائحة، أرسلت قطر أطنانًا من الإمدادات الطبية والمساعدات إلى أكثر من 80 دولة، من بينها أجهزة تنفس، معدات طبية، ووسائل الحماية الشخصية لدعم الأطقم الطبية المحلية في تلك الدول.
هذا الالتزام القطري بوضع الموارد والخبرات اللازمة لمواجهة الأزمات الصحية العالمية، جعل من قطر سادس أكبر مانح عالمي لبرامج الأمم المتحدة المتنوعة، حيث تسعى عبر شراكاتها الإنسانية لتوفير الأمل والحياة الكريمة للعديد من المجتمعات المحتاجة.
قطر ودعم غزة في مواجهة الأزمات الإنسانية المتكررة
بعد النزاع الذي اندلع بين إسرائيل وقطاع غزة في عام 2014، لعبت قطر دورًا رائدًا في دعم الشعب الفلسطيني، حيث كانت أكبر مانح للمساعدات الإنسانية آنذاك، متعهدة بتقديم مليار دولار لإعادة إعمار القطاع. وخصصت قطر جزءًا كبيرًا من هذا التمويل لإعادة بناء المنازل التي دُمرت بفعل القصف، إلى جانب تخصيص مبالغ كبيرة لإصلاح وبناء طريقين حيويين في القطاع، وهما طريق صلاح الدين وطريق الرشيد السريع، اللذان يسهمان في تعزيز حركة السكان وتسهيل إيصال المساعدات والبضائع الأساسية داخل غزة.
ومع بداية العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، سارعت قطر لإرسال قوافل من المساعدات الغذائية وغير الغذائية إلى القطاع المحاصر. أُنشأت جسور جوية لنقل هذه المساعدات إلى مصر، ومن هناك كانت تُرسل إلى غزة عبر معبر رفح. لكن مع إغلاق الاحتلال الإسرائيلي لهذا المعبر وفرض حصار محكم، بدأت قطر بإرسال المساعدات إلى مستودعات الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، حيث يجري الاحتفاظ بها حتى يتمكن الجانب الأردني من تنسيق نقلها إلى داخل غزة في أوقات تسمح فيها الظروف الأمنية.
تواصل قطر من خلال هذا الدعم الإنساني التأكيد مرة أخرى على التزامها الدائم بمساندة الشعب الفلسطيني، وذلك عبر تقديم المساعدات وإعادة إعمار البنية التحتية في القطاع، رغم الحصار والتحديات المتزايدة.
جسر جوي لدعم لبنان في أوقات الأزمات
إلى جانب قطاع غزة، أنشأت قطر جسرا جويا لدعم لبنان، وذلك بعد العدوان الإسرائيلي عليه. وأرسلت قطر شحنات كبيرة من الأدوية والمستلزمات الطبية والغذائية، واستمرت هذه المساعدات كجزء من التزام قطر بدعم الأشقاء اللبنانيين في احتواء آثار العدوان والتخفيف من المعاناة الإنسانية.
سياسة إنسانية شاملة تعزز التضامن الدولي
تؤكد السياسة القطرية في مجال المساعدات الإنسانية حرص الدولة على تعزيز التعاون الدولي والمشاركة الفعالة في تقديم الدعم للأشخاص المتضررين، بغض النظر عن هويتهم أو خلفيتهم. ويرتكز هذا الالتزام على مبادئ الشفافية والنزاهة، حيث تعمل الدولة جنبًا إلى جنب مع المؤسسات الإنسانية الدولية والمنظمات غير الحكومية لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بسرعة وكفاءة.
ولا يقتصر الدعم القطري على فترات الأزمات فقط، بل تسعى قطر لتعزيز بناء القدرات في المجتمعات المحتاجة، سواء عبر المشاريع التعليمية والصحية والتنموية، أو عبر شراكات طويلة الأمد تدعم التنمية المستدامة.
قطر: نموذج عالمي في تقديم المساعدات الإنسانية
تمثل قطر اليوم نموذجًا عالميًا في مجال تقديم المساعدات الإنسانية، وتجسد في سياستها الخارجية رؤية شاملة تقوم على القيم الإنسانية والإخاء الدولي، ما يسهم في تعزيز دورها كدولة رائدة في مجال المساعدات الخارجية.
يأتي هذا الدعم القطري، سواءً من خلال التبرعات الحكومية أو المؤسسات الخيرية القطرية، كرسالة للعالم مفادها أن التضامن الإنساني لا يعرف حدودا، وأن التزام دولة قطر بدعم المتضررين من الأزمات والكوارث هو التزام مستمر لا يتوقف.
المصدر: قطر عاجل