في ظل التوترات السياسية المتصاعدة داخل اسرائيل، أقال رئيس وزراء الاحتلال الاسرائيلي بنيامين نتنياهو رئيس الشاباك “جهاز الأمن العام”، رونين بار. هذه الخطوة ليست مجرد تغيير اداري اعتيادي، بل تأتي في سياق مساعي نتنياهو للسيطرة على مختلف مفاصل الحكم، بما في ذلك اجهزة الاستخبارات والأمن.
إن هذه السياسة تعكس توجها واضحا نحو تعزيز سلطته وتحويل اسرائيل إلى نظام ديكتاتوري يكون فيه الحاكم فوق القانون، وهو ما قد يؤدي إلى صراع داخلي قد يصل إلى حد الحرب الأهلية. ولهذه الخطوة أبعاد ودوافع لنتنياهو تنعكس على الداخل الاسرائيلي ومستقبل الحكم في الكيان الصهيوني.
الخلفية السياسية لعزل رونين بار
تاريخيا، كانت أجهزة امن الكيان المحتل تتمتع بنوع من الاستقلالية النسبية، حيث لعبت دورا أساسيا في حفظ الأمن الداخلي والتخطيط الاستراتيجي لمواجهة التحديات الامنية، لكن منذ وصول نتنياهو إلى الحكم، ظهرت بوادر لتسييس هذه الأجهزة، حيث يسعى إلى إحكام قبضته على المؤسسات الأمنية، وضمان ولاء قياداتها لسياساته.
رونين بار، الذي عُين رئيسا لجهاز الشاباك عام 2021، يعرف بمواقفه المستقلة التي تتعارض في بعض الأحيان مع سياسات نتنياهو، خصوصا فيما يتعلق بالتعامل مع الأوضاع في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهذا قد بدا واضحا أن بار يمثل عقبة أمام مخططات نتنياهو، لا سيما فيما يتعلق بتوسيع الاستيطان والتعامل مع الاحتجاجات الداخلية المتزايدة.
دوافع نتنياهو لعزل رونين بار
- احكام السيطرة على الاجهزة الامنية: يسعى نتنياهو إلى ضمان ولاء المؤسسات الامنية بالكامل، حتى لا تشكل عائقا أمام سياساته المثيرة للجدل.
- قمع المعارضة الداخلية: جهاز الشاباك يلعب دورا رئيسيا في التعامل مع الاحتجاجات الداخلية، ونتنياهو يريد قيادة أمنية مطواعة تستطيع قمع المعارضين دون تحفظ.
- تمهيد الطريق لقرارات استراتيجية خطيرة: من المحتمل أن نتنياهو يخطط لاتخاذ قرارات أمنية حساسة، مثل تصعيد العمليات العسكرية أو توجيه ضربات خارجية، ويحتاج إلى جهاز أمن يوافقه الرؤية.
- تفادي الانقلابات الداخلية: هناك قلق متزايد داخل المؤسسة الأمنية من سلوك نتنياهو، وعزله لرونين بار قد يكون خطوة استباقية لمنع أي محاولة انقلابية داخلية.
المخاطر والانعكاسات المحتملة
- تحويل إسرائيل إلى ديكتاتورية: سيطرة نتنياهو على أجهزة الأمن تعني عمليا تحوله إلى حاكم مطلق، ما يقوض أسس الديمقراطية الإسرائيلية الهشة.
- انقسام داخل المؤسسة الأمنية: قد يؤدي عزل بار إلى انشقاقات داخل جهاز الشاباك، ما يضعف فعاليته في التعامل مع التهديدات الأمنية.
- تصاعد الاحتجاجات الداخلية: من المتوقع أن تؤدي هذه الخطوة إلى احتجاجات شعبية أوسع، خصوصا في ظل تزايد المعارضة لحكومة نتنياهو.
- حرب أهلية محتملة: إذا استمر نتنياهو في محاولاته للهيمنة على الحكم بالقوة، فإن ذلك قد يدفع الأحزاب المعارضة، والمجتمع المدني، وحتى بعض القيادات الأمنية، إلى مواجهة مباشرة قد تصل إلى مستوى الحرب الأهلية.
ردود الافعال الداخلية والخارجية
- المعارضة الإسرائيلية: رفضت المعارضة هذه الخطوة، ولجأت إلى تحركات قانونية وسياسية لإيقافها ولكنها فشلت.
- المؤسسة الأمنية: هناك تقارير تفيد بأن قيادات في الشاباك والجيش غير راضية عن سياسات نتنياهو، وقد تشهد الفترة القادمة استقالات احتجاجية.
- الولايات المتحدة وحلفاؤها: قد يؤدي هذا التصعيد إلى ضغوط دولية على حكومة نتنياهو، حيث تعتمد إسرائيل على الدعم الأمريكي الذي قد يتأثر إذا تصاعدت الأزمة الداخلية.
إن محاولات بنيامين نتنياهو للسيطرة على مقاليد الحكم، بما في ذلك الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، تعكس مسعاه لتحويل إسرائيل إلى نظام سلطوي غير خاضع للمساءلة. عزله لرئيس الشاباك، رونين بار، هو جزء من مخطط أوسع لتركيز السلطة في يديه، وهو ما يهدد استقرار إسرائيل على المدى الطويل. هذه الخطوة قد تكون نقطة تحول خطيرة تؤدي إلى احتجاجات داخلية واسعة، وانقسامات داخل المؤسسة الأمنية، وحتى احتمالية اندلاع حرب أهلية إذا استمرت النزاعات السياسية في التصاعد. الأيام القادمة ستكشف مدى قدرة نتنياهو على فرض رؤيته، أو ما إذا كانت المعارضة والقوى الأمنية ستتمكن من إفشال مخططاته قبل فوات الأوان.