شركة ارامكو السعودية تزيد من الضغوط على اقتصاد المملكة

شركة ارامكو السعودية تزيد من الضغوط على اقتصاد المملكة

أكدت شركة ارامكو السعودية، اضخم مصدر للنفط واشهر شركات النفط عالميا، على خسارتها بنسبة 5% في النصف الاول من العام، لتسجل صافي دخل بقيمة 96 مليار ريال اي ما يقارب 25 مليار دولار وهذا ما يسبب ضغوطات اضافية على اقتصاد المملكة السعودية.

وبالرغم من أن هذا المبلغ يعتبر مبلغا ضخما بالنسبة للشركات عالميا، الا ان السياق الاقتصادي للسعودية يشير الى ان انخفاض ارباح شركة ارامكو يسبب مأزقا اقتصاديا ماليا للبلاد.

وبما ان ارامكو تعد الشريان الرئيسي للاقتصاد السعودي، ليست مجرد مصدر نفطي ضخم، بل مساعدة في تمويل مشاريع التنمية التي يرأسها ولي العهد محمد بن سلمان ورؤية 2030.

وتعتبر ارباح ارامكو اهم المصادر الرئيسية في ميزانية النظام، حيث تمتلك حكومة الرياض حوالي 95% من أسهم شركة ارامكو السعودية. مما يعني ان أي انخفاض في ارباح ارامكو سيؤدي مباشرة الى ضعف قدرة الدولة في تمويل مشاريعها التنموية الطموحة.

شركة ارامكو السعودية

اشارت التقارير الجديدة أن التدفق النقدي لـ شركة ارامكو لم تعد كافية لتوزيع الارباح، وهذا ما اجبر الشركة الى خفض التوزيع لما يقارب الثلث في 2025 إلى 80 مليار دولار.

يسبب هذا القرار تاثيرات سلبية على المالية العامة للدولة، التي تتزايد لديها الضغوط جراء ارتفاع العجز وتضخم الدين العام بشكل غير مسبوق.

كما إن تراجع توزيعات الارباح من 35 مليار دولار إلى 20.3 مليار دولار في الربع الأول من العام الحالي يظهر حجم الازمة الاقتصادية للسعودية.

وبينما تحاول شركة ارامكو تقليل الضغوط على ميزانيتها العامة، تواجه الحكومة السعودية تحديات ضخمة في تأمين احتياجاتها التمويلية، خاصة مع وجود التزامات كبيرة في تمويل المشاريع كمدينة نيوم، اضافة الى الاستثمارات الضخمة في مجالات الترفيه والرياضة.

انخفاض اسعار النفط

من الاسباب الرئيسية لتراجع ارباح شركة ارامكو السعودية هو انخفاض سعر النفط الخام عالميا، فخلال الربع الاول من العام الجاري، قامت الشركة ببيع النفط بسعر 75.34 دولار للبرميل، مقارنة ب، 82 دولار في نفس الفترة من العام المنصرم.

أما الاخطر من هذا، أن اسعار خام برنت تتداول الان حول مستوى 65 دولار للبرميل، وهو اقل بكثير من سعر التعادل الذي تحتاجه المملكة العربية السعودية لتحقيق التوازن المالي، والذي يقدر بحوالي 93 دولار للبرميل بحسب صندوق النقد الدولي.

كما أن تراجع سعر النفط لم يكن بعيدا عن العوامل الجيوسياسية والاقتصادية الدولية.

حيث ادت الضغوط التي فرضتها الولايات المتحدة بقيادة الرئيس ترامب لزيادة انتاج منظمة اوبيك اضافة الى وقف ارتفاع الاسعار، في اطار سعيه للسيطرة على التضخم لمواجهة روسيا، الى انخفاض العقود الاجلة للنفط الى ادنى مستوياتها منذ اربع سنوات، وفي هذا الاطار، تظهر الرياض وكأنها محاصرة بين احتياجاتها الداخلية والضغوط الخارجية.

رؤية 2030 الى الزوال

وتواجه السعودية ضغوط مالية في فترة حرجة، حيث يعتمد النظام على تنفيذ رؤية 2030 بهدف تحويل الاقتصاد الوطني من الاعتماد الكبير على النفط إلى اقتصاد متنوع ومستدام، إلا أن تمويل هذه المبادرة يتطلب تدفقات مالية كبيرة، وهو ما يواجه صعوبات نتيجة لانخفاض عائدات النفط وتراجع ارباح شركة ارامكو.

اصبحت المشاريع الضخمة مثل نيوم، والتكاليف الكبيرة في مجالات الترفيه والرياضة، تشكل عبء متصاعد على الموازنة العامة، خاصة في ظل محدودية الموارد البديلة وانخفاض العوائد غير النفطية عن الاهداف المرجوة.

وبما أن العجز المالي والديون في ازدياد مستمر، فإن امكانية المملكة في الاستمرار في الانفاق على مشاريعها بنفس المستوى تصبح في محل الشك.

المخاطر المحتملة

إن استمرار تراجع انخفاض سعر النفط عالميا، بالتوازي مع الضغوط على شركة ارامكو، يضع الاقتصاد السعودي في مسار مسدود، حيث يتطلب الأمر من المملكة زيادة الانتاج لتعويض تراجع الأسعار، وذلك لضمان تدفقات نقدية مناسبة ومستدامة.

من ناحية أخرى، قد تتسبب هذه الزيادة في زيادة الضغوط على الاسعار العالمية، خاصة مع ضعف الطلب وتباطؤ النمو الاقتصادي في الصين، بالإضافة إلى ارتفاع إنتاج النفط في الولايات المتحدة.

كما أن انخفاض ارباح شركة ارامكو السعودية يشير الى ازمة بنيوية تتجاوز اداء الشركة ذاتها، وتكشف عن الاعتماد المفرط للاقتصاد السعودي على اسواق النفط وتقلباتها.

وبينما تضع المملكة ثقلها خلف رؤية 2030 لتحقيق تحول اقتصادي شامل، فإن الانحفاض المستمر في عائدات النفط قد يقوض هذه التطلعات، مما يستلزم اعتماد استراتيجيات بديلة أكثر واقعية واستدامة تقلل من الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل.

مصدر: قطر عاجل + العربية