زيارة ترامب للخليج، محمد بن زايد تحت سلطة آل سعود

زيارة ترامب للخليج، محمد بن زايد تحت سلطة آل سعود

ظهرت علامات خيبة الأمل جلية بين القيادات العليا في أبوظبي عقب زيارة ترامب للخليج، خاصةً بعدما تم تنظيم القمة الخليجية – الامريكية في العاصمة السعودية الرياض بدلاً من أبوظبي.

لم تكن القضية مجرد تفاصيل بروتوكولية عابرة، بل اعتُبرت داخل دوائر الحكم في الامارات، وفقاً لمصادر مطلعة، “رسالة سياسية امريكية محسوبة” تعزز من مكانة السعودية كشريك استراتيجي رئيسي لواشنطن في المنطقة، وتبعد الامارات عن موقع “القيادة الرمزية” الذي كانت تطمح إليه على مدار سنوات.

احلام اماراتية

على مدار سنوات عديدة، سعت الامارات جاهدة لترسيخ مكانتها كلاعب سياسي فاعل على الصعيدين الإقليمي والدولي.

وقد اعتمدت في ذلك على إبراز نفسها كقوة متقدمة في التكنولوجيا، بالإضافة إلى دورها البارز في المبادرات الأمنية والاستخباراتية والاستثمارية الكبيرة.

حيث استثمرت دولة الامارات تريليونات الدولارات في الاقتصاد الامريكي، وشاركت في مشاريع امنية متطورة بالتعاون مع وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) ووزارة الدفاع الامريكية (البنتاغون).

وكانت الامارات من بين الدول السباقة التي قامت بتطبيع علاقاتها مع الكيان الاسرائيلي من خلال اتفاقيات ابراهام، وتحمّلت تبعات الدفاع عن هذا المسار رغم ما تحمله من تكلفة رمزية كبيرة في العالم العربي.

رغم كل هذا، لم تتمكن أبوظبي من الحصول على “تاج الرمزية السياسية” الذي لا تزال واشنطن تمنحه للرياض حتى اللحظة.

وكانت الامارات تحلم بأن تستضيف القمة الامريكية – الخليجية على أراضيها، وأن تُمنح شرف اعلان رفع العقوبات عن سوريا، لا سيما وأنها قادت عمليًا حملة التطبيع العربي مع النظام السوري، مستضيفة بشار الأسد في زيارات ذات توقيت ودلالة بارزة.

لكن قرار ترامب بعقد القمة في الرياض والاعلان عن السياسات الجديدة من هناك، قُوبل في أبوظبي كصفعة سياسية موجعة.

زيارة ترامب للخليج

لا تزال امريكا، رغم كل التغيرات الاقليمية التي شهدتها المنطقة، تعتبر السعودية المحور الرئيسي في الخليج.

ولم تؤثر الاحداث التي جرت في السنوات الاخيرة، بما في ذلك تراجع نفوذ ولي العهد محمد بن سلمان خلال فترة حكم بايدن، على هذه الحقيقة.

وعندما اختار ترامب العودة إلى الساحة السياسية عبر بوابة الشرق الاوسط، وجه رسالة واضحة مفادها أن العاصمة السياسية للعالم العربي لا تزال الرياض.

ويُفهم هذا التفضيل الرمزي بشكل واضح داخل دولة الامارات، التي كانت تطمح إلى أن يُعترف بدورها المتصاعد كقائد إقليمي.

ويبدو أن محمد بن زايد، الذي انفق الكثير من رصيده السياسي والمالي والعسكري لتحقيق هذا الحلم، شعر بأن لحظة تتويج مشروعه قد تم تجاوزها، أو في أسوأ الأحوال، تم تجاهلها بشكل متعمد.

الصراع السعودي الاماراتي

هذه ليست اول مرة تجد فيها ابوظبي نفسها مضطرة للعب دورها في ظل الهيمنة السعودية.

ومنذ ظهور محمد بن سلمان، دخلت ابوظبي والرياض في صراع تنافسي غير معلن، تتقاطع مصالحهما في بعض القضايا وتتضارب بقوة في قضايا أخرى، مثل الحرب على اليمن، والسياسة النفطية “أوبك”، بالإضافة إلى التنافس على جذب الاستثمارات وتحقيق التفوق الاقتصادي.

ولكن ما يزيد الامور تعقيدًا هو أن الامارات تعتبر نفسها صاحبة مشروع أكثر نضجًا وترابطًا، وأكثر قدرة على تنفيذ السياسات الاسرائيلية الامريكية، مقارنة بالمرونة التي اظهرها محمد بن سلمان.

رغم ذلك، لا تزال واشنطن، كما بدا جليًا في قمة الرياض، تراهن على السعودية باعتبارها اللاعب الاساسي لاستقرار الخليج، حتى وإن كان ذلك على حساب شركاء يُعتبرون أكثر “مرونة” أو “كفاءة فنية”.

القلق من الاعتراف الامريكي

على مدى سنوات، ظلت الامارات تعيش تحت هاجس “الحصول على الاعتراف الامريكي بمكانتها”، وقد حققت في هذا السياق إنجازات بارزة، انطلاقا من تعزيز علاقاتها مع الصين وروسيا، مرورًا بتطوير الشراكات الاستخباراتية مع الغرب، وصولًا إلى توسيع نفوذها في أفريقيا ومنطقة القرن الأفريقي.

مع ذلك، لم تتحول كل هذه الإنجازات إلى تتويج سياسي رمزي حتى الآن من قبل الحليف الأهم، وهو الولايات المتحدة.

حيث تمثّل زيارة ترامب للخليج نقطة مفصلية تكشف الكثير: فعندما تعود واشنطن لوضع معادلات المنطقة، فإنها تختار الرياض مكانًا لذلك، لا أبوظبي.

ويرى محللون أن الانكسار التي شعرت به الإمارات قد يدفع القيادة في أبوظبي إلى إعادة النظر في استراتيجياتها الإقليمية والدولية.

فقد تميل الإمارات بشكل أكبر إلى تعزيز اعتمادها على الصين وروسيا كقوى موازنة، أو تسعى لإعادة فرض نفوذها عبر مغامرات إقليمية جديدة، أو اتخاذ خطوات جريئة في ملفات حساسة مثل السودان، ليبيا، وحتى القضية الفلسطينية الداخلية.

لكن على المدى القريب، يبدو أن الإمارات ستستمر في دفع ثمن الصراع مع السعودية على موقع الصدارة، دون أن تحصل على امتيازات تعادل هذا الموقع.

مصدر: قطر عاجل + الجزيرة