خطاب السيد الخامنئي: رسائل للولايات المتحدة والدول الاسلامية

خطاب السيد الخامنئي: رسائل للولايات المتحدة والدول الاسلامية

في ظل الظروف الحساسة التي تحيط ببرنامج ايران النووي، جاء خطاب السيد الخامنئي، المرشد الاعلى للثورة الاسلامية الايرانية، ليظهر موقف طهران الحاسم بشأن موضوع تخصيب اليورانيوم، مؤكدا رفضه للمواقف الاميركية حيال هذا الملف، لما تحمله من تعارض مع المصالح الوطنية الايرانية.

وفي خطاب اعتبر مليئا بالدلالات والرسائل الموجهة الى الداخل والخارج، استغل قائد الثورة الاسلامية الايرانية، السيد علي الخامنئي، الذكرى السادسة والثلاثين لرحيل مؤسس الجمهورية الاسلامية، آية الله الخميني، ليبعث برسالة مفادها أن ايران لن تتنازل عن حقها في التخصيب المحلي، مشددا على أن امتلاك الوقود النووي لم يعد هدفا مستقبليا، بل أصبح حقيقة قائمة.

ولم يكتف الامام الخامنئي بالموقف التقني، بل ربط في خطابه، بين البرنامج النووي الايراني وبين ماهية ثورة 1979 واستقلالية القرار السياسي، مؤكدا أن التراجع عن التخصيب من شأنه أن يعد انتهاكا صريحا للمبادئ التي وضعها مؤسس الجمهورية الاسلامية، السيد روح الله الخميني.

خطاب السيد الخامنئي لامريكا:

اشار السيد علي الخامنئي في خطابه الى قوة الجمهورية الاسلامية الايرانية في وجه المخططات والمؤامرات، مؤكدا ان طهران مستمرة في تطوير قدراتها، قائلا: “لقد صمدت الجمهورية الاسلامية، أمام الالاف من المؤامرات والدسائس، وأحبطتها؛ وردت على بعضها، إنهم دبّروا هذه المؤامرات لاضعاف الجمهورية الاسلامية، لكن ايران لم تُضعَف، بل ازدادت قدراتها وقوتها يومًا بعد يوم؛ ليس فقط داخل البلاد، بل حتى خارجها. وهنا أودّ أن أقول للامة الايرانية ولكلّ المهتمين بالشأن الايراني: إننا من الآن فصاعدًا، بعون الله، سنواصل تعزيز قوتنا وقدراتنا الوطنية الشاملة”.

وردد السيد الخامنئي في خطابه وصف الاستقلال الوطني، في اشارة منه الى الاكتفاء الذاتي واستقلالية القرار السياسي الايراني، وعدم السماح للقوى الخارجية وبالأخص الولايات المتحدة الامريكية بالتدخل في بلاده، قائلا: “الاستقلال الوطني، بالطبع لا يعني قطع العلاقات مع دول الجوار والعالم، بل معنى “الاستقلال” هو أن تقف دولة إيران والامة الايرانية على قدميها، ولا تعتمد على أحد، وان تتخذ قرارها بنفسها، وتتصرف باستقلالية؛ هذا هو معنى “الاستقلال الوطني”.

وأضاف: “معنى الاستقلال هو عدم انتظار الضوء الأخضر من أمريكا وأمثالها؛ عدم القلق بشأن الضوء الأحمر من أمريكا وأمثالها؛ تقرير مصير الجمهورية الاسلامية، واتخاذ القرارات السياسية، واتخاذ الاجراءات الضرورية، هو مسؤولية الشعب الايراني فقط، سواءٌ وافق الآخرون، أو امريكا، أو غيرها، على ذلك أو عارضوه، فهذا هو معنى الاستقلال”.

وفي حين يشكل تخصيب اليورانيوم نقطة الارتكاز في البرنامج النووي الايراني، حيث اشار السيد الخامنئي بأنه “بمنزلة المفتاح”، وهو احد ابرز نقاط مواضيع الاختلاف بين طهران وواشنطن، وصف المرشد الاعلى للثورة الاسلامية المطالب الامريكية بوقف التخصيب داخل الاراضي الايرانية بأنها “عبثية”، مشددا على ان بلاده لن تقبل المساس بحقوقها النووية، وفي مقدمتها الحق في التخصيب، الذي اعتبره “خطا احمرا” لا مجال للتفاوض بشأنه.

رسائل للداخل الايراني:

وفي حديثه حول المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة التي جرت بوساطة عمانية، شدد المرشد الاعلى للثورة الاسلامية في ايران على ضرورة بقاء المسؤولين الايرانيين صامدين في وجه القوى العظمى، وعدم الخضوع لارادتها، مستندا بذلك الى تجارب سابقة.

حيث قال: “في ثمانينيات القرن الماضي، طلب رئيس الولايات المتحدة بنفسه عن طريق رئيسين صديقين من إيران كمية معينة من التخصيب بنسبة 3.5%، مقابل اعطاءنا وقود نووي بنسبة الـ 20% التي نحتاجها، ووافق المسؤولون الايرانيون، وتم التخطيط لعملية التبادل، حينها قلتُ إن هذا التبادل يجب أن يكون بحيث يحضرون 20% إلى ميناء بندر عباس، وسنختبرها لمعرفة ما إذا كانت صحيحة، ثم سنأخذها، وسنعطيهم 3.5%. وعندما رأوا أننا مُصرّون على أخذ الـ 20%، أخلفوا وعدهم ولم يقدموه، وفي هذا الفترة بالذات، بينما كان مسؤولونا منشغلين بهذه الخلافات السياسية حول هذه القضية، أنتج علماؤنا بأنفسهم 20% محليًا”.

وفي رده على اصوات الداخل الايراني المطالبة بالتوصل الى اتفاق مع واشنطن لتفادي الخطر عن البلاد وللاستفادة من التقنيات النووية الامريكية، أكد خطاب السيد الخامنئي: “أعزائي! بفضل ذكاء الشباب، وتفاني العلماء الايرانيين، والجهود الكبيرة، استطاعت ايران امتلاك دورة وقود نووي كاملة؛ أي أننا اليوم قادرون على إنتاج وتطوير الوقود النووي من المنجم إلى محطة الطاقة بأكملها؛ لقد فعل ذلك شبابنا وعلماؤنا. في هذا العالم، ربما تكون الدول التي تمتلك هذه القدرة أقل من أصابع اليد الواحدة؛ ولقد حققت الامة الايرانية ذلك”.

المفاوضات النووية الايرانية

خطاب السيد الخامنئي للدول الاسلامية:

وختم السيد الخامنئي كلمته موجها برسالة للدول الاسلامية، داعيا اياها الى العمل الجاد وضرورة اتخاذها موقفا جادا وقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني المحتل، قائلا: “تتحمّل الحكومات الإسلاميّة مسؤوليّة كبرى اليوم. انني أخاطب الدول الاسلامية بصراحة: لم يعد ثمة مجال للمجاملة، ولا مكان للحياد، واليوم ليس يوم التزام الصمت. إذا قدّمت أيّ حكومة إسلامية الدعم لهذا الكيان الغاصب، بأيّ نحوٍ كان، وتحت أيّ ذريعة – سواء من خلال تطبيع العلاقات، أو منع إيصال الدعم إلى الشعب الفلسطيني، أو حتى تبرير جرائم الصهاينة – فلتعلم يقينًا بأنّ هذا العار الأبدي سيبقى موسومًا على جبينها”.

مصدر: الجزيرة