نشرت الدكتورة سارة موسى، اختصاصية طب المجتمع والطبيب المسؤول لمركز المعافاة في مركز روضة الخيل الصحي بمؤسسة الرعاية الصحية الأولية، مؤخراً دراسة في مجلة أبحاث علم النفس وإدارة السلوك شاركت فيها كباحث رئيسي تدعو فيها الآباء إلى فهم احتياجات أطفالهم والقيام بتحليل شامل للتعرف على الأسباب الكامنة وراء سلوكياتهم الصعبة المتحدية، وذلك بهدف التدخل المبكر وطلب الدعم لمنع تطورها إلى مشاكل مزمنة متعلقة بالصحة النفسية والسلوكيات الخطرة.
وعرفت الدكتورة سارة موسى السلوكيات الصعبة بأنها تلك التي تُظهر نمطاً متكرراً أو تتعارض أو توجد احتمالية لتعارضها مع التعلم الأمثل أو الانخراط في العلاقات الاجتماعية الإيجابية مع الأقران والبالغين، ويمكن أن تكون تلك السلوكيات إما داخلية مثل صعوبة التركيز والقلق والتجنب المستمر للأنشطة والانعزال الاجتماعي والبكاء أو الاختباء، أو خارجية تتجلى في البيئة الخارجية مثل الضرب والبصق وتدمير الممتلكات والفرار والصراخ.
وبسبب الإجراءات الاحترازية المفروضة خلال جائحة كوفيد- 19، كانت هناك زيادة ملحوظة في السلوكيات الصعبة والاكتئاب والقلق والتغير في نمط النوم أو الأكل، الأمر الذي أثقل كاهل الآباء، ونظراً لأنَّ السلوكيات العدوانية والمعادية للمجتمع قد تستمر إلى ما بعد سن الثالثة في ما يصل إلى 15 ٪ من الأطفال، يُوصى بالتدخلات الاستباقية المبكرة.
سلطت الدراسة الضوء على أهمية فهم العوامل المترابطة التي قد تؤثر على سلوكيات الأطفال، بما في ذلك العوامل التنموية والبيئية والاجتماعية والثقافية، بحيث يساهم إدراك تلك العوامل بالإضافة إلى فهم مستويات التطور الطبيعية التي يمر بها الأطفال خلال مراحل حياتهم في توجيه الآباء إلى التحكم في مثل هذه السلوكيات، فعلى سبيل المثال، بعض السلوكيات متوقعة ونمطية لعمر معين، فالعدوانية مثلاً شائعة بين سن 17 و42 شهراً، ومع ذلك، يجب على الآباء أن يفهموا أنَّ كل سلوك يخدم وظيفة أو هدفاً ما، فمثلاً يمكن أن تؤدي صعوبات التواصل مثل تأخر اللغة أو الكلام أو ضعف الكفاءة الاجتماعية إلى إظهار أطفالهم لسلوك صعب كطريقة للتواصل مع بيئتهم، خاصة أثناء المواقف التي تثير قلقهم أو تسبب لهم الإجهاد.
ولقد أبرز البحث أداتين فعالتين لإدارة تلك السلوكيات الصعبة وهما: التقييم السلوكي الوظيفي والدعم السلوكي الإيجابي، وتتمثل القاعدة الأساسية التي تستند عليها هاتان الأداتان في إجراء تحليل مفصل لفهم جذور المشكلة وأسبابها مثل الحصول على الاهتمام الاجتماعي أو الهروب الملموس (الرغبة في أشياء معينة) أو المحسوس الذي يساعد في التعامل مع المشاعر السلبية مثل الملل أو القلق، ومن خلال الدراسة الشاملة سيتم تحديد تكرار ومدة ووصف كل سلوك والبيئة التي تحفز ظهور ذلك السلوك، وبعدها سيتم وضع خطة التدخل السلوكي التي تظهر علاقة واضحة بين السبب والنتيجة والأهداف السلوكية وخطة لتبني سلوك جديد ومؤشرات تقييمية تقيس نسبة النجاح.
المصدر: صحيفة العرب القطرية