نستعرض فيما يلي رأي أهل السنة و الجماعة في الحج إلى الأربعين الحسيني وما إذا كان هذا الأمر بدعة أم سنة.
على الرغم من الدعاية المغرضة ومؤامرات أعداء الإسلام لإحداث فجوة عميقة وخلاف كبير بين المسلمين شيعةً و سنة، فإن الطائفتين السنية والشيعة دائمًا ما أحبطت مخططات الأعداء من خلال الاحترام المتبادل لآراء بعضهم البعض.
ولأهل السنة حب خاص لأسرة نبي الإسلام الحبيب السيد محمد المصطفى (عليه الصلاة والسلام) ، ووجود السنة في مسيرة 20 صفر التي تقام في كل عام هو دليل واضح على محبة أهل السنة لآل بيت الرسول الكريم (ص).
وانطلاقاً من أن زيارة قبور الناس، ولا سيما الصالحين والشيوخ ، موصى بها لأهل السنة كما لدى الشيعة. لذلك فهو خير لأهل السنة أن يزوروا مرقد الإمام الحسين (ع) الذي استشهد في سبيل الحق وإصلاح أحوال أمة جده رسول الله (ص).
الإمام الحسين (ع) هو ملك لجميع المسلمين
الإمام الحسين (ع) لا ينتمي لمذهب معين، بل هو ملك لجميع مسلمي العالم فالإمام الحسين (ع) كان حبيب رسول الله (ص)، ولا فرق بين احترامه وأخلاقه وإمامه وهديه وولاية النبي على الناس. إلا أن حضرة السيد محمد المصطفى كان نبيا فيما لم يكن للإمام الحسين بمرتبة نبي ، وإنما كان إماماً وحاكماً. ينادي بهداية الناس و صلاح أمر المسلمين جميعاً.
بالطبع ليس الشيعة وحدهم من يحبون الإمام الحسن والإمام الحسين (ع)، فحب أهل بيت رسول الله واجب على الجميع.
وفي هذا الصدد قال ماموستا محمودي عضو مجلس التخطيط للمدارس السنية للعلوم الدينية: رغم علم الإمام الحسين (ع) أنه سيستشهد في كربلاء إلا أنه لم يستسلم للطاغية و أعطى بدمه للعالم درسًا في الحرية والعظمة وأصبح نموذجًا لكل الأحرار في العالم وعلم الجميع أنه لا ينبغي لهم الاستسلام للقمع.
وأضاف ماموستا محمودي ، في إشارة إلى الحج إلى الأربعين الحسيني:” إن كل المسلمين يحزنون في مثل هذه الأيام ، و على الأخص أهل السنة و الجماعة ففي عقيدتنا السنية نقول أنه في يوم القيامة ستأخذ السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) بعمود العرش وتسأل الله أن يحاكم قاتل ولدها. وأن يجعلها شفيعةً لمن يبكون على الإمام الحسين (عليه السلام) ، فيجيب الله دعائها ويجعلها شفيعًا لمن بكى على سيد شباب أهل الجنة.
الحج إلى الأربعين الحسيني يضمن حياة الجميع
أوضح الخطيب الشيخ و الفقيه محمد عزيز حنيفي عضو مجلس التخطيط للمدارس السنية للعلوم الدينية ، أن يوم 20 صفر يتزامن مع عودة أهل البيت النبي (ص) إلى كربلاء بعد حادثة عاشوراء الدامية الشهيرة، و في مثل هذا اليوم يتوجه احرار العالم الى كربلاء سيرا على الاقدام للتعبير عن تعاطفهم مع قافلة الاسرى. و قال: اليوم نحن المسلمين في عصر مضطرب وأجواء فوضوية نحتاج إلى شيء يضمن الحياة الأبدية للجميع وهو الإيمان. قال الله ، إن أهل الإيمان يرحمون ويرحمون بعضهم بعضاً ويحبون بعضهم بعضاً.
وأشار أيضا إلى آيات من القرآن الكريم وأضاف: الله ولي المؤمنين ويهديهم من ظلام الكفر والضلال إلى نور الإيمان وعلى المؤمنين التمسك بمعتقداتهم.
وردا على سؤال مفاده أن السنة في العشرين من صفر يشاركون في مسيرة كربلاء و الحج إلى الأربعين الحسيني كغيرهم من المسلمين أو يستقبلون المعزين قال إمام جمعة أهل السنة في مدينة اربد : “الإيمان يخلق ولاية يرتبط الجميع بها “. بعضها علاقة ولاية إيمانية وهي في الواقع قوام الإيمان وهي مصدر الخير وقرب خدام الله من بعضهم البعض وفي النهاية من الله.
وأضاف: يجب أن نعلم أن المنافقين يتكاتفون لينقصوا من دين الإسلام المقدس، وهو ليس فريداً، ولا جماعة ولا جماعة خاصة، ولإخافة المسلمين. ولكن في الحقيقة لا خوف في نفوس المؤمنين، والأعداء تائهون ومشوشون، ويعلمون أن الضالين لا يضرون.
وفي النهاية أشار الشيخ حنيفي إلى أنه لدينا في الأحاديث السنية أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال للإمام الحسين (ع) جماعة ستقتلك ممن ليس لها الطريق ولا الطريقة الصحيحة، وأضاف: كلنا نؤمن بذلك. فيما يتعلق بالإمام الحسين (ع) وارتكاب القسوة والجريمة، بالنظر إلى الظلم الذي لحق بالإمام الحسين (ع) وآل النبي (ص) يوم عاشوراء.
الحج إلى الأربعين الحسيني سنة أم بدعة ؟
أجاب المؤرخ المعاصر محمد حسين رجب على سؤال حول البدعة في الحج إلى الأربعين الحسيني خلال اجتماع علمي افتراضي لمركز الدراسات والرد على شكوك الإكليريكيات حول موضوع “سؤال الأربعين في عصر كورونا”. “. أو تقليد حج الأربعين، في إشارة إلى رواية حج الأربعين للإمام جعفر الصادق (ع) وحديث الإمام الحسن العسكري (ع) قال: حج الأربعين. هي من آيات المؤمن، فهذه الروايات تدل على صحة وجذور الحج إلى الأربعين الحسيني التي أدخلت في السنة النبوية.
واعتبر سبب أهمية الحج إلى الأربعين الحسيني ليس فقط لحج جابر بن عبد الله الأنصاري في هذا اليوم، ولكن أيضًا بسبب أفعال معصوم وتالي اللذين دخلا كربلاء يوم الأربعين، وتابع: الأربعين ترجع إلى أفعال معصوم وتالي، أي أن الإمام السجاد (ع) والسيدة زينب (ع) قد زارا كربلاء في 20 صفر و بزيارتهم كربلاء أصبحت الزيارة إلى الأربعين سنة لأهل الشيعة إقتداءً بهؤلاء العظيمين.
قال أستاذ التاريخ الإسلامي محمد حسين رجب: الإمام الصادق (ع) يذكر الحج إلى الأربعين الحسيني في أقواله ولا يذكر جابر بن عبد الله، مع أنه صحابي عظيم، حيث أن جابر لا يمكن أن يجعل من حجه هذا إحدى الشعائر الإسلامية الشيعية الكبرى لولا تأكيد الإمام الصادق على أهمية زيارة الأربعين.
وأضاف: إن النقطة التي تؤكد هذه القضية هي رواية أبي الريحان البيروني في القرن الرابع الهجري، حيث يذكر أبو ريحان البيروني أنه خلال الأربعين، انضم رأس الإمام الحسين (ع) إلى الجسد المقدس.
أعتقد أن عظمة وأهمية حج أهل البيت (ع) إلى مرقد الإمام الحسين (ع) وانضمام الرأس المقدس إلى الجسد الطاهر يجب أن يكون لهما أهمية، لأن شرف الجسد والإنسان ملك لرأسه، وقد عاد الرأس المقدس إلى الجسد المقدس في هذا اليوم وأصبح مهمًا.
ورد رجبي أيضًا على التكهنات القائمة حول وصول أهل البيت (ع) إلى كربلاء يوم الأربعين وقال: لقد اعتبر هذا الأمر ممكنًا وفقًا للحسابات الموجودة حيث أن قافلة حرائر آل البيت عرجت بمسيرها إلى كربلاء بعد خروجها من الشام.
في النهاية نرى أن الحج إلى الأربعين الحسيني هو أمر محبب لدى العديد من المسلمين بغض النظر عن مذاهبهم و انتماءاتهم على الرغم من أنه ليس سنة حيث أن كل ما يعتبر سنة هو ما اتفق عليه في حياة النبي محمد بن عبد الله (ص). وأن من يعتبر من المسلمين أن الحج إلى الأربعين الحسيني هو بدعة ليس لهم الحق في إلغاءه وتحريمه حيث أن زيارة قبور الأحبة و العظماء هو سنة نصت عليها شريعة نبينا الحبيب صلوات الله عليه و سلامه.
محمد عيدان
________________________________________
هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعبر بالضرورة عن سياسة موقعنا – قطر عاجل
المصادر : رصد