أبدى خبراء مخاوفهم من أن تؤدي موجة تفشي كوفيد-19 في الصين إلى ظهور متحورات جديدة من فيروس كورونا خلال عام 2023.
وتشهد المستشفيات ومراكز إحراق الجثث في الصين حالات اكتظاظ بسبب تفشي فيروس كورونا الذي يؤثر بشكل حاد على المسنين، بعدما تخلّت بكين بشكل مفاجئ عن سياساتها الصارمة لاحتواء الفيروس عقب اندلاع تظاهرات واسعة.
ومع دخول العالم عاما جديدا، يتوقع العديد من خبراء الصحة العامة والأمراض المعدية أن تكون مراقبة متحورات فيروس كورونا الجديدة جزءا مهما من جهود التصدي للوباء، بحسب شبكة “سي إن إن” الإخبارية.
وتستمر المتغيرات الفرعية لمتحور أوميكرون شديد العدوى، في الانتشار على مستوى العالم مما جعل الفيروس يتفشى بشكل واسع في الصين التي كانت بمنأى عن الوباء إلى حد كبير منذ عام 2020.
وقال عالم الأحياء الدقيقة وعلم المناعة بكلية جونز هوبكنز بلومبيرغ للصحة العامة في بالتيمور، أندرو بيكوز، “لم نشهد أي قفزات كبيرة فيما يتعلق بتطور أوميكرون في بعض الوقت”، لكن “وصلنا إلى مرحلة علينا فيها أن نواصل مراقبته”.
في الولايات المتحدة، تسبب متغيرات أوميكرون الفرعية “XBB.1.5″ و”BQ.1.1″ و”BQ.1″ و”BA.5″ و”XBB” جميع إصابات كوفيد-19 تقريبا، وفقا لبيانات من مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
ويقدر مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة أن “XBB.1.5” مسؤول الآن عن 40.5 بالمئة من الحالات، يليه “BQ.1.1” بنسبة 26.9 بالمئة، ثم متغير “BQ.1″ بنسبة 18.3 بالمئة و”BA.5” بنسبة 3.7 بالمئة وأخيرا “XBB” بنسبة 3.6 بالمئة.
“مصدر قلق”
وكتب باحثو مراكز السيطرة على الأمراض في متتبع البيانات الخاص بهم، إن فيروس “سارس-كوف-2 المسبب لكوفيد-19، يتغير باستمرار وتتراكم الطفرات في شفرته الجينية بمرور الوقت. من المتوقع أن تستمر المتغيرات الجديدة من سارس-كوف-2 في الظهور”.
وأضاف الباحثون: “ستظهر بعض المتحورات وتختفي، بينما ستظهر أخرى وتستمر في الانتشار وقد تحل محل المتغيرات السابقة”.
وقال الأستاذ بقسم الأمراض المعدية بالمركز الطبي بجامعة فاندربيلت في ناشفيل المدير الطبي للمؤسسة الوطنية للأمراض المعدية، ويليام شافنر، “إنه مصدر قلق”.
وفي إشارة إلى القلق من انتقال المتحورات الجديدة خارج الصين، قال شافنر: “بالطبع، أدى ذلك إلى إعلان مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها مؤخرًا أنها ستلزم الأشخاص الذين يأتون من الصين بإجراء اختبار سلبي قبل أن يتمكنوا من دخول البلاد”.
وانضمّت الولايات المتحدة، الخميس، إلى دول عدة فرضت قيودًا على الوافدين من الصين بعدما أعلنت بكين رفع القيود على المسافرين إلى الخارج، فيما يرتفع عدد الإصابات بكوفيد-19 محليا.
في الأسبوع الماضي، أعلنت بكين إنهاء فرض الحجر الصحي على الوافدين إلى الصين، ما دفع العديدين في الصين إلى التخطيط للسفر إلى الخارج.
ردا على ذلك، أعلنت الولايات المتحدة ودول أخرى منها فرنسا، أنها ستفرض إظهار فحوص كوفيد-19 سلبية على جميع الوافدين من البر الرئيسي للصين.
كما أعلن المسؤولون الأميركيون أيضا أن مراكز السيطرة على الأمراض توسع برنامج مراقبة الجينوم للمسافرين ليشمل مطارات في سياتل ولوس أنجلوس، وبذلك يصل العدد الإجمالي للمطارات المشاركة إلى سبعة مع حوالي 500 رحلة أسبوعية من 30 دولة على الأقل مغطاة، بما في ذلك حوالي 290 رحلة أسبوعية من الصين والمناطق المحيطة بها.
وقال شافنر إن الحكومة الصينية لم تشارك الكثير من المعلومات حول التركيب الجيني للفيروسات التي ترصدها هناك.
وتابع: “نظرًا لأن الحكومة الصينية لم تفعل ذلك، كان هذا هو السبب الرئيسي وراء قيام مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها بوضع متطلبات السفر الجديدة هذه موضع التنفيذ”.
وأردف قائلا: “من المؤكد أنها (القيود) لا يمنع انتقال فيروس كوفيد البسيط من الصين إلى هنا. لدينا الكثير من (إصابات) كوفيد”، لكن “شرط اختبار السفر هذا هو وسيلة لكسبنا بعض الوقت والمساعدة في إنشاء حاجز إلى حد ما بيننا وبين الصين في حالة ظهور متغير جديد فجأة في ذلك البلد”.
وأضاف أن الولايات المتحدة ستحتاج “لأكبر قدر ممكن من الوقت” لتحديث اللقاحات والأدوية المضادة للفيروسات للاستجابة لمتغير محتمل ناشئ مثير للقلق.
قلق من “الحاضنة العملاقة”
والجمعة، اجتمع وفد من منظمة الصحة العالمية مع مسؤولين صينيين لمناقشة الارتفاع الهائل في عدد الإصابات بكوفيد-19 في بلادهم، داعيا إياهم إلى مشاركة البيانات في وقتها الفعلي، حتى تتمكن الدول الأخرى من الاستجابة بفاعلية.
وفي بيان للمنظمة الأممية، تمت الإشارة إلى أن “منظمة الصحة العالمية طلبت مجددا المشاركة المنتظمة لبيانات محددة حول الوضع الوبائي في الوقت الفعلي، بما في ذلك المزيد من البيانات حول التسلسل الجيني وتأثير المرض… والحالات التي تستلزم الدخول إلى المستشفى وإلى وحدات العناية المركزة، وكذلك حول الوفيات”.
وحض رئيس منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الصين على إبداء مزيد من الشفافية المتعلقة بوضع الوباء في البلاد.
وأضاف عبر تويتر: “في ظل عدم وجود معلومات شاملة من الصين، من المفترض أن تتصرف الدول في كل أنحاء العالم بطرق تعتقد أنها قد تحمي شعوبها”.
وقالت الأستاذة المساعدة المتخصصة بعلم الأوبئة بكلية ميلمان للصحة العامة بجامعة كولومبيا، جيسيكا جاستمان، إنه لتقليل خطر زيادة انتشار كوفيد-19، سيكون من المهم للأشخاص في العام الجديد الاستمرار في مواكبة الحصول على اللقاحات.
وأضافت: “أنا قلقة من أن الصين الآن هي حاضنة عملاقة لسارس-كوف-2. هناك احتمال أن يكون هناك الكثير من الإصابات مما يتسبب بمتغيرات جديدة”.
وقالت جاستمان: “أعتقد أننا سنبحث في متغيرات جديدة مثيرة للقلق” في عام 2023، متسائلة عن إمكانية العودة لنقطة الصفر.
وتابعت: “السؤال هو: هل سنعود إلى نقطة يكون لدينا فيها نوع مختلف من القلق يسبب مثل أعراض شديدة بحيث لا نستفيد من الحماية الناجمة عن العدوى السابقة والتطعيمات السابقة؟ … سأكون متفائلة وأقول: لا أعتقد أننا سنعود إلى تلك النقطة”.