أكد عدد من ممثلي الجالية الإسلامية ورؤساء جمعيات ومنظمات خيرية في فرنسا، أن شهر رمضان يمثل فرصة مهمة لتكثيف الأنشطة والأعمال الخيرية وتقديم المساعدات الاجتماعية للجالية، والتعريف بالقيم الإنسانية العظيمة للدين الإسلامي.
وأوضحوا في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ أن الشهر الفضيل يشهد إقبالا منقطع النظير من شباب الجالية المسلمة في فرنسا، على المساجد والتطوع في فعل الخير والتدين والالتزام والتعمق في دين الرحمة والتشبع بقيمه السمحة، منوهين بظاهرة لافتة ومميزة تتمثل في تزايد أعداد الفرنسيين والأوروبيين الذين يعلنون ويشهرون إسلامهم في رمضان متأثرين بأفواج المؤمنين في صلاة التراويح والتهجد.
فمن جانبه، قال كمال قبطان عميد مسجد ليون الكبير الذي يشرف ويضم في صفوفه أكثر من 50 جمعية ومسجدا:” نقوم ككل سنة بتقديم المساعدات الاجتماعية لجاليتنا المسلمة وللطلبة ولكل المحتاجين والفقراء في ليون. وتنقسم المساعدات بين موائد رمضان التي نقدم فيها 600 وجبة يوميا و18 ألف وجبة في كامل الشهر، وبين “قفة رمضان” التي نوزعها على العائلات التي لا تستطيع الحضور إلى هذه الموائد”.
وأشار إلى أن هذا النشاط الاجتماعي الذي يتكثف في الشهر الفضيل، ترفده الأنشطة الدينية التوعوية التثقيفية عبر الدروس والمحاضرات والخطب اليومية التي تسبق صلاة المغرب والتراويح وخطبة الجمعة، لافتا إلى أن هذه الدروس الفقهية الدينية تشجع على التكافل والتضامن والتسامح وتحاول التعريف بالقيم الإنسانية الكبيرة للدين الاسلامي الحنيف.
كما أشاد قبطان بالإقبال الكبير على صلاة التراويح من شباب الجالية المسلمة، حيث يتوافد على المسجد كل ليلة أكثر من 4 آلاف مصل، ويرتفع العدد في نهاية الأسبوع وخاصة في العشر الآواخر من الشهر الفضيل إلى 5 آلاف مصل، منوها بأن هذا الإقبال تجاوز عدد المصلين قبل وصول الجائحة في السنوات الماضية، وهو ما اعتبره دليلا قويا على حب هذا الشباب للدين الإسلامي وسعيه إلى التدين والالتزام والتعمق في قيمه والتشبع بأصوله.
ونوه عميد مسجد ليون (جنوب شرق)، التي تعد ثاني أكبر مدينة في فرنسا بعد باريس ويقدر عدد الجالية المسلمة فيها بـ300 ألف، بأن المؤسسة الدينية التي يشرف عليها تقوم بدورات تكوينية شهرية للأئمة والدعاة، ويتخرج في كل دورة من 40 إلى 50 إماما.
وأضاف أن المسجد، الذي يشرف عليه منذ 30 عاما، ينظم كل يوم أحد منذ 20 عاما، بالشراكة والتعاون مع المعهد الفرنسي للحضارة الإسلامية، ملتقى دينيا مهما تقدم فيه محاضرات ودروس قيمة لعلماء ومفكرين أجلاء، ويتطرق كل مرة لموضوع معين، حيث يشجع هذا الملتقى على الحوار بين الأديان والحضارات والثقافات، لافتا إلى أن الغرض من ذلك هو اكتشاف المبادئ القيمة للدين الإسلامي والتشجيع على الحوار الديني الثقافي بين كل أفراد المجتمع.
وقال إن من واجب المسلمين في فرنسا أن يعرّفوا بدينهم وبقيمه الإنسانية الكبرى ومبادئه لبقية أفراد المجتمع الفرنسي ولبقية الديانات الأخرى، خاصة مع هذا الفهم الخاطئ للدين الإسلامي في فرنسا.
بدوره، أوضح عبدالفتاح رحاوي ممثل الجالية الإسلامية بمدينة تولوز ورئيس مدرسة إسلامية قرآنية وإمام مسجد، أن مساجد وجمعيات مدينة تولوز تخصص الكثير من الأنشطة الخيرية وتقدم المساعدات الاجتماعية إلى الجالية الإسلامية من خلال توفير وجبات الإفطار إلى العائلات المحتاجة، لافتا إلى أن مساجد المدينة تتميز بانفتاحها على كل فئات المجتمع من المشردين والمحتاجين والمهاجرين الأفارقة، وهي تخصص لهم أكثر من 300 وجبة إفطار يوميا.
وأضاف: “نقدم دروسا في الفقه القرآني وفي تعلم اللغة العربية، وأحاول من جهتي بصفة خاصة في شهر رمضان أن أجتهد أكثر في تخصيص دروس معمقة في اللغة العربية والسيرة النبوية. كما نقوم بمسابقات في حفظ القرآن وفي السيرة النبوية للفتيان والمراهقين”، منوها بأن “ما يشرح الصدر” أن هذه المسابقات شهدت إقبالا منقطع النظير في السنوات الأخيرة كما في هذا العام، ويتم الاحتفاء بها بطريقة مميزة عبر بثها مباشرة على الإنترنت في عدة منصات فرنسية معروفة من قبل الجالية، فضلا عن كونها تجد ترحيبا كبيرا من الأولياء والعائلات الإسلامية.
وأكد رحاوي أنه من خلال تجربته الطويلة في التدريس والإشراف على تعلم القرآن والسيرة النبوية الشريفة واللغة العربية في مدينة تولوز، يتابع بـ”انبهار كبير” إقبال وتعلق أطفال وشباب الأجيال الجديدة للجالية الإسلامية بدينهم ومحاولة فهمه وتعلمه والتعمق فيه رغم أن أغلبهم تعوقه اللغة العربية في بعض الأحيان، منوها بأن هناك إقبالا على تعلم الدين الإسلامي والتفقه فيه في فرنسا وأوروبا.
وشدد على أن هذا الحب الكبير للدين وللسيرة والعقيدة وتعلم القرآن من أبناء وأحفاد المهاجرين من المسلمين، يجب أن يقابله اجتهاد أكثر من الأئمة والأساتذة والعلماء من أجل الاقتراب أكثر من هؤلاء الشباب والتحدث باللغة التي يفهمونها بسهولة وهي الفرنسية، لكي يشرحوا لهم هذا الدين ويحببوهم فيه أكثر، مضيفا في نفس السياق أنه “علينا وعلى ممثلي الجالية الإسلامية في فرنسا أن يجتهدوا ويقوموا بجهد جبار لإيصال أصول هذا الدين لهذه الأجيال الشغوفة والمتشوقة لاكتشاف دين الرحمة والتعمق فيه. ولا بد من استعمال الإنترنت وكل الوسائط التكنولوجية الموجودة من أجل إيصال هذه الرسالة النبيلة”.
وأرجع ممثل الجالية المسلمة في تولوز (جنوب غرب)، في ختام حديثه لـ/قنا/ أسباب التضييقات الكبيرة على الجالية المسلمة في فرنسا في السنوات الأخيرة، إلى هذا التفوق والنجاح الكبير الذي ما فتئ تحققه الأجيال الجديدة من أبناء المهاجرين، لافتا إلى أن تطور مسلمي فرنسا وتعلمهم جعلهم يحتلون مراتب علمية مميزة ومناصب مؤثرة، وهذا ما يخشاه البعض خاصة اليمين المتطرف وأتباعهم من الحاقدين على المسلمين.
شاهد أيضاً
العناية بالشعر: دليل شامل للحفاظ على صحة وجمال الشعر
الشعر هو تاج الجمال ومرآة الصحة العامة للجسم، ويحتاج إلى عناية خاصة للحفاظ على مظهره …