أعلن وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي أنّ «العناصر الأمنية تصرّفوا في الكحالة بطريقة حَمَت المواطنين والسلم الأهلي»، مشدداً على أن «كلّ الأجهزة الأمنيّة والعسكريّة على تنسيق دائم فيما بينها»، لافتاً إلى أن الأحداث الأمنية التي وقعت في الأسبوع الماضي «هي مدار تحقيقات وفق الأصول تحت إشراف القضاء».
وشهد لبنان توترات أمنية في الأسبوع الماضي؛ حيث تكشفت جريمة مقتل قيادي سابق في «القوات اللبنانية» في بلدة عين إبل بجنوب لبنان، بعد اختطافه، كما اندلعت اشتباكات في بلدة الكحالة في شرق بيروت، إثر انقلاب شاحنة ذخائر عائدة لـ«حزب الله»، ما أسفر عن مقتل أحد حراس الشاحنة ومواطن من البلدة، وذلك بعد أيام قليلة على هدوء حذر ساد مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في صيدا بجنوب لبنان، إثر اشتباكات مسلحة بين مقاتلي «حركة فتح» وتنظيمات متشددة.
وكانت تلك الملفات الأمنية مثار نقاش وتقييم في اجتماع لمجلس الأمن المركزي ترأسه الوزير مولوي في وزارة الداخلية، حضره قضاة وقادة أجهزة أمنية وضباط في قيادة الجيش ومديرية المخابرات.
وشدّد الوزير مولوي على «الدّور المحوري للجيش اللبناني وكلّ القوى الأمنيّة والسّلطات القضائيّة لحماية أمن المواطنين والسّلم الأهلي وتحقيق الاستقرار في البلد»، شاكراً الجيش والقوى الأمنية كافة على «الجهود القائمة، لتثبيت الأمن وحماية السّلم الأهلي».
وأكّد مولوي «رفع الجهوزيّة الأمنيّة وتأكيد جهوزية مضاعفة لمواكبة التطوّرات ولحماية المواطنين»، مشيراً إلى أن «ما حصل من أحداث أخيراً هو مدار تحقيقات جارية وفق الأصول لدى السّلطات الأمنيّة، تحت إشراف السّلطات القضائيّة، في سبيل تأكيد الاستقرار وليعيش المواطن بكرامة وبأمان».
وجزم بأنّ «لا شيء يعلو فوق القانون، والمسار القضائي هو المسار السّليم ودور القوى الأمنية ضروري للأمان لتطبيق القانون ولتثبيت الأمن لمصلحة المواطنين»، مشيراً إلى «أنّ التحقيقات مستمرة بموضوع أحداث مخيم عين الحلوة، والأمن العام والجيش وكلّ اللجنة يتابعون التحقيقات والمساعي لضبط الموضوع والاستمرار بالتهدئة».
وأعلن «أنّنا لن نسمح بأن تكون المخيّمات، وتحديداً مخيّم عين الحلوة، بوّابة لتعكير صفو الأمن في أي منطقة لبنانيّة».
وحول جريمة عين إبل، أوضح أنّ «التحقيقات القضائيّة والعدليّة والأمنيّة مستمرّة، ونؤكّد بواسطة التحقيقات وتطبيق القانون على منع الفتنة»، لافتاً إلى أن «المعلومات الأوّليّة تشير إلى عدم وجود خلفيّة حزبيّة لما حصل».
كما لفت بالنّسبة إلى موضوع الكحالة إلى «أنّنا للأسف سمعنا تصريحات تذكّر بالحرب، وما يجب أن تُطلق، ونحن نؤكّد ما جاء في عظة راعي أبرشيّة بيروت المارونيّة المطران بولس عبد الساتر خلال مراسم الجنازة في الكحالة، وهو نموذج كامل للعيش المشترك، ومثال يُحتذى في سبيل تثبيت السّلم الأهلي».
ودعا مولوي كلّ السّياسيين والإعلام إلى «مواكبة عظة عبد الساتر، وأن تصبّ كلّ التصريحات في حماية السّلم الأهلي والوحدة بين المواطنين وتطبيق القانون»، مؤكّداً «تطبيق القانون وحماية المواطنين، وكلّ الأجهزة الأمنيّة والعسكريّة على تنسيق دائم فيما بينهما، ونحن معها على تنسيق كامل لاجتياز هذه المرحلة الصّعبة». وذكر أنّ «عناصر الأمن تصرّفت بطريقة حَمَت المواطنين».
ولا تزال حادثة الكحالة تتفاعل في المشهد السياسي اللبناني بمواجهة سلاح «حزب الله»، حيث أكد رئيس جهاز «العلاقات الخارجية» في «القوات اللبنانية» الوزير السابق ريشار قيومجيان أن «حادثة الكحالة واغتيال الياس الحصروني في عين إبل وصولاً إلى أحداث مخيم عين الحلوة هي نتيجة لغياب الدولة»، مضيفاً في تصريح إذاعي: «هناك مدلول كبير لما حصل في الكحالة، فهذا يعني أن هذه البيئة ترفض الفوقية وكيفية تعاطي (حزب الله) مع الأمور تماماً كما حصل في شويا والطيونة وعلى الحزب الاتعاظ».
من جهته، رأى عضو كتلة «الكتائب» البرلمانية النائب سليم الصايغ أن «هذه المواجهة هي بين جزء كبير من اللبنانيين الرافضين لهذا السلاح، وجزء آخر يريده ويعدّه سلاحاً مقدّساً»، معتبراً أن «ما حصل في الكحالة ربما أخذ طابعاً طائفياً بسبب بيئة المنطقة وتاريخها ولكن ليس علينا تصوير هذا المشكل على أنه طائفي».
وقال الصايغ، في تصريح تلفزيوني: «حادثة الكحالة شكلت شرارة لإعادة النظر أمام كل المترددين بسلّم الأولويات، فالمشكلة لم تكن بقضية موجودات الشاحنة إنما القضية الأساسية هي بالأشخاص المولجين بحماية الشاحنة الذين تعرّضوا لأبناء البلدة، وعندها اعتبروا الأهالي أن هناك اعتداء مسلّحاً».
وتابع: «الشاحنة أصبحت رمزاً، إنما الإشكالية كانت على إطلاق النار، فنحن على علم بأن الشاحنات تتنقل في مناطق لبنان دون معرفة موجوداتها، لأن أرض لبنان مستباحة تحت مقولة (شعب، جيش، مقاومة)».
في المقابل، قال عضو المجلس المركزي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق إن «الأزمة الوطنية تزداد تعقيداً على كل المستويات، وقد زادها تعقيداً التوترات الأمنية المتنقلة من مكان إلى مكان، من عين الحلوة إلى الكحالة إلى غير ذلك من أماكن». ورأى أن «أبواق الفتنة السياسية والإعلامية هي التي أججت حادثة الكحالة، وعملت على تجييش الناس لإشعال الفتنة»، مشدداً على أن «حزب الله ومن موقع المسؤولية الوطنية والحرص على السلم الأهلي عمل على تطويقها وقطع طريق الفتنة».