ماذا نعرف عن حبس المعارض السياسي المصري هشام قاسم؟
- Author, عبدالبصير حسن
- Role, بي بي سي – القاهرة
تنظر محكمة الجنح الاقتصادية في جلستها الثانية السبت (9 سبتمبر 2023) قضية المعارض المصري البارز هشام قاسم بعد قرارها في الثاني من سبتمبر إبقاءه محبوسا على ذمة قضية سب وقذف وزير سابق والاعتداء اللفظي على ضباط بقسم الشرطة.
وفي تقرير حديث لها، انتقدت منظمة هيومن رايتس ووتش احتجاز السلطات المصرية لقاسم بشكل وصفته بغير القانوني وإحالته إلى المحاكمة بسبب “انتقاداته السلمية.”
وقال التقرير الصادر عن المنظمة يوم الخميس إن الحكومة المصرية وجهت لقاسم تهما تتعلق بسب وقذف وزير سابق عبر منشورات لقاسم وصفتها بالسلمية على موقع فيسبوك، بالإضافة إلى تهم وصفتها بالغامضة والفضفاضة بشأن إزعاج السلطات والتشهير برجال شرطة.
وناشدت المنظمة السلطات إطلاق سراح قاسم فورا أو تقديم أدلة على جريمة جنائية محددة، قائلة إن “استخدام قوانين التشهير الجنائية من قبل السلطات المصرية لإسكات المنتقدين مثل هشام قاسم، وهي واحدة من أدوات عديدة تستخدمها القاهرة لضمان أن يؤدي التعبير النقدي إلى السجن مباشرة.”
من هو هشام قاسم؟
هشام قاسم هو ناشط سياسي مصري معارض اختير قبل أسابيع قليلة من حبسه ليكون أمينا عاما للتيار الليبرالي الذي يضم في عضويته 3 أحزاب، هي المحافظين، والإصلاح والتنمية، والدستور، وربما حزب رابع هو (مصر الحرية)، وعددا من الرموز السياسية والشخصيات العامة ورجال الأعمال، والذين يبلغ عددهم نحو 20 شخصية حتى الآن.
هشام قاسم.. حبس المعارض المصري يثير انتقادات حقوقية
كما شغل قاسم في السابق منصب رئيس المنظمة المصرية لحقوق الانسان، إحدى أبرز المنظمات العاملة في المجال داخل البلاد، كما أنه ناشر معروف أسس صحيفة المصري اليوم المصرية وصحيفة “كايرو تايمز” بالإنجليزية.
ماذا حدث؟
في العشرين من أغسطس/ آب المنصرم استدعت النيابة قاسم لسماع أقواله في بلاغ بالسب والقذف قدمه وزير القوى العاملة الأسبق، كمال أبو عيطة، قبل أن تقرر إخلاء سبيله بكفالة خمسة آلاف جنيه لكنه رفض سدادها مشيرا إلى أنه لم يرتكب جرما يستوجب تغريمه.
في اليوم التالي تقدم ضباط وأفراد شرطة بالقسم المنقول إليه ببلاغ ضد قاسم يتهمونه “بإهانة موظف عمومي أثناء تأديته لواجبه” وهو البلاغ الذي ضمته النيابة لبلاغ أبوعيطة، وأمرت بحبس قاسم أربعة أيام على ذمة التحقيق، قبل أن تحيله لاحقًا للمحاكمة.
وفي الثاني من سبتمبر/ايلول أبقت المحكمة قاسم قيد الحبس وأجلت النظر في القضية إلى التاسع من سبتمبر الجاري.
وفي تفسيره لما حدث وصف ناصر أمين محامي قاسم احتجاز موكله بأنه ” اضطهاد سياسي وعقاب له على دوره السياسي رفيع المستوى لاسيما وأنه كاتب وناشر مؤثر في الحياة المصرية وله دور كبير في المجتمع المدني في مصر.”
وأضاف أمين لبي بي سي “بكل المعاني القضية لها علاقة بدور قاسم في تأسيس التيار الحر الذي يشكل بنيانا سياسيا جديدا في مصر ربما يكون غير مرحب به في الحياة السياسية الآن، والغرض من إلقاء القبض على قاسم هو إرباك هذا التيار وجعله لا يتحرك خطوة للأمام.”
- أحمد طنطاوي…عودة المعارض السياسي إلى مصر تتزامن مع الإفراج عن أقاربه
- أحمد الطنطاوي.. القبض على أقارب النائب السابق والمعارض السياسي المصري بعد إعلان اعتزامه الترشح للرئاسة
وقد أبلغ أمين في الرابع من سبتمبر الجاري أن هشام قاسم مضرب عن الطعام منذ 13 يوما كاملة في محبسه، لم يتناول الطعام ويكتفي بشرب الماء فقط، كما أنه رفض كل محاولات إقناعه بوقف الإضراب احتجاجا على “استهدافه السياسي من خلال تلفيق تهمة مزيفة له من قبل ضباط قسم شرطة.”
خيبة أمل
تستعد مصر لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة يتوقع أن تتم بنهاية العام الحالي، بينما يجري حوار وطني يضم أطيافا مختلفة من المجتمع المصري بينها بعض الأحزاب المعارضة.
وخلال العامين الأخيرين أُطلق سراح مئات المحتجزين والمحبوسين في قضايا تتعلق بحرية الرأي والتعبير في إطار عمل ما يسمى بلجنة العفو الرئاسي.
وشدد خالد داوود المتحدث باسم الحركة المدنية لبي بي سي على ضرورة إطلاق سراح قاسم في أقرب وقت ممكن، وقال “عبرنا عن القلق بشأن ظروفه الصحية في ضوء إعلانه الدخول في إضراب عن الطعام.”
وأضاف داوود أنه مع إطلاق الحوار الوطني والاستعداد لاستحقاق انتخابي، “كنا نأمل في توسيع المجال السياسي ومنح ثقة بأننا مقبلون على مرحلة جديدة من الإصلاح السياسي.”
وأردف أن القبض على قاسم يطرح أسئلة وشكوك حول جدية السلطات المعنية بالقيام بهذه الإصلاحات مضيفا “كنا نتمنى أن يتم غلق ملف حبس المواطنين والمواطنات على خلفية التعبير عن الرأي وليس أن تستمر هذه السياسة مع الاستعداد لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة والاستعداد لإنهاء جولات الحوار الوطني.”
ليست قضية سياسية
بودكاست أسبوعي يقدم قصصا إنسانية عن العالم العربي وشبابه.
الحلقات
البودكاست نهاية
وفور احتجاز النيابة لقاسم، طالبت 12 منظمة حقوقية مصرية وأجنبية السلطات المصرية بإطلاق سراح قاسم، مشيرة إلى أن “احتجازه تم لممارسته حقه الأصيل في حرية التعبير”، كما ناشدت كيانات وشخصيات معارضة ومستقلة عديدة داخل مصر وخارجها السلطات المعنية بالإفراج عن قاسم.
وهدد «التيار الحر» المكوّن من أحزاب معارضة ليبرالية في بيان أعلنه في مؤتمر صحفي، نهاية الشهر الماضي، بالانسحاب من المشاركة في أي استحقاقات انتخابية قادمة، وتجميد أنشطة أحزابه إذا استمر حبس قاسم احتياطيًا.
بيد أن عصام شيحة رئيس المفوضية المصرية لحقوق الإنسان (التي رأسها قاسم سلفا) وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان قال لبي بي سي إن الاتهامات الموجهة لقاسم تخضع للمادتين 306 و 307 وما بعدها في قانون العقوبات المصري وهي الجريمة المتعلقة بالسب والقذف.
وأضاف “الاتهامات الموجهة للوزير السابق من قبل قاسم ليست موجهة إلى عمل الوزير أو آراءه، لكنها جرائم سب وقذف في حق ما استدعى تدخل النيابة بناء على شكوى الوزير “.
وأشار إلى أن الإصرار على عدم دفع الكفالة من قبل قاسم هو سبب رئيس في إخضاعه للمحاكمة وأن “هذا هو ما زاد الأزمة تعقيدا” كما قال إنه ” لم يكن من الحكمة أن يدخل قاسم في خصومة جديدة ضد ضباط الشرطة في القسم بالتطاول عليهم، فهي ليست قضية سياسية”
واعتبر شيحة أن الدولة في السنوات الأخيرة توفر لديها إرادة سياسية لتحسين حالة حقوق الإنسان في مصر بإلغاء مد حالة الطوارئ وتشكيل لجنة دائمة لحقوق الإنسان وإعادة تشكيل المجلس القومي لحقوق الانسان غيرها.
واقترح شيحة حل قضية قاسم من خلال التصالح بين طرفي الأزمة الأساسية وهما الوزير السابق أبو عيطة وقاسم بالتنازل عن البلاغ بعد “تقديم اعتذار من قاسم للوزير.”
وأضاف “أتصور أن القضية ستصبح ضعيفة اذا تم التنازل عن البلاغ المقدم أبو عيطة وهنا سيتضح ما اذا كان هناك تربص بقاسم أم لا.
وأشار شيحه إلى أنهم في المنظمة المصرية لحقوق الانسان حاولوا التدخل لمنع تصاعد الأزمة لكن طرفي البلاغ الرئيس الأساسي في المشكلة تمسكا بموقفيهما.