ما الذي نعرفه عن الأسرى والرهائن في غزّة؟
شهد ملف الأسرى العسكريين والرهائن المدنيين الإسرائيليين والأجانب المحتجزين في غزّة، تطورات بارزة في الساعات الأخيرة.
إذ أفرجت كتاب القسام عن إسرائيليتين مسنتين مساء الإثنين (23 أكتوبر/تشرين الأول)، لتصبحا بذلك ثالث ورابع رهينة يفرج عنها من بين أكثر من مئتي رهينة في قبضة القسّام (الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس) منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وقالت حركة حماس إنها أطلقت سراح الرهينتين الثالثة والرابعة المسنتين “لأسباب إنسانية”.
وكان قد أفرج عن أول رهينتين مساء الجمعة 20 أكتوبر/تشرين الأول، وتحملان الجنسيّة الأمريكيّة.
ماذا نعرف عن إطلاق سراح الرهينتين الأمريكيتين اللتين احتجزتهما حماس؟
وأعلن المتحدث باسم كتائب القسام في بيان نقلته وسائل الإعلام يوم 16 أكتوبر/تشرين الأول، أنّ القتلى من الرهائن نتيجة “القصف الإسرائيلي” بلغ 22 شخصاً من بينهم أجانب.
وتصاعدت المخاوف مؤخراً بشأن مصير هؤلاء منذ إعلان الجيش الإسرائيلي استعداده لبدء عمليّة عسكرية في قطاع غزّة، لكن وسائل إعلام نقلت صباح 23 أكتوبر/تشرين الأول، أنباء عن قرار الجيش الإسرائيلي تأجيل هذه “الحملة”.
ونقلت شبكة “سي أن أن CNN” أن رئيس الوزراء الإسرائيلي “استجاب لضغوط” مارستها إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، لتأجيل الهجوم البرّي على غزة بهدف إعطاء المزيد من الوقت لجهود الإفراج عن عدد أكبر من الرهائن.
-
تأكيد وفاة المراهقة البريطانية المفقودة في هجوم حماس
-
ماذا نعرف عن الرهائن الإسرائيليين؟
ما عدد الأسرى والرهائن الإسرائيليين والأجانب في غزّة؟
بودكاست أسبوعي يقدم قصصا إنسانية عن العالم العربي وشبابه.
الحلقات
البودكاست نهاية
المتفق عليه هو أن عدد الأسرى والرهائن 200 على الأقل، لكن كل طرف يقدّم عددا كليا مختلفا.
فالمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أعلن يوم 23 أكتوبر/تشرين الأول أن السلطات أبلغت عائلات عن وجود 222 شخصاً في عداد المفقودين.
وقال دانييل هاغاري، إنّ هذا الرقم قد يحدّث باستمرار، نظراً لصعوبة تأكيد عدد الأجانب.
في حين قدّر أبو عبيدة، المتحدث الرسمي الإعلامي لكتائب القسام، في بيانه يوم 16 أكتوبر/تشرين الأول أنّ “عدد الأسرى يتراوح ما بين 200 و250 أسيراً أو ما يزيد عن ذلك”، مضيفا: “لا نستطيع الآن ضبط الأعداد الموجودة من أسرى العدو في القطاع بشكل كامل ودقيق للاعتبارات الأمنية والميدانية وبسبب القصف الإسرائيلي المتواصل”.
وكشفت حركة حماس أنّ كتائب القسام “تحتفظ بنحو مئتي أسير”، وأنّ “البقية موزّعون لدى مكونات أخرى من فصائل المقاومة، أو في أماكن لا نستطيع حصرها في ظلّ الوضع الميداني القائم”، وفق ما جاء على لسان أبو عبيدة.
أما بالنسبة للأجانب المحتجزين في غزّة، فقال أبو عبيدة إنه كان من الصعب التحقق من هويتهم أثناء المعركة، وهم “ضيوف” سيطلق سراحهم “حين تسمح الظروف الميدانية بذلك”.
وليس واضحاً بعد عدد الأجانب الذين اقتادتهم حماس، علماً أن بينهم مزدوجي الجنسية، وبعضهم لا يحمل الجنسية الإسرائيلية، وقد جرى توقيف أغلبهم في حفل “نوفا” في غلاف غزّة.
على خط الوساطة
بعد الإعلان عن نجاح وساطة قطرية للإفراج عن رهينتين أمريكيتين، هما جوديث رعنان وابنتها ناتالي، “لأسباب إنسانية”، تحدثت وكالة رويترز عن دور قطري، بالإضافة إلى دور مصري، في الإفراج عن الرهينتين الإسرائيليتين، نوريت كوبر (79 عاماً) ويوشيفيد ليفشيتز (85 عاماً).
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز في تقرير نشر في 21 أكتوبر/تشرين الأول، نقلاً عن اثنين من كبار المسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية، أنّ وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، اتصل بنظيره القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وأثار معه قضية “الرهائن”.
وقالت الصحيفة إن عددا من الدبلوماسيين أملوا أن تلعب قطر دور الوسيط في هذه القضية.
وهذه المرّة الثانية التي تطلق فيها حماس سراح رهائن، بعد الإفراج عن أم إسرائيلية وطفليها ليل 11 أكتوبر/تشرين الأول.
وأفادت وكالة رويترز في 20 أكتوبر/تشرين الأول أنّ رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، قال إن حكومته على اتصال “بالشركاء في المنطقة للمحاولة والمساعدة على ضمان عودة الرهائن”.
وقالت رويترز نقلاً عن وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إن تركيا تتحدث مع حركة حماس لضمان الإفراج عن الأجانب والمدنيين والأطفال.
ونقلت وكالة “تاس” الروسية للأنباء، عن السفير الإسرائيلي في موسكو، أناتولي فيكتوروف، يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول، أنّ روسيا تجري محادثات مع حماس لإطلاق سراح رهائن.
ورجحت صحيفة وول ستريت جورنال أن الرهائن الأجانب ينتمون إلى 30 جنسية مختلفة، وذكرت تقارير إعلامية مختلفة أنهم ينتمون إلى دول مختلفة من بينها روسيا وأوكرانيا وكمبوديا وفرنسا والبرازيل وسريلانكا والفيليبين وتشيلي.
ماذا يقول أهالي أسرى ورهائن إسرائيليين؟
بعد يوم على الإفراج عن أول رهينتين، توجهت 20 شاحنة محملة بالمساعدات إلى قطاع غزّة عبر معبر رفح، فاعترض بعض أقارب الأسرى والرهائن على إرسال هذه المساعدات قبل إطلاق سراح أبنائهم.
وتحدثت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” في تقرير نشر يوم 17 أكتوبر/تشرين الأول عن انتقادات وجهها أقارب الرهائن والأسرى، بشأن موافقة الحكومة الإسرائيلية على السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع عبر مصر.
وقالت إن الأهالي ذكّروا بأن الرهائن، ومن بينهم “أطفال ورضع ونساء وجنود ومسنون يعانون من مشاكل صحية خطيرة، ومن بينهم جرحى ومصابون بالرصاص، ما زالوا محتجزين تحت الأرض مثل الحيوانات دون أي ظروف إنسانية، وحكومة إسرائيل تقدم لهؤلاء القتلة البقلاوة والدواء”.
وشهدت تل أبيب للأسبوع الثاني تظاهرات لعائلات أسرى ورهائن إسرائيليين، تطالب الجيش الإسرائيلي والحكومة بجعل مسألة استعادة أبنائهم وبناتهم أولوية.
وقال بعضهم في لقاءات إعلامية إن أكثر ما يقلقهم هو شحّ المعلومات.
وكان عدد منهم قال إنه شاهد لقطات فيديو تظهر أقارب أحياء، ضمن المشاهد التي بثّت أثناء هجوم مقاتلي كتائب القسام، ومنهم من قال إنه تحدث هاتفياً مع أقاربه خلال الهجوم، قبل فقدان أثرهم بشكل كامل.
وفي مؤتمر صحفي عقد يوم 15 أكتوبر/تشرين الأول، طالبت عائلات لجنة الصليب الأحمر الدولية، نقل أدوية إلى داخل قطاع غزّة، بسبب حاجة بعض المرضى والمسنين من الرهائن إليها.
وذكرت صحيفة الغارديان البريطانية يوم 22 أكتوبر/تشرين الأول أنّ عائلات المحتجزين في غزة، “تخشى من أن الوقت ينفد لتحرير أحبائهم قبل الغزو البري المتوقع للقطاع، وسط مخاوف من أنه بمجرد بدء العملية، سيكون تحرير المزيد من الرهائن مستحيلاً”.
وقالت الغارديان إن العديد من أقارب الرهائن والأسرى في غزة يستمرون بالاعتصام خارج المقرّ العسكري الإسرائيلي في تل أبيب، ويحملون لافتات تتوسل المسؤولين للتفاوض.
وفي تصريح لقناة بي بي سي في لندن، قال ماعوز إينون، الذي فقد والديه في هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، إنه “يجب أن نوقف الحرب، الحرب ليست هي الردّ”.
وطالب إينون عبر بي بي سي، جميع من هم في موقع القوة، الضغط لوضع حدّ للحرب، قائلاً “عائلاتنا لا تبحث عن الثأر. الثأر سيؤدي إلى المزيد من المعاناة والخسائر”.
“أنا لا أبكي من أجل والدي، بل من أجل هؤلاء الذين سيفقدون أرواحهم في هذه الحرب”، مضيفا “أنا خائف على الجنود والمدنيين من الجانبين في إسرائيل وفي غزة. سيدفعون الثمن حياتهم”.
-
“زوجتي وأطفالي رهائن لدى حماس في غزة”
-
مقاطع فيديو متداولة تسهم في تحديد هوية ومواقع الرهائن الإسرائيليين
وكانت صحيفة نيويورك تايمز قد تحدثت إلى عائلات للأسرى والرهائن الإسرائيليين، وقالت الصحيفة “إنها تمرّ بمعاناة لا تحتمل وسط أزمة الرهائن الأشدّ تعقيداً”.
وقالت الصحيفة الأمريكية نقلاً عن خبراء، إنه ليس من الواضح كيف ستقوم إسرائيل باجتياح كامل دون تعريض حياة الأسرى والرهائن للخطر.
ونقلت الصحيفة مخاوف متناقضة لدى بعض العائلات، فعدد منها يخشى أن تقتل عناصر حركة حماس الرهائن، في حين يعتقد آخرون أنها لن تفعل ذلك لأن الحركة تحتاجهم للتفاوض
ومن بين الرهائن أجانب قدموا بغرض السياحة، ولا يحملون الجنسية الإسرائيلية، وكان أغلبهم في الحفل الموسيقي الذي داهمته كتائب القسام.
كيف تتعامل حماس مع ملف الأسرى والرهائن؟
أوضحت حركة حماس أكثر من مرة على لسان ناطقين باسمها، ومنهم أبو عبيدة، أن التفاوض حول ملف الأسرى والرهائن، لن يبدأ قبل إنهاء الحرب على غزة.
ومن المتوقع أن تستخدم الحركة هذا الملف في الضغط للإفراج عن سجناء فلسطينيين لدى إسرائيل، يصل عددهم إلى ما يقارب ستة آلاف، وفقاً لرئيس المكتب السياسي السابق لحركة، حماس خالد مشعل، في حديث إلى قناة العربي القطريّة.
تعمد حركة حماس إلى الإفراج، من حين لآخر، عن معلومات بشأن الرهائن والأسرى، ولم تكشف حتى الآن إلا عن هوية اثنين من الذين قالت إنهم قتلوا بسبب القصف الإسرائيلي على القطاع.
وكان أول مقطع مصور تنشره الحركة لرهينة من داخل قطاع غزّة، لشابة إسرائيلية فرنسية اسمها ميا شيم، وكانت تخضع لعملية جراحية داخل القطاع.
ووجهّت ميا رسالة من خلال الفيديو طالبة العودة إلى عائلتها.
وبعدها نقلت وسائل إعلام عن أبو عبيدة قوله إن الحركة أعلنت عبر قطر، عن استعدادها للإفراج عن رهينتين إسرائيليتين “لأسباب إنسانية قاهرة”، لكنّ الجانب الإسرائيلي رفض.
وقالت صحيفة الغارديان إنّ تصريح أبو عبيدة ساهم في زيادة الضغوط على المسؤولين الإسرائيليين.
وأعلن أبو عبيدة في ثالث أيام الحرب، أن الحركة قد تضطر لإعدام من تحتجزهم إن استمرت إسرائيل بقصف المدنيين في القطاع، وهدّد ببثّ مشاهد الإعدام.
لكن الحركة لم تنفذ تهديدها بإعدام الأسرى، وبادرت دون سابق إنذار، إلى إطلاق سراح أمّ وطفليها في 11 أكتوبر/تشرين الأول، وبثّت مقطعاً مصوراً يظهر ذلك.
وتجدر الإشارة إلى أن مقاطع فيديو نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي تزعم أن الجيش الإسرائيلي أسر عناصر من حماس في الأيام الأولى من المعارك في غلاف غزّة، ولكن لم تصدر أي معلومات من الجانب الإسرائيلي أو من حركة حماس تؤكد ذلك.
ماذا عن رواية الجيش الإسرائيلي؟
أكّد متحدثون باسم الجيش الإسرائيلي والحكومة مراراً على أن ملف الأسرى والرهائن أولوية بالنسبة للدولة، وإنهم على تواصل دائم مع العائلات.
وكرّر الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، دانييل هاغاري، قوله “إنّ إعادة المحتجزين والمفقودين في قطاع غزّة إلى عائلاتهم ووطنهم تحدّ وحيد وهدف ذي أولوية قصوى”.
لكنّ الجانب الإسرائيلي لم يفصح عن مزيد من التفاصيل بشأن كيفية العمل على استعادتهم.
ولا يعلّق الجيش الإسرائيلي عادة على أي بيان أو معلومات صدارة عن حماس بشأن الأسرى والرهائن، باستثناء فيديو الإفراج عن الرهينة الإسرائيلية وطفليها، الذي وصفه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، بأنه “دعاية لتحسن صورة” الحركة.
وطالب الجانب الإسرائيلي منذ اليوم الأول، الإفراج فوراً عن الرهائن والأسرى لدى حماس، مصرّا على المضي قدماً في ما أسماه “معركة القضاء على حركة حماس”.
ومؤخراً لجأ الجيش الإسرائيلي إلى استخدام ورقة الأسرى والرهائن في المقايضة على إدخال المواد الأساسية إلى غزة من ماء وكهرباء وغذاء.
واستبعد خبراء قيام الجيش الإسرائيلي بعمليات كوماندوس لإنقاذ الأسرى والرهائن من داخل القطاع، لما يتضمنه ذلك من خطر على المقتحمين وعلى حياة المحتجزين.
وعادة ما يستعيد الجيش الإسرائيلي أسراه أو جثث جنوده، في عملية تفاوض غير مباشرة تقودها الحكومة، مثل صفقة استعادة الجندي، جلعاد شاليط، من حماس عام 2011 بعد خمس سنوات من الأسر، مقابل إفراج إسرائيل عن أكثر من ألف سجين فلسطيني.
والملاحظ من صفقات تبادل سابقة بين الحكومات الإسرائيلية من جهة، وتنظيم حزب الله اللبناني أو الفصائل الفلسطينية من جهة أخرى، أنه يجري التكتم أحياناً عما إذا كان الأسرى أحياء أو أموات.
كما تجدر الإشارة إلى تكتم الطرفين عن أي معلومات تخص عدد الجنود أو الضباط الإسرائيليين الأسرى داخل قطاع غزة.