لماذا استهدف تنظيم الدولة الإسلامية عُمان؟
- Author, إسماعيل شيخ
- Role, بي بي سي نيوز
أعلن ما يُعرف بتنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن الهجوم الذي استهدف تجمعاً للشيعة في أحد المساجد بالقرب من مسقط، عاصمة سلطنة عُمان، مساء الاثنين.
وبحسب الشرطة العُمانية، فإن الهجوم على مسجد علي بن أبي طالب في منطقة الوادي الكبير بالقرب من مسقط، أسفر عن مقتل تسعة أشخاص وإصابة أكثر من 30 آخرين في الهجوم.
ومن بين القتلى في الهجوم أربعة باكستانيين وهندي وشرطي وثلاثة مهاجمين.
وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية الذي يُعرف أيضا باسم “داعش”، في بيان عبر قناته على تطبيق تيليغرام، مسؤوليته عن الهجوم على المسجد، ووصفه بأنه عمل من أعمال “الحرب” المستمرة ضد الطائفة الشيعية في جميع أنحاء العالم.
كما احتفل أنصار التنظيم بالهجوم على شبكات التواصل الاجتماعي، وأعرب عدد منهم على فيسبوك وتلغرام، عن فرحتهم بالهجوم ونشروا تعليقات مُسيئة للطائفة الشيعية، وأشادوا بـ”المهاجمين” التابعين للجماعة المتطرفة، وقالوا إنهم “ينتقمون” من المسلمين الشيعة.
-
لماذا تهمّ نتيجة الانتخابات الفرنسيّة المنطقة العربيّة؟ وهل حرب غزّة “ورقة انتخابيّة”؟
-
لماذا بدأ البشر بتبادل القبلات؟
-
لماذا الأسابيع القليلة المقبلة “مهمة” على صعيد القتال بين روسيا وأوكرانيا؟
-
لماذا ينفق العديد من الهنود مدخراتهم على حفلات الزواج الباذخة؟
قصص مقترحة نهاية
ويستهدف التنظيم بشكل متكرر تجمعات ومواكب الشيعة في دول مثل العراق وأفغانستان وباكستان، لكن الهجوم الأخير، هو أول هجوم للتنظيم في عُمان، حيث تشكّل الطائفة الشيعية أقلية في البلاد.
ورصدت بي بي سي ادعاءات للتنظيم بأن هذا “الهجوم ضد المسلمين الشيعة ليس استراتيجية جديدة، ولكنه محاولة للاستفادة من كل فرصة لاستهداف أهداف شيعية”.
وتعتبر سلطنة عُمان واحدة من أكثر الدول استقراراً وأماناً في الشرق الأوسط، ولعبت دور الوساطة لحل عدد من النزاعات في المنطقة.
ويبلغ إجمالي عدد سكان السلطنة الخليجية حوالي 4.6 مليون نسمة، أكثر من 40 بالمائة منهم من الأجانب.
ولا تنشر الحكومة العُمانية إحصائيات حول الانتماءات الدينية لسكانها، لكن وزارة الخارجية الأمريكية تقدر أن 95 بالمائة من سكان البلاد مسلمون، 45 بالمائة مسلمون سنة، و5 بالمائة مسلمون شيعة، إضافة لخمسة بالمئة من الهندوس والمسيحيين والبوذيين.
وفي مثل هذا الوضع، يُطرح السؤال: لماذا نفذ تنظيم الدولة الإسلامية مثل هذا الهجوم في عُمان؟
لكن قبل هذا السؤال دعونا نعرف ما هو وضع الحرية الدينية في عمان؟
ما مدى الحرية الدينية في عُمان؟
يُنظر إلى عُمان على أنها دولة تتمتع بقدر أكبر من الحرية الدينية والوئام مقارنة بدول الخليج الأخرى.
وفي حديثه لبي بي سي، قال سيد شريف علي شاه بخاري، المتطوع في مسجد علي بن أبي طالب، إن أحد أسباب التجمع الكبير للمجتمع الشيعي في يوم عاشوراء هو الحرية الدينية النسبية التي يتمتعون بها.
وينحدر بخاري من منطقة أتك في مقاطعة البنجاب الباكستانية، إلا إنه يعيش في عُمان منذ سنوات طويلة.
ويقول بخاري إن المجتمع الشيعي في عُمان يتمتع بحماية أكبر من التي يحصل عليها نظيره في الإمارات العربية المتحدة، وتوفر الحكومة الكثير من التسهيلات للشيعة.
ويعتبر بخاري أن تلك الحماية كانت سبباً في توافد الشيعة من جميع أنحاء الإمارات العربية المتحدة، إلى مسجد علي بن أبي طالب في عمان لحضور التجمعات الدينية خلال شهر محرم.
ومسجد علي بن أبي طالب الذي تعرض للهجوم في عُمان، ليس الوحيد المخصص للشيعة، إذ أن هناك مساجد شيعية أخرى في البلاد، لكن هذا المسجد هو واحد من أكبر المساجد الشيعية في البلاد.
من هم المهاجمون؟
وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية في بيان نشره على قناته على تيليغرام مسؤوليته عن الهجوم على المسجد، وقال في بيانه إن “ثلاثة انتحاريين من الدولة الإسلامية هاجموا الوادي الكبير”، وهاجموا تجمعاً للشيعة أثناء إحياءهم يوم عاشوراء.
وقال عمران علي، سفير باكستان لدى سلطنة عمان، الأربعاء، في تغريدة على موقع إكس (تويتر سابقا) إن لديه معلومات مؤكدة تفيد بأن المهاجمين ليسوا باكستانيين.
وأضاف أنه “لا صحة لما يتم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي من أنباء عن تورط باكستانيين في هذا العمل الشنيع”. وقال إن الهجوم لم يكن يستهدف الباكستانيين على وجه الخصوص ولكنه كان هجوماً طائفياً.
ويقول السفير الباكستاني إن إدارة المسجد في أيدي متطوعين باكستانيين.
- تنظيم الدولة الإسلامية يتبنى الهجوم قرب مسجد للشيعة في مسقط أسفر عن مقتل تسعة أشخاص وإصابة العشرات
- قتلى وجرحى في هجوم على مسجد للشيعة في عمان
لماذا استهدف تنظيم الدولة الإسلامية عُمان، وماذا يعني ذلك؟
لعل السؤال الذي يجب طرحه هنا، كيف يمكن النظر إلى هذا الهجوم الذي شنه تنظيم الدولة الإسلامية في عُمان، وهي دولة مسالمة وأكثر استقراراً اقتصادياً وحرية دينية مقارنة بدول الخليج الأخرى؟
إجابة على ذلك، يقول عبد السيد، محلل الشؤون الأمنية المقيم في السويد، إن الهجوم الذي تعرضت له مسقط يوم الاثنين هو أول هجوم لما يُسمى بتنظيم الدولة الإسلامية في تاريخ عُمان، ويضيف: “في الواقع، هذا الهجوم هو جزء مما يُسمى بحرب الدولة الإسلامية من أجل البقاء”.
ويقول عبد السيد إنه بعد هزيمة بخلافة التنظيم في سوريا والعراق عام 2019، بسبب فقدان الأراضي التي كانت تحت سيطرتها، يحاول التنظيم ترسيخ وجوده من خلال الهجمات الإرهابية التي تُشارك فيها خلايا أصغر، مضيفاً أن المنفذين في الغالب من أنصار التنظيم، ويريدون تقديم دليل على وجود تنظيمهم للعالم من خلال تنفيذ هذه الهجمات.
ويعتبر أن هذا “هو السبب الذي دفع أنصار ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية إلى استهداف عُمان، التي لم يستهدفها التنظيم من قبل”.
تنظيم الدولة الإسلامية يوسع نطاق عملياته
بودكاست يومي يتابع التطورات الميدانية والإنسانية في قطاع غزة من خلال مشاهدات الغزيين ومتابعات الصحفيين والمراسلين والخبراء في الشأن الإنساني.
الحلقات
يستحق الانتباه نهاية
ويقول خبير مكافحة الإرهاب الدكتور خورام إقبال إنه لا توجد سابقة للهجوم في عُمان.
ويوضح أنه “وفقاً لقاعدة بيانات الإرهاب العالمية، حتى في السنوات التي كان فيها الشرق الأوسط هدفاً للإرهاب، كان خطر الإرهاب في عُمان منخفضاً جداً مقارنة ببقية دول الخليج”.
ويرى أن “السبب الرئيسي لذلك، هو نظام إنفاذ القانون والحكم الفعال في البلاد”.
ويضيف إقبال أن الهجوم على المسجد في مسقط، ما هو إلا استمرار للهجمات ضد الشيعة التي يشنها تنظيم الدولة الإسلامية، والتي كانت دائماً متجذرة في أيديولوجيته.
وبحسب الدكتور إقبال فإنه “عندما حاول تنظيم الدولة الإسلامية إعادة نشاطه في عام 2019، استهدف مسجداً للشيعة في أفغانستان”، ويضيف: “ثم عندما جاءوا إلى باكستان، بدا أن اللون الطائفي كان مهيمناً جداً على أهدافهم، وإلى جانب السكان الشيعة، استهدفوا أيضاً العديد من الأضرحة في باكستان والتي كانت تحظى باحترام كبير من قبل أتباع مذهب باريلفي.
ويقول الدكتور إقبال إن ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية يقوم بتوسيع نطاق عملياته تدريجياً، إذ نفذ بعد هجمات أفغانستان وباكستان، هجمات أخرى في إيران وروسيا، والآن يتزايد هذا التهديد في بلد مثل عُمان.
وتعليقاً على أسباب استهداف عُمان، يرى إقبال أن لعب مسقط دوراً بناءً في إحلال السلام الإقليمي والعالمي يمكن أن يكون أحد الأسباب.
ما هو تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف؟
قبل عشر سنوات، أعلن أبو بكر البغدادي، مؤسس تنظيم الدولة الإسلامية، من مسجد النوري في الموصل بالعراق، أن جماعته ستُقيم “خلافة” في سوريا والعراق، ثم احتل التنظيم أجزاء كبيرة من سوريا والعراق وفرض قوانين إسلامية صارمة، بما في ذلك العقوبات القاسية والإعدامات، كما نشرت جماعة أبو بكر البغدادي مقاطع فيديو لتنفيذ تلك العقوبات على الإنترنت.
وعلى مدى السنوات الخمس التالية، استقطب ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية آلاف المتطرفين من جميع أنحاء العالم ووعد بإقامة خلافته الإسلامية.
لكن في الواقع، كانت حياة الناس تحت حكم التنظيم تُوصف بالعنف الشديد، إذ عُلقت الرؤوس المقطوعة في الساحات، وتعرض الناس للمضايقات من قبل “شرطة الأخلاق” التي كانت تقوم بدوريات في الشوارع، لتقوم قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بشن حرب على التنظيم وقصف المناطق الخاضعة لسيطرته حينها.
واستطاع التحالف المكون من 70 دولة من طرد التنظيم من آخر معاقله في قرية باغوز التي تقع شرقي سوريا عام 2019، ومع أن الخلافة انتهت، إلا أن أيديولوجية التنظيم لا تزال موجودة حتى اليوم كما يبدو.