عسكري لبناني يعرض ابنه للبيع لعلاج والدته المريضة.. ما القصة؟

“دولتنا جوعت أولادنا وحرمت أهلنا الطبابة والأدوية وكل شيء.. لذلك قررت أعرض بيع ابني الوحيد بعد عرضي بيع كليتي”.. بهذه الكلمات أثار الرقيب أول في قوى الأمن الداخلي اللبناني “محمود العيتاوي”، الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، عبر حديثه عن الوضع المزري الذي وصل إليه وزملاؤه في السلك العسكري.

الرقيب “العيتاوي”، نشر صورة لابنه عبر صفحته الشخصية على “فيسبوك”، يعرضه فيها للبيع، بعد تردّي وضعه الصحّي والمادّي وإهمال الدولة له وعدم تقديمها أي مساعدة، وأشار إلى أنه قام سابقاً أيضاً بعرض كليته للبيع من أجل نفس السبب.

لكنه هذه المرة، حسب المنشور، يريد بيع طفله، وأن من يرغب بالشراء فعليه أن يبعث رسالة له بشكل خاص، عازياً السبب إلى أن الدولة اللبنانية جوّعت الناس وحرمت الأهالي من الطبابة والأدوية وكل شيء.

وأرفق الرقيب اللبناني في منشوره رقم هاتفه، لمن يريد شراء ولده، وذلك للدلالة على جدّيته في الموضوع، قبل أن يعود ويحذف المنشور، بعدما ضجت مواقع التواصل الاجتماعي به.

ونقل موقع “الحرة” عن “العيتاوي”، القول: “اختنقت من العوز وقلة الحيلة، وعدم القدرة على علاج والدتي المريضة بالسرطان، فكان ما كتبته وسيلة للتعبير عن ظروفي الصعبة، ورسالة إلى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي والدولة اللبنانية من رأس هرمها إلى كل الوزراء والنواب فيها لكي ينظروا في حال أبناء المؤسسة الأمنية”.

لم يكن في نية “العيتاوي”، حسب قوله بيع ابنه، وحتى كليته، التي عرضها للبيع رفض أن يقبض ثمنها من شخص اتصل به لشرائها من أجل زراعتها لوالده المريض، حيث كان جوابه أنه مستعد أن يهبها له، لكنه لا يتاجر بأعضائه فكيف بابنه.

وقال: “لا أتخلى عن وحيدي بكنوز الدنيا، فأنا مستعد أن أهبه روحي، وما كتبته كان من باب الضغط على مديرية قوى الأمن لكي تنفذ وعدها بعلاج والدتي”.

لم يتوقع “العيتاوي”، أن يعجز يوماً عن تأمين قوت عائلته وحاجياتها، لكن كما يقول: “للأسف وصلت إلى مرحلة لا يمكنني شراء الطعام، باتت كل وجباتنا تختصر بالزعتر، وأحياناً كثيرة ننام ببطون خاوية، نسينا طعم اللحوم والدجاج، والخضراوات والفاكهة، أيام وأسابيع لا يمكنني تعبئة قاروة الغاز الفارغة، وما يحز في قلبي أكثر أن ابني كان يذهب إلى المدرسة من دون أن أتمكن من إعطائه ليرة واحدة”.

ومع ارتفاع سعر صرف الدولار أصبح راتب الرقيب أول اللبناني يعادل 60 دولارا، فكيف لهذا المبلغ الزهيد كما يشدد أن يكفي “لتسديد إيجار منزلي في طرابلس شمال لبنان، إضافة إلى بدل التنقل ومصروف العائلة والطبابة والأدوية وغيرها من الحاجيات، فحتى اشتراك مولد الكهرباء انحرمنا منه، كون الفاتورة الشهرية تتجاوز قيمة راتبي، حكم علينا أن نعيش في الظلام، أن ندفن ونحن على قيد الحياة”.

اقرأ ايضاً
أشادت بتجاوز الفتنة الكبرى.. إيران مرتاحة لعودة الهدوء إلى العراق

كل شيء ممكن احتماله إلا أن يصل الأمر، كما يشدد “العيتاوي”، إلى علاج والدته، إذ هنا لم يعد بإمكانه الاستمرار بالسكوت، “كيف لي أن أراها تتألم وحياتها تتعرض للخطر لعدم تأمين الأدوية لها، عندها اتخذت أول خطوة كي أوصل صرختي إلى مديرية قوى الأمن، كتبت منشوراً على “فيسبو”ك عرضت فيه بيع كلوتي كي أتمكن من علاجها”.

وأكد: “منذ إصابة والدتي بالسرطان قبل 4 أعوام، لم تقصر مؤسستي في تأمين أدويتها، لكن قبل سنة بدأ الوضع يتغير، إلى أن عجزت صيدليات قوى الأمن عن تأمين حبة دواء واحدة لها على مدى 7 أشهر، مع العلم أن قيمة علاجها حوالي 8 ملايين ليرة، عدا عن تكلفة الصور والفحوصات الطبية، وفوق هذا ترفض مستشفيات كثيرة استقبالنا ومن يقبل منها يفرض علينا دفع فروقات بالفريش دولار”.

ومنذ شهور، نبهت نقابة أصحاب المستشفيات في لبنان، أن معظم المستشفيات باتت تتجنّب استقبال عناصر قوى الأمن الداخلي بسبب “عدم تسديد المستحقات المتوجبة عن علاجهم من جهة، وتدني التعرفات المعتمدة من قبل المديرية من جهة ثانية”.

ويشهد لبنان أزمة اقتصادية حادة منذ صيف 2019، صنفها البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850، إذ فقدت الليرة اللبنانية ما يزيد عن الـ 9% من قيمتها مقابل الدولار الأمريكي، الأمر الذي أدى إلى اتساع رقعة الفقر.

وحسب المقرر الخاص المعني بمسألة الفقر المدقع وحقوق الإنسان في الأمم المتحدة “أوليفييه دي شوتر” حول لبنان، “يجد تسعة من كل عشرة أشخاص صعوبة في الحصول على دخل، وما يزيد على ستة أشخاص من كل عشرة سيغادرون البلد لو استطاعوا إلى ذلك سبيلاً”.

يُذكر أن حادثة مشابهة وقعت قبل عامين عندما عرض الشاب الللبناني “شادي إمامي” (23 عاماً) كليته للبيع على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بسبب الظروف المعيشية الصعبة التي تعرض لها حيث بات عاطلاً عن العمل بعدما كان يسترزق من استئجار “فان” عمومي لنقل الركاب.


المصدر: وكالات

شاهد أيضاً

البيعة السعودية

حل هيئة البيعة السعودية ما هو السبب ؟…. ابن سلمان يشعر بالخطر

مع كل يوم يمضي تنكشف أخبار وتسريبات جديدة عن حدة الصراعات الداخلية التي تشهدها مملكة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *