اختفى شاب فرنسي يدعى “يان بوردون” ويبلغ عمره 27 عاما في مصر، في ظروف غامضة، منذ أكثر من عام، في حادثة تعيد إلى الأذهان قضية الباحث الإيطالي “جوليو ريجيني”، الذي ظهرت جثته بعد أيام من اختفائه وقد بدت عليها آثار تعذيب.
الشاب الفرنسي يدرس التاريخ في جامعة السوربون، وكان قد سافر إلى مصر بغرض السياحة؛ حيث قضى يومين في مدينتي شرم الشيخ وسانت كاترين شمال شرقي مصر، قبل أن يلتقي ضابط شرطة، دعاه إلى قضاء ليلة مع أصدقائه في القاهرة.
وأشارت عائلته إلى أنه كان في شرم الشيخ، ثم اتجه إلى القاهرة؛ حيث قابل ضابطا مصريا قبل اختفائه بأيام.
وقد وردت هذه المعلومات في مراسلاته مع شقيقته “وندي”، التي انقطعت في 4 أغسطس/آب من العام الماضي؛ مما أثار قلق أسرته.
وفي سبتمبر/أيلول، انتظرت الأم رسالة من الابن لتهنئتها بعيد ميلادها، وهو ما لم يحدث.
وتكرر الأمر في نوفمبر/تشرين الثاني، حين انتظرت الأخت رسالة منه لتهنئتها بعيد ميلادها، دون جدوى.
“عندما تكون على سفر ربما تتناسى التواريخ.. هكذا حاولت إقناع نفسي أنه قد يكون على ما يرام”، تقول الأم.
Si qqun a vu ce garçon . Il s’appelle Yann . Il est porté disparu . Il était en Égypte au Caire la dernière fois qu’il a été vu . Sa sœur le cherche activement #
Si vous avez des infos appelez le +33 6 18 85 96 50 pic.twitter.com/m6RmcsPASo— Souki (@missjlala) July 7, 2022
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أبلغت العائلة، وزارة أوروبا والشؤون الخارجية في فرنسا وقنصلية باريس في القاهرة، عن اختفاء الشاب، وبتواصل الأخيرين مع الأمن المصري، تم إخبارهم أن يان لم يمر بالأراضي المصرية.
وعند تصميم البوليس الفرنسي، عرف من نظيره المصري أن “بوردون” بالفعل، كان قد وصل إلى مطار شرم الشيخ في 25 يوليو/تموز، وهكذا حصلت عائلته على رقم جوازه، الذي لم يكن لديهم علم به.
ثم كشفت التحريات، إجراء 4 معاملات بنكية من بطاقة “بوردون”، الائتمانية بعد 3 أيام من آخر تواصل له مع أسرته؛ حيث جرى سحب 200 يورو من صراف آلي قرب محطة مترو السادات في ميدان التحرير بوسط القاهرة.
وتقول شقيقته “وندي”: “لم يكن بوردون ينفق كثيرًا، وكان فقط يسحب حوالي 50 يورو كل فترة طويلة”.
“قررنا التوجه للإعلام؛ لأننا لا نملك أي حلول أخرى وبدأنا نفقد الأمل.. نحن خائفون على مصير يان” تقول الأم “إيزابيل”.
وفي مايو/أيار 2022، حضرت والدته وشقيقته إلى القاهرة لمقابلة النائب العام والسفير الفرنسي.
ولم يلتقِ أحدا من الأمن المصري مع الأم والأخت عند زيارتهما للقاهرة، بالرغم من وعود قدمها الجهاز للسفارة الفرنسية بمقابلتهما، حسب المصدر والعائلة، الأمر الذي كان مخيبًا للآمال، بحسب مصدر مقرب من العائلة.
في المقابل، التقت العائلة بممثل عن النيابة العامة.
يادي النيله سائح فرنسي أسمه #يان_بوردون رحاله م هواة السفر بقاله سنه مختفي واهله بيدوروا عليه. بن خالته صحفي فرنسي خارب الدنيا و بيدور عليه و يسأل ويتطقس لغاية ما عرف انه وصل مصر قادما م تركيا.ونزل اشتري حاجات م شارع جنب التحرير. واستخدم الفيزا ٤ مرات بمصر..وبعدهاا اختفى pic.twitter.com/xz0fw73RZf
— المﻻك الحزين (@Lido8080) July 8, 2022
في وقت يقول المصدر إنه ليس هناك دليل على تركه البلاد منذ اختفائه.
ولم يرد حتى الآن تفاصيل حول القضية من الجانب المصري، حسب المصدر، الذي أضاف أن الجانب الفرنسي يثق في تعامل جهات التحقيق المعنية في مصر.
وبينما أبلغت عائلة بورودن عن اختفائه في نوفمبر الماضي، وأبلغت السفارة الفرنسية بدورها جهاز الأمن الوطني، لم يؤكد الأخير دخول “بوردون” إلى مطار شرم الشيخ قبل يناير/كانون الأول الماضي.
وردًا على مقارنة اختفاء “بوردون” بقضية الباحث الإيطالي “جوليو ريحيني”، الذي فُقِد في القاهرة في يناير/كانون الثاني 2016 قبل أن يُعثر على جثمانه على جانب إحدى الطرق السريعة بالقاهرة، وتعلن السلطات الإيطالية مسؤولية أجهزة أمنية مصرية عن مقتله.
وقال المصدر إن “الحالتين مختلفتين: هناك حالة لباحث يعمل على قضايا حساسة، وقد وجد ميتا ولا تزال التحقيقات قائمة.. يان كان سائحًا في مصر دون خطط واختفى دون ترك أي أثر”.
وأضاف: “القضية حساسة.. وإن طال الانتظار فيها، قد تخلق قلقا، وهناك خطر من سوء استخدامها”.
من جانبها، كشفت منظمة “كوميتي فور جستس” الحقوقية أن حالة اختفاء “بوردون” كانت موضوع شكوى تقدمت بها إلى الفريق العامل المعني بالاختفاء القسري في الأمم المتحدة، مشيرة فيها إلى أن الوقائع التي حدثت تشكل ممارسة محددة للاختفاء القسري، وتُستخدم بشكل متزايد من قبل السلطات المصرية.
ودعت “كوميتي فور جستس”، الفريق الأممي للتدخل، وحث السلطات المصرية على إجراء تحقيق رسمي وشفاف على الفور للكشف عن مكان وجود “بوردون”، مطالبين كذلك نيابة الجيزة غرب القاهرة بمصادرة ومشاركة لقطات كاميرات المراقبة من البنك؛ حيث حدثت آخر تحركات مصرفية من حساب “بوردون”، والتحقيق في هوية ضابط الشرطة الذي يبدو أنه آخر شخص رأى “بوردون”.
في يوليو 2021 أرسل “يان بوردون” آخر بريد إلكتروني إلى عائلته، قال فيه إنه سيتوجه نحو السويس ليلتقي بضابط شرطة خارج الخدمة جاء للتحدث معه قائلاً إنه عائد من إجازاته وأنه يمكنه إيصاله وأن الشرطي نقله إلى محطة مترو بضاحية بمحافظة القاهرة@yann_missinghttps://t.co/joUE9sUbvo pic.twitter.com/lK6yNPX4ZF
— Committee For Justice (@cfjusticeorg) July 22, 2022
وتُذكّر هذه القصة بقضية الباحث الإيطالي “جوليو ريجيني”، الذي اختفى بمصر في يناير/كانون الثاني 2016، ثم عُثر على جثته مشوّهة وعليها آثار تعذيب في منطقة صحراوية بمدينة 6 أكتوبر في القاهرة الكبرى.
واتهمت السلطات القضائية الإيطالية 4 ضباط مصريين بخطف الباحث الإيطالي وتعذيبه وقتله.
لكن السلطات المصرية رفضت تسليم أي منهم، ثم علّقت محكمة إيطالية محاكمة الضباط الأربعة غيابيًّا، وأعادتها إلى قاضي التحقيق الأولي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
المصدر: متابعات قطرعاجل