هم سبعة عشر يزوة (بحارا) قطريا، يقودهم النوخذة محمد السادة.. بسطوا أشرعتهم للريح، وتوكلوا على الله في /رحلة محمل فتح الخير 5/ التي تربط بين الماضي التليد والحاضر المشرق. انطلقت رحلتهم، التي تستغرق شهرا ونصف الشهر، في الرابع من يوليو الماضي من ميناء /غراند هايبر مارين/ بمالطا، وركبوا البحر يجوبون موانئ إيطاليا وفرنسا وصولا إلى إسبانيا، واضعين نصب أعينهم التعريف بالتراث البحري القطري الأصيل، والترويج لبطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، انطلاقا من استراتيجية المؤسسة العامة للحي الثقافي /كتارا/ في توثيق علاقة الأجيال بماضيهم المجيد، واستحضار الرحلات البحرية التي كانت من صميم حياة الآباء والأجداد ومصدر عيشهم في عصر الغوص بحثا عن اللؤلؤ.
وعن هذه الرحلة يقول سعادة الدكتور خالد بن إبراهيم السليطي المدير العام للمؤسسة العامة للحي الثقافي /كتارا/، في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، إن رحلة فتح الخير الخامسة أتت أكلها وحققت أكثر من هدف، إذ أنها نقلت، من جهة، موروث قطر البحري وحياة الأجداد في الماضي، وروجت، من جهة ثانية، لبطولة كأس العالم FIFA قطر 2022 بطريقة مثالية، لافتا إلى أن الرحلة الحالية هي امتداد للرحلة /الرابعة/ السابقة.
وأشار الدكتور السليطي إلى أن رحلة فتح الخير فتحت آفاقا أرحب منذ انطلاقتها عام 2012، حيث جابت آنذاك بنادر الخليج، وبقيت وفية لدورها في ربط أجيال قطر الشابة بماضيهم العريق وتراثهم البحري المجيد، وعمقت الصلات الثقافية التي تربط الشعب القطري بالشعوب الشقيقة والصديقة، ونجحت في بناء جسور التواصل الحضاري والإنساني، وهو ما تجلى في احتضان الرحلة واستقبال المحمل ورواده عند كل ميناء ومحطة، استنادا إلى رصيد هائل من الخبرة والتجربة التي اكتسبتها /كتارا/ في تسييرها رحلات فتح الخير السابقة.
بدوره، أكد السيد محمد السادة، نوخذة الرحلة، في تصريحه لـ/قنا/، أن إدارة الشواطئ بالمؤسسة العامة للحي الثقافي /كتارا/ تحاول جاهدة استقطاب كل الجوانب المتصلة بالتراث البحري، وتفتح طيلة أيام السنة باب التسجيل في رحلة فتح الخير، وتقدم لليزوة /البحارة/ وكلهم متطوعون، جميع المعلومات فيما يخص المحمل، ومكوناته، وأجزائه، وما يتعلق به، وآليات الشراع وصيانته وما يتعرض له من عوامل سواء كانت رياحا أو أمطارا أو أمواجا.
كما شدد على الحرص على اتباع الوسائل التقليدية في عملية الصيانة، بعيدا عن الحديثة منها، لتبقى العملية تقليدية خالصة كما كانت في السابق، وهو ما يجعل الجمهور وخصوصا ساكني منطقة البحر المتوسط في شقها الأوروبي مستغربا، كونهم قد طوروا مراكبهم ومحاملهم “بينما نحن تركناها كما كانت في السابق منذ (الوشر)، أي صناعة المحمل، بما في ذلك دهن المحمل”.
وكشف السادة، أنه عند انطلاق هذه الرحلة، في الرابع من يوليو الماضي، اعترى اليزوة شيء من الخوف، لافتا إلى أن لكل رحلة طابعها الخاص الذي يميزها، ومشيرا في هذا السياق على سبيل المثال إلى أنه بالنسبة لرحلة مومباي بالهند، فإن أعمق منطقة مر بها المحمل كانت تزيد عن 6 آلاف متر تحت سطح البحر.
وأردف قائلا: “إن الموضوع لا يرتبط بمسألة الخوف من العمق، بل في المحمل الخشبي الذي يمكن أن يتعرض لأي طارئ وعطب أو كسر في أي لحظة”، مبينا أنه من هذا المنطلق فإن المؤسسة العامة للحي الثقافي /كتارا/ تولي عناية وأهمية قصوى لسلامة طاقم الرحلة، وأنها استعدت لهذا الأمر بجدية من خلال الاتصال الدائم بخفر السواحل لكل دولة أو ميناء تقترب منه فتح الخير، انطلاقا من الأولوية دوما تبقى سلامة اليزوة.
ولفت إلى أن نجاح الرحلة لا يتأتّى إلا بتضافر جهود الجميع، والتغلب على الخوف، منوها إلى أن دوره كقائد لليزوة، وهو الاجتماع معهم وتوجيههم وتنبيههم لعدد من الأمور في مسار الرحلة من حيث إخبارهم بطولها، والتعامل مع الحبال والشراع، وهي أمور قال إنهم سيعتادون عليها مع تقدم المسار لتصبح المسافات يسيرة وسهلة بعد ذلك، معتبرا أن الصعاب التي تعرضت لها الرحلة في مياه البحر الأبيض المتوسط بالشق الأوروبي تمثل في تغير اتجاه الرياح بسرعة على خلاف الرياح في البحر بمنطقة الخليج التي لا يتغير اتجاهها إلا بعد يوم أو يومين.
المصدر: بي ان سبورت