تونس- لا يزال القائد السابق لمنتخب تونس راضي الجعايدي يملك الرقم القياسي بأكبر عدد من المباريات الدولية بفضل 105 مباريات خاضها بقميص نسور قرطاج كان خلالها حاضرا في أبرز فترات الجيل الذهبي للكرة التونسية الذي توج بكأس أمم أفريقيا 2004، والذي شارك في نهائيات كأس العالم 2002 و2006.
وفي حوار خاص للجزيرة نت يكشف الجعايدي -الذي دوّن اسمه في سجلات هدافي كأس العالم 2006 بألمانيا- عن الأسباب التي حرمت منتخب نسور قرطاج من بلوغ الدور الثاني، سواء في تلك النسخة أو في كل المشاركات التونسية في تاريخ كأس العالم.
ويتطرق الجعايدي إلى حظوظ المنتخبات العربية في النسخة المقبلة لكأس العالم في قطر، والتي يرى أنها ستكون فرصة سانحة للعرب لكتابة التاريخ، كما يتحدث عن شرف تنظيم أول مونديال في دولة عربية.
وفي ما يلي نص الحوار:
-
المحتويات اخفاء
قبل شهرين من انطلاق كأس العالم 2022 في قطر في أول مونديال يقام في دولة عربية.. برأيك، ماذا يمثل هذا الحدث للكرة العربية بوجه عام؟
لا شك أن تنظيم قطر المونديال -كأول بلد عربي ينال هذا الشرف- هو حدث كبير يجب أن نحتفل به جميعا كعرب، قطر ستكون محط أنظار العالم لمدة 4 أسابيع على الأقل.
أظهرت قطر بالفعل منذ سنوات أنها جاهزة تماما لضمان كل سبل نجاح هذه التظاهرات من خلال البنية التحتية وعدد الملاعب وجودتها، فضلا عن حسن الضيافة، وظهر هذا بالخصوص في كأس العرب 2021 وكانت ناجحة رياضيا وتنظيميا.
وتلك مؤشرات واعدة على أن مونديال 2022 سيكون مناسبة لتأكيد قدرة العرب على احتضان كبرى المسابقات الرياضية، كما أن هذا النجاح سيمهد الطريق بالتأكيد لدول عربية أخرى للنسج على منوال قطر والتقدم بملفات لاستضافة كأس العالم.
-
إلى جانب حملك الرقم القياسي للمباريات الدولية مع منتخب تونس (105 مباريات) كنت من بين اللاعبين التونسيين القلائل الذين كانوا حاضرين في نسختين متتاليتين من المونديال 2002 و2006، ماذا تمثل المشاركة في مسابقة بحجم كأس العالم بالنسبة إليك وبالنسبة إلى كل لاعب؟
أعتبر نفسي محظوظا بالمشاركة في نسختين من كأس العالم، هاتان المشاركتان وبعيدا عن النتائج التي حققناها آنذاك هما نتيجة للعمل الشاق والجهد الكبير الذي بذلته والتضحية التي قمت بها طوال مسيرتي الكروية، أذكر جيدا كل المباريات التي خضتها، حظيت بثقة الجهاز الفني لمنتخب تونس بأن لعبت كل المباريات أساسيا، وسجلت هدفا أمام المنتخب السعودي في مباراة مثيرة انتهت بالتعادل (2-2)، وأعتبر ذلك الهدف مصدر فخر لي وعلامة ناصعة في مشواري الكروي.
المشاركة في كأس العالم هي شرف وفخر كبير لكل لاعب باعتبار أنها ليست متاحة للجميع، هناك لاعبون كبار -سواء في تونس أو في العالم- لا تزال عدم مشاركتهم في المونديال نقطة سوداء في مسيرتهم، وهذا يؤكد قيمة خوض كأس العالم، فما بالك إذا كان في أكثر من مناسبة.
لكن في المقابل فإن المشاركة ليست تشريفا وإنما هي مسؤولية تفرض على اللاعب أن يبذل قصارى جهده للدفاع عن راية بلاده وقميص منتخبه.
المشاركة في مسابقة بحجم المونديال هي حدث كبير وفارق في تاريخ كل منتخب، وهو ما يستوجب تحضيرا خاصا يختلف عن الإعداد لمسابقات أخرى قارية أو إقليمية، أتحدث هنا عن حجم المعسكرات التحضيرية والمباريات الودية الإعدادية التي لا بد أن تكون مدروسة ومكثفة لضمان الاستعداد الأمثل قبل مواجهة منتخبات قوية وجاهزة.
لست مطلعا على ظروف استعدادات المنتخب التونسي لكأس العالم 1978 و1998، ولكن في نسختي مونديال 2002 في كوريا الجنوبية واليابان ثم 2006 في ألمانيا هناك العديد من العوامل التي حالت دون تألقنا وبلوغنا الدور الثاني، أبرزها أن التخطيط والإعداد لكلتا النسختين لم يكن مدروسا بما فيه الكفاية، وهنا أشير أساسا إلى المعسكرات واللقاءات الودية التي كان حريا أن تكون أمام منتخبات قوية.
ثانيا: اختيارات اللاعبين الذين مثلوا تونس -سواء في مونديال 2002 أو 2006- لم تكن موفقة، والدليل أن القائمة ضمت بعض اللاعبين الذين كانوا بدلاء مع أنديتهم أو مصابين وغير جاهزين بما فيه الكفاية، كان أحرى في ذلك الوقت التعويل على اللاعب الجاهز الذي يشارك بانتظام مع ناديه ويلعب بصفة مستمرة.
-
هل تعتقد أن نسخة قطر 2022 ستكون فرصة لنسور قرطاج لتحقيق حلم الجماهير والعبور إلى الدور الثاني للمرة الأولى في تاريخهم؟
لدينا منتخب شاب وطموح يضم لاعبين هم مزيج بين العناصر الواعدة التي تسعى إلى فرض نفسها في المنتخب وآخرين يملكون خبرة وتجربة تؤهلهم للبروز، لكن حقيقة الميدان قد تختلف عندما نواجه منتخبات جهزت نفسها جيدا للمونديال وتسعى بدورها للتألق والفوز والحفاظ على المكاسب التي حققتها في دورات سابقة مثل فرنسا على سبيل الذكر.
علينا أن نكون واقعيين، وأن نخوض المونديال دون حسابات، التعامل بجدية وبعقلية محترفة هو الطريق نحو تعزيز فرصنا في الخروج بنتائج إيجابية.
-
كيف تحكم على منتخبات المجموعة الرابعة التي تنتمي إليها تونس وتضم فرنسا والدانمارك وأستراليا؟
جميعها منتخبات قوية ولها وزنها، سواء على مستوى القاري الذي تنشط به أو على الصعيد العالمي، المجموعة التي سنلعب فيها ضمن الدور الأول ليست سهلة، وكل المنتخبات فيها قادرة على المنافسة من أجل مقعدين في الدور الثاني، لكن طبعا هنا فوارق بينها، فالمنتخب الفرنسي منافس من الحجم الثقيل ومرشح للعب الأدوار الأولى بوصفه حامل اللقب في 2018.
أما منتخب الدانمارك فهو يملك خبرة كبيرة بالمشاركة في المونديال ويضم في صفوفه لاعبين ينشطون في أعتى الدوريات الأوروبية، وهو ما يجعله أحد أصعب الخصوم بالنسبة إلى منتخبنا.
المنتخب الأسترالي تمكن من التأهل عبر الملحق، وهذا ما يعني أنه نظريا أقل قيمة ووزنا مقارنة بمنتخبي فرنسا والدانمارك، ولكن يجب الحذر منه والتحلي بالجدية عند مواجهته.
-
هل تعتقد أن احتضان قطر النهائيات سيعزز حظوظ المنتخبات العربية من أجل الخروج بنتائج لافتة؟
اللعب في دولة عربية عنصر سيكون في مصلحة كل المنتخبات العربية وليس قطر فحسب، لأننا نعرف أن الجمهور العربي سيشجع قطر وتونس والمغرب والسعودية، ولكن مثلما قلت سابقا فحقيقة الميدان هي الأصدق والأكثر واقعية.
المنتخبات العربية ستدخل بأفضلية الجمهور الذي سيؤثر بصورة واضحة عليها، وهذا ينبغي أن يقترن بالأداء الجيد على المستطيل الأخضر للخروج بنتائج لافتة.
-
ما هي المنتخبات التي ترجح أن تلعب الأدوار الأولى والمنافسة على لقب كأس العالم 2022؟
من المؤكد أن المنافسة ستكون مثيرة وشديدة، خاصة للمنتخبات التي تعودت في النسخ الأخيرة على استهداف منصة التتويج، مثل منتخبات البرازيل وفرنسا وألمانيا.
المنتخبان الإنجليزي والإسباني سيكونان بدورهما من بين المرشحين للعب الأدوار الأولى ما لم تحدث مفاجآت مدوية في هذا المونديال.
-
بعد مسيرتك الملهمة بصفتك لاعبا في الدوري الإنجليزي الممتاز وقائدا لمنتخب نسور قرطاج تفرغت للتدريب وخضت بعض التجارب آخرها مع الترجي التونسي خلال العام الماضي، لماذا انتهت تلك التجربة سريعا؟ وما هي محطتك التدريبية المقبلة؟
تجربتي على رأس الجهاز الفني للترجي التونسي كانت جيدة وناجحة في الكثير من الجوانب، ولكن للأسف لم يحالفنا الحظ في الذهاب بعيدا في دوري أبطال أفريقيا، المسابقة التي كانت من بين أبرز أهدافنا، أو في كأس تونس، ولكن الفريق أحرز بطولة الدوري وأظهر مستوى عاليا وجيدا في كثير من المباريات، سواء كان محليا أو قاريا، وعموما كانت تجربة فيها الكثير من الإفادة لي ولفريقي الأم.
دربت في إنجلترا والولايات المتحدة وبلجيكا وتونس، وهي تجارب استفدت منها بشكل واضح، وكسبت خبرة ومعرفة بمدراس كرة القدم في مختلف البلدان.
أتابع حاليا كل الدوريات الأوروبية والعربية دون أن أنسى أن كأس العالم قطر 2022 ستكون محطة تستقطب كل المتابعين في العالم، سأنتظر فرصة قادمة لخوض مسيرة تدريبية جديدة في المستقبل القريب، فكل الدوريات تستهويني بحكم أني خضت تجارب عديدة، وتبقى أهداف وخطوط المشروع الذي سأدرسه هي التي ستحدد وجهتي المقبلة.
الجزيرة – مونديال 2022