الهجوم على رفح

الهجوم على رفح – هل توقفه المحكمة الدولية؟

قدّمت جنوب أفريقيا طلبًا إلى محكمة العدل الدولية للنظر في مدى استحقاق القرار الإسرائيلي بالهجوم على رفح من إجراء تداول يستدعي تدخل المحكمة لمنع مزيد من انتهاكات حقوق الفلسطينيين في غزة؟

مخاوف من الهجوم على رفح

جاء هذا الطلب نتيجة تصاعد المخاوف من إجراءات عسكرية إسرائيلية محتملة في منطقة رفح، التي تضم أكثر من 1.4 مليون نازح فلسطيني، معظمهم لاجئون مسجلون لدى وكالة الأونروا، الذين نزحوا من مناطق الشمال والوسط في قطاع غزة.

عبّر مسؤولون أمميون وأميركيون وأوروبيون وإقليميون وعرب عن مخاوفهم من هذا السيناريو، ورغم تكرار التحذيرات، فإن أي منها لم ينجح في تحقيق ضغط فعال على جيش الاحتلال.

تحذيرات أميركية شكلية

وكانت التحذيرات الأميركية غير حاسمة وغير واضحة بمنع الاحتلال من الهجوم على رفح، وجاءت في الوقت نفسه مع جهود من الإدارة البايدنية لتذليل كل العقبات في الكونغرس لتوريد إسرائيل بالذخائر والأسلحة الإضافية. ورغم أن التحذير الأميركي لم يكن يهدف إلى منع العملية العسكرية بل دعا إلى “احترام قواعد القانون الدولي وحماية المدنيين”، إلا أنه لم يتبعه آلية عملية للدعوة.

تركزت المخاوف من العملية العسكرية المحتملة على حجم الخسائر البشرية المتوقعة بين المدنيين، وعلى المكان الذي قد يلجأ إليه النازحون للهروب من القصف الإسرائيلي العشوائي. وعبر جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، عن هذه المخاوف قائلاً: “إلى أين يذهب سكان رفح؟.. هل نرسلهم إلى القمر؟”

التهديد الإسرائيلي

وجاء التهديد الإسرائيلي بالهجوم على رفح وشن عملية واسعة ضد السكان قبل أيام من انتهاء موعد طلب محكمة العدل الدولية من إسرائيل تقديم تقرير حول مدى التزامها بالتدابير لمنع ارتكاب جريمة إبادة.

في هذا السياق، تطرح مجموعة من الأسئلة التي تلقي الضوء على مسار عملية التقاضي ومستقبلها، مثل: هل ستقدم إسرائيل في 26 فبراير/شباط 2024 تقريرًا إلى محكمة العدل الدولية بخصوص التدابير الواجب اتخاذها لمنع ارتكاب المزيد من جرائم الإبادة؟ وهل لديها الإجابات اللازمة، أو هل تعاملت باستخفاف مع قرار المحكمة؟ وما تأثير تصعيد إسرائيل في رفح على مسار المحاكمة، وما يمكن أن يتضمنه التقرير المرتقب؟

تجاهل إسرائيلي للمجتمع الدولي

من الواضح، من خلال المعطيات والمؤشرات الميدانية، أن الاحتلال لم يتخذ أي تدبير، ولم يلتزم بطلب المحكمة العدلية الدولية. فالحصار ما زال مستمرًا، والعمليات العسكرية والاعتداءات على الحياة الإنسانية تتواصل، ولم ينخفض عدد الضحايا المدنيين. ومع ذلك، ستقدم إسرائيل تقريرًا لتفادي اعتبارها مخالفة للقرار القضائي.

من المتوقع أن يكون محتوى التقرير فارغًا، وسيحتوي على تبريرات لسلوكها الإجرامي ضد سكان قطاع غزة، وقد يقلل من جسامة الوضع بشكل عام. ومن الناحية الشكلية، سيكون ردها احترامًا لقرار المحكمة بضرورة تقديم التقرير.

اقرأ ايضاً
«الجيش» و«الدعم السريع» يتوافقان على التشكيك في بيان «إيغاد»

طلب جنوب أفريقيا

أما بالنسبة لطلب جَنُوب أفريقيا الجديد المقدم في 13 فبراير/شباط 2024 حول وقف الهجوم على رفح، فمن المتوقع أن تتفاعل المحكمة مع هذا الطلب، ولكن قد لا تكون بالسرعة التي تأملها جنوب أفريقيا. وتنتظر إسرائيل رد المحكمة على هذا الطلب لاتخاذ الإجراءات المناسبة، مما يعني أنه من المحتمل عدم تجاهل إسرائيل لهذا الطلب الجديد المتوقع من المحكمة.

محكمة العدل الدولية

هل ستتقبل محكمة العدل الدولية الرد الإسرائيلي؟ هذا الأمر يمكن مناقشته واستقبال الآراء، لكن ينبغي أن يكون القرار حاسمًا نظرًا لحجم الجرائم المرتكبة ضد السكان المدنيين.

السلطة التنفيذية للمحكمة

تتضمن العديد من العوامل التي تؤثر على اتخاذ قرار من قبل المحكمة، ومن بينها أن الإرادة السياسية الدولية تلعب دورًا مهمًا في تحديد مسار العدالة، حتى لو كان القضاة نزيهين تمامًا. بالإضافة إلى ذلك، تحتاج المحكمة، كما أي محكمة وطنية، إلى السلطة التنفيذية لتنفيذ الأحكام التي تصدرها.

موقف الدول العربية والإسلامية

من الأمور المهمة أيضًا أن نلاحظ في البيئة السياسية أن موقف الدول العربية والإسلامية، خاصة الدول المتاخمة لغزة مباشرة، ليس كافيًا لتوفير حماية كافية لسكان غزة من جريمة الإبادة، حتى لو اتخذت المحكمة قرارًا قاطعًا ضد إسرائيل بوقف الهجوم على رفح. أو حتى إدخال المساعدات الإنسانية اللازمة والكافية.

مجلس الأمن في ظل الفيتو الأمريكي

بالتالي، إذا لم تكن المحكمة راضية عن الرد الكتابي لإسرائيل، فقد تحيل الأمر إلى مجلس الأمن، الذي ينبغي عليه (نظريًا) اتخاذ كل الإجراءات الضرورية لتنفيذ قرار المحكمة العدلية الاحترازي.

وهنا يطرح السؤال التالي: هل سيتخذ مجلس الأمن القرار المناسب حيال الدولة التي رفضت الامتثال لقرار المحكمة الدولية، أم ستستخدم الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) لمنع أي إجراء ضد إسرائيل، الدولة المتهمة رسميًا أمام المحكمة الدولية بارتكاب جريمة الإبادة؟

هل تقف الولايات المتحدة في وجه العدالة الدولية؟

تاريخياً وحالياً، يظهر بوضوح أن السياسة الأمريكية تجاه هذا الموضوع هي استخدام حق النقض لصالح إسرائيل، حيث استخدمت الولايات المتحدة هذا الحق ضد أي مشروع ينتقد أو يضغط على إسرائيل.

والسؤال الأخير الذي يطرح نفسه هو: ماذا لو عملت الولايات المتحدة فعلًا على وقف العدالة الدولية، وقدمت حماية جديدة لإسرائيل من المساءلة الدولية؟ وما هو مصير الأمم المتحدة التي فشلت في تحقيق أهدافها وأخفقت في مواجهة الاختبار الأخلاقي الذي يتعلق بمنع جرائم الإبادة ضد سكان غزة؟ هل ستظل الأمم المتحدة شاهدًا على جرائم الإبادة الجديدة، أم ستعيد النظر في مبادئها وتحقق العدالة لسكان غزة؟

المصدر: قطر عاجل

شاهد أيضاً

“قمع الدولة ساهم في تحوّل مظاهرة صغيرة إلى حركة احتجاجية انتشرت في جميع أنحاء البلاد” – الغارديان

“قمع الدولة ساهم في تحوّل مظاهرة صغيرة إلى حركة احتجاجية انتشرت في جميع أنحاء البلاد” …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *