أشعلت أنباء إمكانية حضور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لجنازة ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية، جدلاً حقوقيا واسعا وانتقادات كثيرة وصلت لخروج المظاهرات قبالة قصر باكينغهام خلال تواجد الملك تشارلز للمطالبة بعدم السماح بحضوره.
وشهدت العاصمة البريطانية لندن اليوم الأحد تظاهرة أمام قصر باكينغهام خلال تواجد الملك تشارلز ضد الزيارة المحتملة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى لندن من أجل تقديم العزاء في الملكة إليزابيث الثانية.
ورفع بريطانيون من اتحادات نقابية وجهات حقوقية خلال مشاركتهم في التظاهرة لافتات مكتوبة تصف بن سلمان بالمجرم والقاتل وأخرى تدعو لعدم الترحيب به ومحاكمته على جرائمه وانتهاكاته لحقوق الإنسان.
كما طالب المتظاهرون بإلزام السعودية بوقف حربها في اليمن ووقف أي صفقات عسكرية مع المملكة في ظل ما ترتكبه من جرائم حرب بحق المدنيين اليمنيين.
وكانت الصحافة البريطانية أمس قد وصفت حضور بن سلمان لجنازة الملكة إليزابيث بأنه عار على بريطانيا ويسيء لسمعتها، رغم أن بريطانيا واحدة من أولى الدول الداعمة والمشاركة بشكل غير مباشر في الحرب التي تقودها السعودية ضد اليمن.
وعلقت خطيبة الصحفي السعودي جمال خاشقجي، خديجة جنكيز، على تلك الأنباء بالقول: “ينبغي عدم السماح لولي العهد السعودي بتلطيخ ذكراها بحضوره”.
وأضافت من خلال تغريدة على حسابها بموقع “تويتر”: “وفاة الملكة هي مناسبة حزينة حقا. يجب ألا يسمح لـMBS بتلطيخ ذكراها بحضوره. الآن ليس الوقت المناسب أو المكان المناسب له للسعي إلى تطبيع أفعاله القاتلة. يجب محاسبة MBS وعقابه على قتل جمال وآخرين لا حصر لهم”.
ونقلت صحيفة “الجارديان” عن مدافعين عن حقوق الإنسان قولهم إن “بن سلمان يحاول استخدام الحداد لكسب الشرعية”.
وأشارت الصحيفة إلى أن هناك رأيا يرى أن حضوره الجنازة قد يشكل “تهديدا أمنيا غير مقبول أو تشويشا على المراسم” لاحتمال خروج احتجاجات مناهضة لولي العهد في حال حضوره.
ولتلافي هذه الحرج السياسي، أعلنت وزارة الخارجية البريطانية إنه بات من المستبعد حضور ولي العهد السعودي للجنازة، وذلك بحسب ما نقلته وكالة “رويترز” عن مصادر بالوزارة.
وستقام جنازة “إليزابيث الثانية” في كنيسة دير وستمينستر في لندن يوم الإثنين، ومن المتوقع أن يحضرها أكثر من 100 من ملوك وقادة دول وشخصيات من عائلات ملكية في أنحاء العالم.
سلمى الشهاب والسجل الحقوقي للمملكة
وكانت آخر مشاحنات بين بريطانيا والسعودية بالسجل الحقوقي عندما حكمت السعودية على سلمى الشهاب – الناشطة السعودية المقيمة في بريطانيا والتي كانت تحضّر لنيل درجة الدكتوراه في جامعة ليدز- بالسجن لمدة 34 عاماً يليها حظر سفر لمدة مماثلة.
وحينها أعربت جامعة ليدز البريطانية عن تضامنها مع طالبتها الشهاب، قائلةً في تغريدة لها على صفحتها الرسمية بموقع “تويتر”: “سلمى الشهاب.. نحن قلقون للغاية لمعرفة التطورات الأخيرة في حالة سلمى ونسعى للحصول على المشورة بشأن ما إذا كان هناك أي شيء يمكننا القيام به لدعمها”.
وأكدت الجامعة البريطانية أن “تظل أفكارنا مع سلمى وعائلتها وأصدقائها في مجتمعنا المتماسك”.
كما ربطت صحيفة “الجارديان” البريطانية، الحكم على الشهاب بزيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المملكة وقالت في هذا الشأن: “يأتي الحكم الصادر عن محكمة الإرهاب في السعودية بعد أسابيع من زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المملكة العربية السعودية، والتي حذر نشطاء حقوق الإنسان من أنها قد تشجع المملكة على تصعيد حملتها القمعية ضد المعارضين وغيرهم من النشطاء المؤيدين للديمقراطية”.
ووأضافت الجارديان “تمثل القضية أيضا أحدث مثال على كيفية قيام ولي العهد محمد بن سلمان بقمع بمستخدمي تويتر، بينما يسيطر في الوقت نفسه على حصة غير مباشرة رئيسية في شركة التواصل الاجتماعي الأمريكية من خلال صندوق الثروة السيادية السعودي”.
ورغم الاصلاحات التي أقدمت عليها السعودية في السنوات الماضية، حيث يقود ولي العهد السعودي محمد بن سلمان حملة انفتاح اجتماعي غير مسبوقة في المملكة لتغيير صورتها المحافظة من خلال السماح بإعادة فتح دور السينما وإقامة الحفلات الموسيقية المختلطة ومنح حريات أكبر للمرأة، إلا أنها لاتزال تواجه انتقادات واسعة ومستمرة على خلفية سجلها في مجال حقوق الإنسان لأن تلك الإصلاحات تترافق مع عملية قمع للمعارضين وتكميم للأفواه، إذ بدأ ولي العهد منذ صعوده لسدة الحكم في المملكة عام 2017 بحملة اعتقالات غير مسبوقة استهدفت عديدا من فئات المجتمع السعودي، بما فيها رجال الدين، والمثقفين، ونشطاء حقوق الإنسان، ورجال الأعمال وأمراء من الأسرة الحاكمة.
وازداد التوجه الدولي نحو تلك الانتهاكات منذ قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول أكتوبر 2018.
المصدر: قطر عاجل + متابعات