انتهجت الحكومة اللبنانية سياسة الصمت في التعامل مع الادعاءات الإسرائيلية وآخرها إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، الاثنين، أن إيران تنشئ مطاراً في جنوب لبنان لإتاحة شن هجمات على إسرائيل.
ولم يتطرق مجلس الوزراء الذي انعقد الثلاثاء لما أورده غالانت وعرضه صوراً جوية لما قال: إنه مطار بنته إيران بهدف تحقيق «أهداف إرهابية» ضد إسرائيل، كاشفاً عن أنه يقع بالقرب من قرية بركة جبور ومدينة جزين اللبنانيتين، وهما على بعد نحو 20 كيلومتراً شمال بلدة «المطلة» على الحدود.
أيوب: أراضٍ «محتلة»
وأوضحت عضو تكتل «الجمهورية القوية» (القوات اللبنانية) النائبة غادة أيوب، أن «المنطقة التي تمت الإشارة إليها واقعة في قضاء جزين، ومنذ نحو 30 عاماً هناك أراضٍ فيها محتلة يُمنع على أصحابها دخولها واستثمارها بحجة أنها تضم قواعد عسكرية ومناطق تدريب لـ(حزب الله)». وقالت أيوب في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «بعد المعلومات المتداولة عن وجود مطار عسكري فيها تابع لإيران فقد بات الموضوع مرتبطاً بالسيادة اللبنانية، وعلى الحكومة والأجهزة الأمنية أن ترد رسمياً على الادعاءات؛ لأنها وفي حال صحّت تؤدي إلى مخاطر أمنية وعسكرية كبيرة».
سعيد: ليس هامشياً
من جهته، رأى رئيس «لقاء سيدة الجبل» النائب السابق فارس سعيد، أنه «ليس غريباً أن يكون لـ(حزب الله) أو لإيران مطار عسكري على الأراضي اللبنانية؛ نظراً لوضع اليد الكاملة لطهران على لبنان، إنما الغريب هو الصمت المطبق من الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني إزاء هذه المعطيات». وشدد سعيد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على «وجوب إجابة الأطراف المعنية على مجموعة من الأسئلة، سواء إذا ما كان المطار يقع في منطقة عمليات القرار 1701 أم لا؟ هل يعلم الجيش اللبناني بوجوده وما هو موقف الحكومة اللبنانية من الموضوع؟»، وأضاف: «هذا الخبر ليس هامشياً وقد يكون بإطار التحذير الإسرائيلي، بمعنى أنه إذا طالت بعض المسيّرات العمق الإسرائيلي فستتحمل حكومة لبنان المسؤولية».
وإذ أكد سعيد أن «(حزب الله) تنظيم خارج عن الشرعية اللبنانية ولا يجوز أن يحمل سلاحاً لا برياً ولا بحرياً ولا جوياً ولا سلاح إشارة، ويفترض وفق اتفاق الطائف وقرارات الشرعية الدولية أن يسلم سلاحه بشكل كامل للدولة اللبنانية»، استهجن «لجوء الحزب لإنشاء مطار عسكري جنوب البلاد فيما يرفض إنشاء مطار مدني لأسباب تجارية وإنمائية شمالاً».
وتساءل البعض عن سبب عدم توجيه إسرائيل ضربة لهذا المطار ما دامت قادرة على تحديد موقعه بدقة.
وعدّ رئيس مركز «الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري- أنيجما» رياض قهوجي، أن «إسرائيل لا تريد أن تقصفه – أقله الآن -؛ لأنها تعمل على إحراج الدولة اللبنانية ووضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته، وتبني حججاً تبرر حرباً مستقبلية»، مرجحاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن يكون المطار الذي أشار إليه غالانت «قاعدة للطائرات المسيّرة». وأضاف: «أعتقد أن (حزب الله) لم يعد يبالي بأي رد فعل من داخل لبنان أو خارجه لعلمه بالعجز التام أمام القوة التي بات يمتلكها داخلياً وهو يحضّر لتشريع وجوده العسكري الذي بات أقرب لجيش نظامي منه إلى حركة مقاومة».
من جهته، وضع مدير معهد «الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية» الدكتور سامي نادر، ما يحصل في إطار «التصعيد المتبادل بين الإسرائيليين والإيرانيين ومحاولة طهران تجميع أوراق الضغط في المواجهة على أكثر من جبهة، خاصة وأن إنشاء قاعدة عسكرية جنوب لبنان يشكّل تهديداً أساسياً للأمن الإسرائيلي وورقة أساسية يمكن لعبها». وأضاف نادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «بعد شعورها أن الوضع في سوريا لم يعد يصبّ في مصلحتها ستمسك إيران أكثر فأكثر بالورقة اللبنانية، وليس ما تقوم به في المخيمات الفلسطينية من خلال السعي لبسط سيطرتها من خلال (الجهاد الإسلامي) و(حماس) والجهات المناوئة لـ(فتح)، إلا دليلاً على ذلك».
«حزب الله»: تقارير مفبركة
وتجنّب «حزب الله» في بيان أصدره الثلاثاء الرد على الاتهامات الإسرائيلية، لكنه استفاض بالرد على تقارير إعلامية وصفها بـ«المفبركة» أفادت بقيام مسؤولين فيه بأعمال تهريب أسلحة في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت.
وعدّ الحزب في بيان أن «هذه الافتراءات والتحركات تُشكّل إساءة بالغة إلى الدولة اللبنانية والأجهزة الأمنية اللبنانية كافة والتي تتواجد وحداتها داخل حرم المطار، وهدفها الضمني تحميل (حزب الله) مسؤولية أي أعمال يمكن أن تُصيب المطار لاحقاً، وتشويه صورة الأجهزة الأمنية اللبنانية، وتوتير الأجواء في وقت يشهد مطار رفيق الحريري الدولي حركة استقبال ومغادرة كثيفة تضجّ بالحياة».