الحضور العربي في جنازة الرئيس الإيراني.. هل مجاملة دبلوماسية أم إشارة إلى تغيير مرتقب؟
- Author, إيثار شلبي
- Role, بي بي سي نيوز عربي
أثار الحضور العربي الواضح في جنازة الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي تساؤلات عدة في الأوساط السياسية بشأن مستقبل العلاقات العربية الإيرانية، وما إذا كان ما يصفه بعضهم بالإقبال العربي على الجنازة، يدل على تغيير دبلوماسي محوري مرتقب في العلاقات أم أنه لا يخرج عن إطار الأعراف الدبلوماسية لا أكثر.
واتسمت علاقات طهران بالدول العربية في عهد رئيسي بانفتاح كبير، ظهرت أبرز ملامحه في إبرام اتفاق وُصف بالتاريخي مع السعودية عام 2023، أنهى قطيعة دامت 7 سنوات بين البلدين، إلى جانب إحراز تطور في العلاقات مع بعض الدول العربية كمصر وتونس، ما دفع بعضهم للقول إن تحسين العلاقات الإيرانية العربية يأتي كأحد أبرز إنجازات رئيسي وحكومته.
ووفقا لوكالة الأنباء الإيرانية “إرنا” حضر قادة ومسؤولو 68 دولة مراسم جنازة رئيسي والوفد المرافق له، والتي عقدت في صالة المؤتمرات الدولية في طهران الأربعاء الماضي، من أبرزهم أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس التونسي قيس سعيد ووزراء خارجية كل من السعودية والإمارات والبحرين والكويت والعراق ومصر والأردن.
“بداية مرحلة جديدة”؟
ويرى محللون إيرانيون أنه رغم حضور اثنين فقط من قادة الدول العربية إلى جانب تمثيل دبلوماسي رفيع المستوى لتقديم واجب العزاء ، فإن ذلك قد يشير إلى أن ثمة تغيرا ما في العلاقات الإيرانية العربية بات في الأفق، من بينهم المحلل السياسي الإيراني حكم أمهز الذي يرى أن “الإقبال العربي في الجنازة كان نتاجا للعمل الدبلوماسي الذي عملت عليه حكومة رئيسي”، وأنه يترجم “انفتاح علاقات إيران على جميع دول الجوار العربية والخليجية”.
ويوافقه في هذه الرؤية، الدكتور حسين روي وران -الأستاذ في كلية الدراسات العالمية بجامعة طهران- الذي فسرلبي بي سي نيوزعربي حضور العرب إلى طهران، قائلا إن له دلالتان، الأولى “إنسانية وتضامنية” مع حادثة وفاة رئيسي الذي لقي مصرعه هو والوفد المرافق له بعد تحطم مروحية كانت تقلهم الأحد الماضي، والثانية هي دلالة “عقلانية” قد تشير إلى استحداث علاقات “قوية” جديدة بين طهران وبعض الدول العربية، على رأسها تونس. ويضيف قائلا: “بين تونس وإيران مسافة جغرافية كبيرة ولذلك فإن حضور قيس سعيّد إلى طهران، لأول مرة منذ توليه منصبه عام 2019، ربما يشير إلى بداية لعلاقة جديدة بين تونس وطهران في المرحلة المقبلة”.
-
مصرع الرئيس الإيراني في حادث تحطم الطائرة، فمن هو إبراهيم رئيسي؟
-
نقطة حوار – لماذا يتحرك الشارع الغربي لوقف حرب غزة ويبقى العربي ساكنا؟
-
أبرز ما نعرفه حتى الآن عن مصرع الرئيس الإيراني ومرافقيه منذ سقوط مروحيتهم
-
تعرض مروحية ضمن موكب الرئيس الإيراني لحادث إثر “هبوط صعب”
قصص مقترحة نهاية
يتفق معه في ذلك من تونس، فوراتي عبد العزيز، رئيس تحرير صحيفة الفجر التونسية سابقا، الذي قال لبي بي سي إن زيارة سعّيد – والتي تأتي من ضمن الزيارات الخارجية “القليلة ” للرئيس التونسي – تبرهن على ما وصفه بالـ”شجاعة السياسية” لتونس فيما يتعلق بعلاقتها التي تطورت بشكل كبير خلال الفترة الماضية مع إيران، مشيرا إلى أنه يتوقع “تطورا ملحوظا في العلاقات التونسية الإيرانية على الأصعدة كافة في الفترة المقبلة”.
-
من حضر مراسم تأبين الرئيس الإيراني في طهران من الوفود الدبلوماسية العربية والدولية؟
-
قصة الصراع في مضيق هرمز منذ الاحتلال البرتغالي وحتى الحرس الثوري الإيراني
المشاركة الخليجية: عرف دبلوماسي أم تغير سياسي؟
لطالما شهدت العلاقات الخليجية الإيرانية توترا كبيرا على مدار العقود الأربعة الماضية منذ اندلاع الثورة في إيران عام 1979، وذلك بسبب المواقف السياسية المتباينة والتنافس الاقتصادي والفكري بين الجانبين.
شرح معمق لقصة بارزة من أخباراليوم، لمساعدتك على فهم أهم الأحداث حولك وأثرها على حياتك
الحلقات
يستحق الانتباه نهاية
ويقول محللون إن التقارب الإيراني الخليجي تجسد بقوة في حضور وفود خليجية رفيعة المستوى لجنازة رئيسي، كان بعضها لافتا إلى حد كبير.
فمثلا، أثار حضور وزير الخارجية البحريني الدكتور عبد اللطيف الزياني إلى طهران، وهي الزيارة الأول له لهذا البلد منذ 13 عاما، تساؤلات بشأن مستقبل علاقات المنامة وطهرات التي تشهد حاليا قطيعة دبلوماسية، والتي عززتها تصريحات نقلتها وكالة الأنباء البحرينية الرسمية عن العاهل البحريني الشيخ حمد بن عيسى مفادها أنه “لا يوجد سبب لتأجيل عودة العلاقات الدبلوماسية بين المملكة وإيران” مشيرا إلى أن المنامة تتطلع إلى تحسين علاقتها مع طهران.
واتسمت علاقات البلدين بتوتر كبير طوال السنوات الماضية، ترافقت مع اتهامات بحرينية لطهران بالتدخل في شؤونها الداخلية، كما اتهمت المنامة طهران بتأجيج الاحتجاجات التي خرجت ضد نظام الحكم في البحرين عام 2011 وهوما نفته إيران. وفي عام 2015، استدعت البحرين السفير الإيراني بدعوة أن طهران تتدخل في الشأن العام الإيراني، ثم في 2016 ، قطعت البحرين علاقتها الدبلوماسية مع إيران، على غرار السعودية آنذاك، وذلك في أعقاب هجوم إيرانيين على السفارة السعودية في طهران والقنصلية السعودية في مدينة مشهد الإيرانية.
ويرى بعض المحللين الإيرانين ، مثل أمهز، أن العلاقات البحرينية الإيرانية تستلزم بعضا من الوقت من أجل إعلان الاستئناف وإعادة بناء الثقة. وأشار إلى أن العلاقات بين المنامة وطهران كانت قد بدأت بشكل تدريجي في التحسن في أعقاب إبرام الاتفاق الإيراني السعودي العام الماضي.
وقال لبي بي سي نيوز عربي: :”ما حدث من زيارة للوفد البحريني إلى طهران لتقديم التعازي في الجنازة مؤشر إيجابي على رغبة البحرين بأنها تريد أن تعزز العلاقات”.
ولكن، ومن المنامة، قال الكاتب السياسي البحريني عبد الله الجنيد لبي بي سي إن مشاركة بلاده في الجنازة تأتي في إطار “عرف دبلوماسي لا أكثر” مشيرا إلى أنه “ينبغي الفصل بين السياسة والأعراف الإنسانية، فكل الدول حضرت إلى الجنازة ليس لشخص إبراهيم رئيسي ولكن لصفة الرئيس الإيراني الذي توفى في حادث مروع” وأضاف أن “مشاركة البحرين كانت “لمواساة شعب يمر بفجيعة في موقف إنساني”.
أما فيما يخص الحضور السعودي، فعلق مراقبون على حضور وفد رفيع المستوى إلى الجنازة شمل وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، والسفير السعودي لدى إيران عبد الله بن سعود العنزي ، وكذلك الأمير منصور بن متعب بن عبد العزيز، مستشار الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز.
وقال الدكتور هشام الغنام، المشرف العام على مركز البحوث الأمنية بجامعة نايف العربية، لبي بي سي إن الزيارة هذه تعكس ما ترمي إليه المصالحة السعودية الإيرانية من علاقة أكثر استدامة واستقرارا بين البلدين، مشيرا إلى أن ما شوهد أثناء تقديم واجب العزاء من قبل وزير الخارجية السعودي ينم على تواجد ملامح “علاقة شخصية قريبة ومهمة ” مع المسؤولين الإيرانيين، تسهم في تقوية العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين، لكن – في رأيه- لا تزال إجراءات بناء الثقة تستلم بعض الوقت.
واستؤنفت العلاقات السعودية الإيرانية في مارس آذار من العام الماضي، بعد الإعلان عن اتفاق “تاريخي” تم بوساطة صينية ووضع حدا للقطيعة التي استمرت بين البلدين نحو سبع سنوات.
وفي هذا الإطار، قال الكاتب الصحفي السعودي مبارك آل عاتي، إن حضور الوفد السعودي بل والخليجي بشكل عام إلى جنازة رئيسي يؤكد على تمسك دول الخليج في المضي قدما نحو “تبريد الخلافات ومد المزيد من جسور التواصل مع إيران” ويعد كذلك إشارة من السعودية على الاتجاه صوب “البناء على ما تم تحقيقه من بناء للثقة خلال العام الماضي” وقد يتطور إلى بدء فعلي في تنفيذ الاتفاقيات – خاصة الأمنية – التي أبرمت في سياق المصالحة السعودية الإيرانية.