المسيرات العسكرية لحزب الله: تطور، أنواع، وقدرات خارقة للمجال الجوي الإسرائيلي

المسيرات العسكرية لحزب الله: تطور، أنواع، وقدرات خارقة للمجال الجوي الإسرائيلي

ظهر استخدام حزب الله اللبناني للطائرات المُسيرة في مطلع القرن الحادي والعشرين، ليضيف بذلك بُعدا جديدا لنطاق عملياته ضد الاحتلال الإسرائيلي. وقد تطورت هذه المسيرات بشكل ملحوظ على مدار الأعوام، فارتفعت قدراتها على تنفيذ مهام استطلاعية وهجومية داخل العمق الإسرائيلي، وأثبتت كفاءة كبيرة في اختراق المجال الجوي دون أن تتمكن منظومات الدفاع الإسرائيلية، بما فيها القبة الحديدية، من رصدها أو إسقاطها بشكل كامل. هذا التطور في قدرات حزب الله التكنولوجية شكّل تحديا كبيرا للجيش الإسرائيلي، الذي يجد نفسه عاجزا عن التصدي بشكل فعال لهذه الطائرات التي أصبحت وسيلة رئيسية في جمع المعلومات وتنفيذ الهجمات الدقيقة.

تطور المسيرات العسكرية لدى حزب الله

كانت البداية الفعلية لاستخدام حزب الله للطائرات المُسيرة خلال حرب لبنان الثانية عام 2006، حيث أطلق الحزب طائرة “مرصاد 1” في عمليات استطلاعية داخل الأجواء الإسرائيلية، لكن تلك الطائرات كانت ذات قدرات محدودة نسبيا وتُستخدم بشكل أساسي لجمع المعلومات الاستخباراتية. بمرور الوقت، طوّر الحزب مجموعة من الطائرات المُسيرة، سواء بالاعتماد على دعم خارجي أو من خلال تحسين القدرات الذاتية، ليصبح قادرا على إطلاق طائرات بقدرات هجومية واستطلاعية متنوعة، ذات نطاق أوسع وقدرة على التخفّي بشكل أكبر.

قدرات اختراق المجال الجوي الإسرائيلي

أثبتت الطائرات المُسيرة لحزب الله قدرتها على اختراق الأجواء الإسرائيلية والوصول إلى أهدافها دون أن تتمكن الأنظمة الدفاعية الإسرائيلية من التعامل معها بفعالية. هذه الطائرات، التي تعتمد على تكنولوجيا التوجيه الذاتي والتخفي، تتفادى الرصد بسهولة نسبية، مما جعل من الصعب على الجيش الإسرائيلي اعتراضها أو إسقاطها. وتعتبر القبة الحديدية واحدة من أبرز أنظمة الدفاع الجوي لدى إسرائيل، لكن هذه المنظومة المصممة لاعتراض الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، لم تثبت كفاءة كافية في التعامل مع الطائرات المُسيرة الصغيرة والمراوغة.

أنواع المسيرات التي يمتلكها حزب الله ووظائفها

حزب الله يمتلك ترسانة متنوعة من الطائرات المُسيرة، تتراوح وظائفها بين الاستطلاع وجمع المعلومات الاستخباراتية وتنفيذ العمليات الهجومية، وهنا أبرز هذه الطائرات ووظائفها:

  1. مرصاد 1: تُعدّ هذه الطائرة من أقدم المسيرات التي استخدمها حزب الله في عمليات استطلاعية داخل الأجواء الإسرائيلية. كانت تتمتع بقدرات محدودة، لكنها ساهمت في جمع المعلومات ورصد تحركات الجيش الإسرائيلي.
  2. مرصاد 2: تعتبر تطويرا لطائرة “مرصاد 1” بقدرات محسّنة على التحليق لفترة أطول ومسافة أبعد، ما يجعلها فعّالة أكثر في المهام الاستطلاعية ومراقبة الحدود.
  3. مسيرة الصاعقة والصاعقة 2: تُستخدم هذه المسيرات لأغراض هجومية، حيث تتمتع بقدرة على حمل قنابل صغيرة واستهداف مواقع حساسة داخل إسرائيل. وقد نفّذت هذه الطائرات عمليات قصف محدودة داخل الأراضي المحتلة.
  4. أبابيل- تي: طائرة استطلاعية متطورة تستخدم لجمع المعلومات عن المواقع العسكرية والبنية التحتية الإسرائيلية، وتوفر لحزب الله معلومات دقيقة تساعده في التخطيط الاستراتيجي.
  5. الهدهد: طائرة صغيرة الحجم تُستخدم بشكل رئيسي في عمليات المراقبة وجمع المعلومات القريبة، وقد تكون ذات نطاق قصير لكن تتمتع بقدرة عالية على التخفّي.
  6. شاهد 136: طائرة إيرانية الصنع، قادرة على التحليق لمسافات طويلة وبسرعات مرتفعة، وتتميز بقدرتها على تنفيذ هجمات دقيقة. يُعتقد أنها مزودة بمواد متفجرة تستخدم لضرب أهداف استراتيجية، وتمثل تهديدًا كبيرًا للمنشآت العسكرية.
  7. ميراج 532 ومهاجر 6: مسيرات تتميز بمدى طيران طويل ونظم رصد متقدمة، حيث يمكن استخدامها لرصد التحركات العسكرية عن بُعد دون الحاجة للاقتراب من المجال الجوي الإسرائيلي بشكل مباشر.
  8. كرار وصامد: مسيرات هجومية تحمل ذخائر صغيرة وتستخدم في تنفيذ عمليات قصف دقيقة داخل الأراضي الإسرائيلية. تعتبر هذه الطائرات من الأنواع التي يصعب على أنظمة الدفاع اكتشافها واعتراضها.
  9. حسان: مسيرة جديدة نسبياً، مزودة بتكنولوجيا متقدمة لجمع المعلومات وتنفيذ عمليات هجومية، وتُعدّ من بين المسيرات التي تحقق لحزب الله نقلة نوعية في القدرات القتالية الجوية.

أمثلة على الهجمات بالمسيرات

منذ إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي عن عمليته في جنوب لبنان، بدأت مسيرات حزب الله تظهر بشكل جلي أكثر في استخدام شبه يومي لها بحيث تقوم بعمليات استطلاعية وهجومية ضد أهداف داخل إسرائيل، خاصةً في مناطق الجليل والشمال، وأحيانا تمتد إلى العمق بشكل غير مسبوق. على سبيل المثال، استهداف معسكر تدريب للواء غولاني في بنيامينا جنوبي حيفا بسرب من المسيرات الانقضاضية ما أسفر عن إصابة 67 شخصا بينهم 10 في حالة خطيرة من جنود الاحتلال، ما أثار قلقاً لدى القادة الإسرائيليين من أن هذه المسيرات قادرة على استهداف أهداف دقيقة وحيوية في الداخل الإسرائيلي.

الخاتمة

باتت المسيرات جزءا لا يتجزأ من استراتيجيات حزب الله العسكرية، حيث توفر له وسيلة غير مكلفة نسبيا لكنها فعالة للتأثير على العمق الإسرائيلي. وقدرة هذه الطائرات على التخفّي والتهرب من الرصد تمثل تحديا مستمرا للجيش الإسرائيلي، الذي يعمل باستمرار على تطوير أنظمته الدفاعية لمواجهة هذا التهديد المتزايد.